أخيراً تراجعت وزارة العمل والخدمة العامة وتنمية الموارد البشرية عن القرار الذي اتخذته الشهر الماضي مما ألحق ظلماً على شريحة أمضت ردحاً من الزمن في تجويد وتطوير العمل فترة لا تقل عن ال«10» سنوات، وكان هذا الظلم جراء قرار من الوزارة بإيقاف وتجميد فك الإختناقات الوظيفية بالمؤسسات والشركات والوحدات الحكومية، وكان أكثر المتضررين من القرار هم الموظفون من حملة الشهادات الثانوية الذين يزيد عددهم عن «26» ألف عامل في جميع المؤسسات العامة. وأكد كثير من الموظفين والعاملين بوزارات ووحدات مختلفة أن مؤسساتهم بادرت بتجميد الترقيات والعلاوات المتعلقة التي يستحقونها، وأمس الأول أصدرت الوزارة قراراً ألغت فيه قرارها السابق. ووصف الاتحاد العام لعمال السودان تراجع الوزارة عن القرار بعودة الحق لأصحابه، وأشاد الاتحاد بالإلغاء باعتباره صدر بعد أن دفع الاتحاد بمذكرة عاجلة للجهات ذات الصلة حتى رئاسة الجمهورية موضحاً فيها ان الاتحاد كشف فيها تضرر اكثر من «26» ألف عامل بسبب التجميد، وأن قرار وزارة العمل لا علاقة بينه وبين لائحة الخدمة للعام 2007م، التي تنص على مساواة العاملين كافة في الحصول على الامتيازات، وأضاف ان القرار يجمد أيضاً إجراءً كان يستهدف إلغاء الترقيات والعلاوات التي حصل عليها الثانويون. ويوضح خبراء في مجال العمل والخدمة العامة أن القرار الملغي بُني على «باطل» ولم تسند فيه وزارة العمل جهة قانونية تؤكد الإتجاه لتجميد مخصصات «حملة الشهادات الثانوية من العاملين في الدولة»، وأضاف الخبراء أن حملة الشهادات الثانوية الذين استهدفهم القرار هم من أكفأ العاملين الذين اكتسبوا خبرة واسعة في مجال العمل العام. ويقول الخبراء إن القرار الذي أُلغي ينص بشكل واضح على عدم تجاوز حملة الشهادات الثانوية للدرجة الخامسة بالخدمة المدنية، موضحين أن القرار يتعارض بشكل كبير مع المنشورات التي صدرت في السابق بقرارات جمهورية الأمر الذي يسهم في عدم الحرص على حقوق العاملين والتفريط في مكتسباتهم التي كفلها القانون لسنوات عديدة. وكشفت مصادر ل«الرأي العام» بوزارة العمل عن وجود خلاف واضح شهدته الوزارة قبل صدور القرار بين مؤيد ومعارض لقرار تجميد فك الإختناقات الوظيفية. وأكدت المصادر ان المؤيدين للقرار بالوزارة اعتمدوا على قانون العمل للعام 2008م، الذي ينص على أن حملة الشهادات الثانوية لا ينافسون في الترقي والذي حصرته على حملة الشهادات الجامعية فقط، ووصف مصدر هذا الأمر بالخرق في قانون العمل واعتبره غير مطابق للائحة وشروط الخدمة. ودعا المصدر الدولة ان تقوم بوضع حل جذري وتعديل قانون العمل للعام 2008م وحذف الجانب المتعلق بعدم ترقية حملة الشهادة السودانية، مشيراً الى أن بعض المؤسسات تعتمد على هذا القانون في تقليص وإسقاط حقوقهم لأسباب لا علاقة لها بالأداء. ويؤكد بعض العاملين الذين يعملون في مؤسساتهم لفترة تتجاوز الأعوام العشرة أنهم ظلوا في درجة واحدة وأحياناً يتم ترقيتهم بعد بقائهم في درجة وظيفية واحدة ل«5» سنوات. وتقول «سمية يوسف» - تعمل لأكثر من 12 عاماً بوحدة حكومية بشهادة ثانوية- إنها ظلت تقوم بواجبها العملي بكفاءة وانضباط تامين، وتضيف في حديثها ل«الرأي العام» إن وزارة العمل لم تراع الخبرة التي يقوم بها العاملون من حملة الثانوية وطالبتها بأن تقوم بإجراء دراسة شاملة لموقف العاملين من حملة الشهادات الثانوية أو العليا «أو فوق الجامعية»، وتحديد معيار الأداء بدلاً عن التركيز على المؤهل فقط. واحتج عدد من «العاملين الثانويين» من قرار وزارة العمل ووصفوا القرار بالمجحف والظالم، وقالوا إن مثل هذا القرار كان يجب ان يكون قبل دخولهم للمجال العملي، ولكن بعض متخذي قرار فك الإختناقات الوظيفية بديوان شؤون الخدمة أشاروا الى أن القرار لم يستهدف جميع حملة الشهادات الثانوية وإنما يستهدف بعض قطاع الثانويين من حملة الشهادة الثانوية الذين تمت ترقيتهم وترفيعهم بعدد من المصالح والمؤسسات الحكومية ضمن المشروع لدرجات تجاوز الدرجة الخامسة بالخدمة المدنية. وقال مصدر إن الديوان يسعى بالتنسيق مع وزارة العمل وبعض الجهات ذات الصلة لعدم التراجع عن قرار تجميد فك الإختناقات الوظيفية بل وإجازته بصورة اخرى في الفترة القادمة بعد الجهد المبذول حالياً. وعزا السبب لعدم التساوي في العلاوات والترقيات من العاملين حملة الشهادات الثانوية والجامعية في أي مخصصات لوجود فرق في الشهادات. ولكن اتحاد عمال السودان اكد عدم التراجع عن قرار إلغاء «القرار السابق» فك الإختناقات واعتزامه بتحويل أية جهة تريد إرجاع العاملين للمربع الأول للقانون وتطبيقاً للوائح معينة. وأشار الاتحاد الى إىقاف أي إجراءات تعلقت ببدء بعض الجهات أو المؤسسات الحكومية في تنفيذ قرار فك الإختناقات الوظيفية بعد اعتراف و زارة العمل صاحبة إصدار القرار بالرجوع عنه. إحسان الشايقي :الراي العام