من طرائف السياسة السودانية قضية المستقيلين عن الحزب الشيوعي الذين يدمنون الرغبة في إدارته من الخارج. هنا أميز بين حق النقد من الخارج من ناحية ومن ناحية أخري التدخل في شؤونه الداخلية تحت غطاء هذا النقد. بما أن الحزب الشيوعي فاعل سياسي شديد الأهمية يساهم في صياغة مصير الوطن، إذن من حق أي مواطن سوداني أن ينتقده أو يعلق علي منتوجه. وقد مارست كل أطياف اللون السياسي هذا ألحق من أقصي الأعداء إلي الأصدقاء إلي الشيوعيين من منازلهم. وجاء النقد بمزيج متنوع: أحيانًا بالموضوعية، وأحيانًا بالمبالغة، وبين السادية والمحبة، والترصّد والحياد. كل هذا مقبول ومشروع، ولم يعارضه الحزب بل أحيانًا شجعه — ضمناً أو صراحةً — كجزء من حيوية الحياة السياسية. لكن لكن الغرابة تكمن في الخارجين عن الحزب الذين يعبرون عن رغبة عارمة في إدارة شأنه الداخلي بعد خروجهم – ليس بالنقد المشروع وإنما بتحديد تفاصيل عمله الداخلي من كيفية إنتاج الموقف إلي آليات إنتاجه وتفعيله وتنزيله بالشولة والنقطة. هنا يصبح الأمر أشبه بمحاولة قيادة سيارة الأخرين من المقعد الخلفي وانت راكب ملح! لا أملك خبرة تنظيمية تؤهلني للإفتاء هنا. لكني أظن أن للحزب خصوصيته التنظيمية التي تفرض التزامات صارمة على أعضائه: الالتزام بالخط السياسي، دفع الاشتراكات، حضور الاجتماعات، وأعتقد في وجود تفاصيل داخلية تترك للأعضاء الملتزمين بالخط ودفع الاشتراك والاجتماعات وهي أشد بأسا من جميع باقي التزامات العضوية. أيام الجامعة كنا نذهب للدراسة ونعود للداخلية حوالي الثانية ظهرا لناكل فاصوليا أو قرع علي حساب الشعب السوداني ثم نذهب لننام تحت مراوح الشعب السوداني. ولا أجمل من نومة القيلولة في المناطق الحارة. ولكن أهل الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية كانوا يذهبون لاجتماعات في حوالي الساعة الثالثة تستمر ساعات طويلة مليئة بالتوتر والجدل الحار. لذلك يكونون مرهقين بعض الشيء من سهر الضهر حينما نقابلهم بعد المغارب ومزاجهم متعكر من البرجوازية التي نامت الضهر مثلنا. وقد ضاق صديق ذرعا باجتماعات منتصف اليوم وقل لي "تعرف يا معتصم الإشتراكية دي ما هزمتها حاجة غير الاجتماعات الكتيرة." المهم، كيف يُطالب من ترك تلك الاجتماعات المميتة و من تخلى عن واجبات الحزب بالاحتفاظ بجميع حقوق العضوية؟ الأمر أشبه بمن يريد أن يحتفظ بمفاتيح بيت باعه وغادر! ليس من الإنصاف الحفاظ علي جميع حقوق العضوية بعد ركل واجباتها. لكن كما يقول المثل الساخر بين المناجل: "ممكن تطلع من الحزب، لكن الحزب ما بيطلع منك!" ملحوظة: هذا البوست أيضا تطفل علي شؤون الحزب وناسو الجوة والبرة. الغرض منهو لا يتعدي كوميديا لو طلعت منو ما بيطلع منك. تحذير صارم: لست بخبير تنظيمي وكلامي ده مجرد ثرثرة لا يعتد بها. ما تاخدو سيريوسلي، معتصم اقرع إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة