ردود أفعال واسعة وجدها تصريح النائب الأول للرئيس،رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت التي دعا فيها لأول مرة صراحة الى أن يختار الجنوبيون خيار الانفصال في الاستفتاء القادم عام 2011م معللا ذلك بان بقاء السودان موحدا سيجعل من الجنوبيين «مواطنين من الدرجة الثانية». ويعتقد محللون ان تصريحات سلفاكير جاءت معبرة عن حالة احباط تنتاب «الحركة الشعبية» كنتاج طبيعي لممارسات شريك الحكم واتفاق نيفاشا من اختراقات وتسويف تجاه تنفيذ الاتفاق . بينما يرى آخرون ان الرجل يعبر عن موقف اصيل له مستشهدين بمواقفه قبيل تنفيذ الاتفاق وموقفه من الاطروحات الوحدوية لمؤسس «الحركة الشعبية» الراحل د. جون قرنق . ويحتج اصحاب الرأي الاول بأن القائد سلفاكير ظل والى وقت قريب يدعو الى الوحدة، وجدد غير مامرة التزام « الحركة الشعبية» بالوقوف الى جانب الوحدة عند لحظة الإستفتاء وهي التصريحات التي ادلى بها سلفاكير مخاطبا جماهير مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان في اول مخاطبة له خارج حدود جنوب السودان. وقال بعبارات واضحة ان وحدة السودان هي الخيار الاول الذي تطرحه الحركة الشعبية ، وان على الجنوبيين ان يعلموا ذلك عندما يتقدمون لصناديق الإستفتاء على تقرير المصير . ويبدو أن العبارة الحاسمة في حديث سلفاكير هي قوله «سأوجه شعب الجنوب بالتصويت للوحدة» قبل ان يقول : علينا كحكومة العمل بكل جد واجتهاد لجعل هذا الخيار الوحدة جاذبا من خلال تقديم افضل الخدمات وتنفيذ مشروعات التنمية بالجنوب ، ويشترط سلفاكير ان تكون الوحدة جاذبة ، وهي العبارة التي اعتبرها البعض مزعجة وقال لي الناشط السياسي محمد عابدين سند متسائلا : الى من يوجه سلفاكير او «الحركة الشعبية» خطابها بضرورة ان تكون الوحدة جاذبة ؟ فيما يرى مراقبون ان الحركة باشتراطها هذا تختزل الشمال وخياراته من مسألة الوحدة في المؤتمر الوطني، ويقول عابدين ان الموقف الاساسي للحركة الشعبية انها حركة وحدوية وانها ظلت ترفع هذا الشعار بالتالي لا معنى لوجود موقف ثاني ولا معنى للتأرجح بين موقفين، بينما يرى محمد ابراهيم الحاج الباحث في مجال الاقتصاد ان سلفاكير قد ادلى بتصريحاته تلك متأثرا باجواء الاحباط العام جراء تلكؤ المؤتمر الوطني في تنفيذ بنود الاتفاق ويحتج الحاج بتصريحات سلفاكير التي ادلى بها قبل وقت قليل من تصريحه الذي يدعو فيه الى تغليب خيار الانفصال، عندما ذكر أن حكومة شمال السودان فشلت في تنفيذ اتفاقية السلام والتقدم في ترسيم الحدود بين شمال وجنوب السودان. واضاف «هناك مشكلات تواجهنا في تطبيق الإتفاق، وكان من المفترض أن نكون قد أكملنا ترسيم الحدود على الخرائط، وأن نكون قد قدمنا هذا التقسيم للرئاسة السودانية في سبتمبر الماضي، ولكن ذلك لم يتم وتم تأجيل المسألة إلى 23 نوفمبر المقبل لتقديم التقسيم على الخرائط إلى الرئاسة وإذا تم ذلك فسوف يتم تطبيقه على الأرض قبل الإنتخابات . الا ان هناك من يعتقدون أن هنالك عناصر مؤثرة داخل الحركة الشعبية خاصة في حكومة الجنوب يغلب عليها النزوع نحو الانفصال وهم الذين يطلق عليهم محمد علي جادين الكاتب الصحافي، اصحاب النزعة القومية من الذين فرضوا حق المطالبة بتقرير المصير على «الحركة الشعبية» ابان مفاوضات نيفاشا ، غير انه هنالك من يؤكد ان هذه القيم تزعزعت في ظل الصراعات التي يعيشها الجنوب وتربص دول الجوار به ، وتجد التصريحات الاخيرة لسلفاكير من يدافع عنها اوساط القوى الجنوبية و»الحركة الشعبية» ويقول القائد ادوارد لينو إن سلفا كير يعكس ما يدور في أذهان الجنوبيين الآن، ومضى أنهم يرون أن الأوضاع الحالية صالحة للانفصال أكثر من أي شيء آخر.، ومن الواضح ان تصريحات لينو تحمل المؤتمر الوطني بشكل مباشر الدوافع التي جعلت سلفا يدلي بتصريحه ذاك ويرى ان المؤتمر الوطني يتحمل مثل هذه المآلات نسبة لتباطئه في تنفيذ بنود الاتفاق وفي هذا الاتجاه يقول لينو إن أسباب الانفصال موجودة،معددا منها عدم تنفيذ قضايا في الاتفاقية، وعدم تعديل 9 قوانين من بينها قانون جهاز الأمن، لتتوافق مع الدستور واتفاق السلام، وقال إن حسابات النفط فيها «غش»، كما أن موضوع أبيي لم يتقدم إلى الأمام بعد قرار محكمة التحكيم في لاهاي، وقال إن تخصيص نسبة 28% من الوظائف القومية للجنوبيين لم ينفذ حتى الآن . غير ان هنالك في اوساط الجنوبيين من يرى تصريحات سلفاكير متعجلة ونكوص عن مبادئ تحملها الحركة من اعلاء لقيم الوحدة ،كما ابدى عدد من قيادات المعارضة قلقهم من مضمون تصريحات سلفا ،و لم يفوت المؤتمر الوطني الفرصة للظهور بمظهر حامل لواء الوحدة وهذا ما تظهره تصريحات قيادات بالمؤتمر الوطني هاجمت تصريحات سلفاكير واعتبروها نكوصا عن اتفاقية السلام ومناقضة لبنودها التي تتحدث عن تغليب خيار الوحدة، كما اعتبرها قمة الفشل في ادارة شأن الجنوب .، ويرى غير قليل من المحللين في تصريحات قيادات المؤتمر الوطني مجرد مراوغة سياسية وأن الحزب الإسلامي هو من يتحمل مسؤولية بلوغ قيادات الجنوب إلى هذه النقطة.