بالرغم من اهتمام الدولة أخيرا بتوفير السكن الشعبي للشرائح ذات الدخل المحدود ،وبالرغم من التوسع الكبير الذي ظلت تشهده العاصمة في توزيع الخطط الاسكانية ،الا أن كل هذه الجهود لم تسهم في توفير مساكن لاعداد كبيرة من المواطنين الذين يلجأون الي خيار الايجارات بمختلف أحياء العاصمة التي تم تصنيفها ضمن أكثر عواصم العالم ارتفاعا في اسعار المساكن بقيمة الايجارات ،بل ان البعض ذهب بعيدا معتبرين أن الخرطوم هي الاغلي بين الدول العربية والافريقية فيما يختص باسعار الايجارات وشراء المنازل الجاهزة ،واخيرا ونسبة للارتفاع الكبير في الاسعار وكل الخدمات ،شهدت اسعار الايجارات هي الاخري ارتفاعا كبيرا مما شكل هذا عبئا كبيرا علي المؤجرين الذين جأروا بالشكاوي من صعوبة بل استحالة الايفاء بفواتير الاكل والتعليم والعلاج والايجارات في وقت واحد ،وهذا ماجعل الكثيرين يواجهون مصير التنقل من منزل الي اخر خلال فترات متقاربة . وتقول المواطن فاطمة محمد التي تقطن باحد احياء امدرمان العريقة : نواجه معاناة حقيقية في الايفاء بالايجار الشهري وذلك بسبب الظروف الاقتصادية الحرجة التي أثرت علي السواد الاعظم من المواطنين ،وخلال الاشهر الاخيرة ارتفعت قيمة الايجار الي ارقام لانستطيع حيالها الالتزام وذلك لضعف العائد وارتفاع تكلفة الحياة ،وهذا يعرضنا للتنقل من منزل الي اخر او الاحراج والاساءات من قبل ملاك المنازل ،وهي مواقف محرجة تحدث لنا امام اطفالنا وهذا يؤثر عليهم نفسيا ،ولكن ماذا نفعل ،وتشير الي ان زوجها يعمل موظفا و لا يملك القدرة علي دفع الايجار والوفاء بالتزامات الحياة الاخري ،وقالت ان التنقل من حي الي اخر اثر علي استقرار اطفالهم في التعليم ،اما المواطنة نجوي محمد حامد فتقول : عند اقتراب الشهر من نهايته تبدأ معاناتنا الحقيقية ،فتوفير مبلغ الايجار بات امرا بالغ الصعوبة في ظل ارتفاع تكاليف الحياة المختلفة ،وبكل صدق نعاني أشد المعاناة ولانعرف متي ينتهي هذا المسلسل ،واعتقد ان الدولة مطالبة بالمزيد من الضوابط والتدخل لتحديد أسعار الايجارات وليس ترك الحبل علي قارب أصحابها الذين يحددون اسعارا غريبة وحسب مزاجهم ، غير أن بابكر بشير صاحب عقارات الاخوة بسوبا شرق يري ان اسعار الايجارات تشهد تدنيا بسبب الركود الاقتصادي ،وقال انهم تأثروا كسماسرة سلبا بعزوف المواطنين عن الايجارات وان هناك الكثير من المساكن شبه خالية ،وكشف جعفر منصور صاحب عقارات الشرقية بالجريف عن تدني نسبة العمل الي 50% عما كانت عليه في السابق ،وقال ان أكثر الشرائح التي تقبل علي الايجارات هم الموظفون ،وأكد ارتفاع أسعار الايجار بالسودان مقارنة بالدول الاخري وعزا ذلك الي ارتفاع تكلفة الحياة .