عقب الاشتباكات الدامية التي شهدتها منطقة أبيي المتنازع عليها بين شمال السودان وجنوبه وتعثر تنفيذ البروتوكول الخاص بها ضمن اتفاقية السلام الشامل الموقعة عام 2005، لم يجد طرفا الاتفاقية بدا من اللجوء إلى التحكيم الدولي لإنهاء النزاع المستحكم حول المنطقة. فبعد شهر تقريبا من اتفاق قيادتي حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على إحالة النزاع إلى هيئة التحكيم الدولية بلاهاي، وقع علي عثمان محمد طه نائب الرئيس السوداني ورياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب أمس الاثنين على الاتفاقية إيذانا ببدء تنفيذها. وقد تباينت آراء الخبراء السياسيين بين مؤيد ورافض للتحكيم الدولي وآخر محذر من نتائج قد تقود إلى صراع جديد فوق طاقة الطرفين. خطوة إيجابية واعتبر مسؤول ملف أبيي في حزب المؤتمر الوطني الدرديري محمد أحمد أن التوقيع على الاتفاقية خطوة إيجابية في إنفاذ بروتوكول أبيي. وقال للجزيرة نت إن حزبه سيسعى من جانبه للإيفاء بكافة التزاماته تجاه القضية وسيوالي المشاورات مع شركائه في الحكم للخروج من الأزمة عبر حلول مرضية للجميع. أما عضو الحركة الشعبية في لجنة ملف أبيي لوكا بيونق فوصف التوقيع بالخطوة المهمة والإيجابية، وقال إنها تبين جدية الطرفين في حل خلافاتهما عبر الوسائل السلمية. وأكد في تصريحات صحفية أن التوقيع على الاتفاقية يشير إلى أن الطرفين يعملان بجدية لتنفيذ اتفاقية السلام "التي يدعمها المجتمع الدولي ويؤيدها"، مشيرا إلى أن هناك رغبة كبيرة في حسم القضية دون الوقوع في أي مشكلات جديدة. مساومات بيد أن الخبير السياسي عبد العزيز خالد اعتبر أن ترحيل القضية إلى التحكيم الدولي يعكس الفشل في قدرة القيادات السودانية على إيجاد حلول للبؤر والنزاعات الموجودة في البلاد. ولم يستبعد خالد الذي كان يتحدث للجزيرة نت وجود مساومات تمت بين الشريكين، وربط بين تمرير الحركة الشعبية قانون الانتخابات الذي أجازه البرلمان مؤخرا رغم رفضها له، وموقف المؤتمر الوطني من اللجوء إلى التحكيم الدولي رغم رأيه السلبي فيه. وقال إن "الأمر تتحكم فيه عقلية داخلية انفصالية غير معلنة أن يجاز قانون الانتخابات بعلاته للشمال وأن يؤدي التحكيم بنقل أبيي لمصلحة الحركة الشعبية وبالتالي الجنوب". غير أن الخبير السياسي إدريس البنا اعتبر الأمر قرارا حكيما سيؤدي إلى نتائج إيجابية بغض النظر عن أيلولة المنطقة. وتمنى في حديثه للجزيرة نت لو أنه تم حسم الأمر دون اللجوء إلى التحكيم الدولي، "لكن بتغير الظروف ربما يتمكن المجتمع الدولي من إلزام الطرفين بما يصدر عن المحكمة". من جهته اعتبر الخبير السياسي وعضو المحكمة الأفريقية حسن عبد الله الحسين أن هناك مقلبا وقع فيه المؤتمر الوطني "لأن المحكمين ضمن القائمة الموجودة بالمحكمة ولن يسمح لأي طرف باختيار محكمين من غيرهم". وتوقع في حديث للجزيرة نت أن يحكم القضاة لصالح الجنوب "فرغم أنهم قد يكونون من المتمكنين ، فإن منطلقاتهم ستكون وفق ما يرتضيه الغرب الذي يعادي حكومة البشير". عماد عبد الهادي-الخرطوم :الجزيرة نت