وسط توقعات الخبراء الفلكيين بأن يكون صيف هذا العام 2011 أطول وأشد حرارة ورطوبة من الأعوام الماضية، يضع أصحاب المصانع في السعودية "أيديهم على قلوبهم" تخوفاً من انقطاعات الكهرباء، والتي لم تخف شركة الكهرباء السعودية إمكانية حدوثها في حال زادت الأحمال على الشبكة عن طاقتها. ورغم أن مشكلة انقطاع الكهرباء عن المصانع في فصل الصيف ليست بالجديدة، إلا أن الجديد هو اشتداد الحرارة هذا العام مع توقعات مكاتب السياحة والسفر بأن تكون السياحة الرئيسة في المملكة لهذا الصيف داخلية بسبب الأوضاع السياسية في الوطن العربي، وصعوبة السفر إلى أوروبا وأمريكا بسبب تعقيدات الحصول على فيزا، يضاف إلى ذلك قصر فترة الإجازة والتي تصل إلى 40 يوما بعدها يدخل شهر رمضان المبارك حيث يفضل معظم السعوديين قضاءه داخل المملكة. وذكرت مصادر ل "العربية.نت" في "كهرباء السعودية" أن الشركة تتوقع استهلاكا كبيرا للكهرباء في هذا الصيف، وستكون هي الأعلى في تاريخ المملكة، وأن الشركة وضعت في حسبانها انقطاع الكهرباء، بالرغم من المشاريع الجديدة التي دخلت الخدمة خلال العامين الماضيين. ونقل مسؤولون في اللجنة الصناعية في غرفة الشرقية أن انقطاعات الكهرباء أمر وارد جدا، خاصة أن شركة الكهرباء تفضل قطع التيار عن المصانع بدلا من المنازل، وهو أمر تتفهمه المصانع، إلا أنهم أكدوا على ضرورة إيجاد حلول لهذه المشكلة، مؤكدين أنهم خلال الأعوام الماضية بحثوا هذا الأمر مع المسؤولين في شركة الكهرباء، والحلول المطروحة. صيف حار وطويل وحول التوقعات المناخية، فقد قال أستاذ الفيزياء الفلكية وخبير الأرصاد في جامعة الملك الدكتور علي الشكري فهد بأن صيف هذا العام 2011 سيكون أطول وأكثر حرارة ورطوبة من الأعوام الماضية، إلا أنه استبعد تسجيل أرقام قياسية كما حصل في الصيف الماضي. وتوقع أن تكون أقصى درجة حرارة يتم تسجيلها هذا الصيف 47 درجة مئوية مع احتمال ضئيل أن تصل إلى 49 درجة، وقال إنه من المستبعد أن يتم تسجيل أرقام قياسية كما حصل العام الماضي عندما سجلت المنطقة الشرقية 52 درجة مئوية، بينما سجلت جدة الرقم الأكبر الذي بلغ 53 درجة مئوية. وأوضح خلال ندوة في الجامعة، أن صيف هذا العام بدأ مبكرا وأضاف أن نماذج الأرصاد تشير إلى زيادة في درجات الحرارة بسبب عدة عوامل أهمها أن الشتاء كان قصيراً ودافئا في معظم مناطق المملكة، إضافة لقلة منسوب الأمطار. وقال إن شهري أبريل ومايو هما فترة اضطرابات مناخية تتقلب فيهما الأجواء وتنشط الرياح المثيرة للأتربة. وأضاف إن درجات الحرارة وصلت في الصيف الماضي إلى أرقام قياسية لم يسبق أن تم تسجيلها منذ بدء رصد درجات الحرارة في المملكة قبل أكثر من 60 عاماً وقد سجلت مدينة جدة 53 درجة مئوية كما سجلت المنطقة الشرقية 52 درجة مئوية وأوضح أن هناك احتمالاً لتكوّن سحب خفيفة غير ممطرة. وقال الشكري إن هذه التوقعات تشمل المناطق الداخلية والساحلية، مشيراً إلى عوامل أخرى تؤثر على المرتفعات الغربية والجنوبية الغربية، ولفت إلى أن كثرة العوامل المؤثرة على مناخ المملكة بسبب اتساعها وتفاوت تضاريسها حيث تشكل الصحاري نسبة كبيرة منها كما توجد سلاسل جبلية ووديان وهضاب يجعل المناخ غير مستقر ويجعل هامش الخطأ في التوقعات أكبر. وقال إن المملكة تتأثر بالمناخ المداري والمرتفعات الجوية القادمة من أفريقيا والمحيط الهندي بسبب مرور مدار السرطان في نصفها الجنوبي وقربها من خط الاستواء كما تتأثر بالمرتفعات الجوية الباردة القادمة من شمال إيران وشمال غرب آسيا، وأوضح أن المرتفعات الجوية القادمة من الشمال تكون باردة لكنها مثيرة للأتربة بينما تكون المرتفعات الجوية القادمة من أفريقيا والمحيط الهندي رياح حارة ومحملة بالرطوبة، وقال إنه في الصيف تكون أغلب الرياح جنوبية شرقية وجنوبية وجنوبية غربية مما يزيد من مستوى الحرارة والرطوبة خلال الصيف إلا أننا نشعر أحيانا بتلطف مفاجئ للجو نتيجة لهبوب رياح شمالية ولكنها محملة بالعوالق. الاحتباس الحراري وأكد أن الاحتباس الحراري عامل مهم في ارتفاع درجات الحرارة، مشيرا إلى أن ارتفاع نسبة ثاني اكسيد الكربون في الجو يتسبب في منع جزء من حرارة الشمس من الدخول للغلاف الجوي لكنه يسمح بمرور الضوء المرئي وأشعة الراديو التي تمتصها الأرض ثم تبث حرارة على شكل أشعة تحت حمراء لاتستطيع الخروج من الغلاف الجوي بسبب طبقة ثاني أكسيد الكربون التي تشكل عازلا حراريا ويؤدي ذلك لارتفاع مستمر في درجة الحرارة. وأوضح أن فكرة الاحتباس الحراري تشبه ما يحدث داخل السيارة عند إيقافها في الشمس خلال الصيف، فبالرغم من أن الزجاج عازل حراري ممتاز ويمنع دخول أكثر من 70 في المئة من حرارة الشمس إلا أنه يسمح بدخول الضوء المرئي وبعض الأشعة الأخرى التي يتم امتصاصها داخل مقصورة السيارة والتي تبث بدورها حرارة يحتجزها الزجاج داخل السيارة مما يؤدي لارتفاع درجة الحرارة داخل السيارة أكثر من خارجها. وقال إن المملكة جزء من نصف الكرة الأرضية الشمالي وسيكون 22 يونيو موعد الانقلاب الصيفي، حيث يصادف أطول نهار وأقصر ليل في السنة ويعتبر ذلك في كثير من دول الشمال البداية الفعلية للصيف ولكن في المملكة يبدأ الصيف مبكرا في أواخر شهر مايو إلا أنه في هذه السنة أتى مبكرا أكثر من المعتاد. وأشار إلى أن اتساع المملكة وتنوع تضاريسها يتسببان في اختلافات مناخية بين المناطق ولكن معظم مناطق المملكة تقع ضمن نطاق المناخ الصحراوي وهو مناخ شديد الحرارة في الصيف مع اعتدال نسبي للحرارة في الليل في المناطق الداخلية، أما المناطق الساحلية فحرارتها أقل ولكن بسبب الرطوبة العالية نشعر أن الحرارة أشد من الواقع كما أننا في المناطق الساحلية وبسبب الرطوبة لانشعر باختلاف كبير في الحرارة بين الليل والنهار. وأضاف أن التوقعات المناخية تعتمد على نماذج أرصاد عالمية أهمها النموذج الأمريكي والروسي والأوروبي وهي نماذج تعتمد على معطيات وإحصاءات ومحاولة ربط بين الظواهر المناخية لفترات زمنية طويلة وتساعد هذه النماذج في تحديد التوجهات المناخية، مشيراً إلى أن توقعات المناخ في المملكة تتميز بهامش خطأ كبير بسبب اتساع المملكة وتنوع تضاريسها وكثرة العوامل المؤثرة في مناخها وحدوث متغيرات طارئة بسيطة تؤدي أحيانا لاختلافات كبيرة. وأوضح الشكري أن الربيع في معظم أقاليم الجزيرة العربية يكون في شهري أكتوبر ونوفمبر اللذين يوافقان ما يطلق عليه العامة الوسمي، ونحن بذلك مختلفون عن بقية دول شمال الكرة الأرضية الذي يكون ربيعها في مارس وأبريل ومايو لأن هذه الشهور تشهد فيها مناطقنا اضطرابات وتقلبات مناخية كثيرة وتنشط فيها الرياح المثيرة للأتربة والغبار، ووفقاً لذلك سمى العرب القدامى أشهرهم فعند استعراض الأشهر الهجرية نجد أن شهري ربيع أول وربيع ثاني اللذين يرمزان للربيع يأتيان قبل شهري جمادى الأولى وجمادى الثانية اللذين يرمزان للشتاء وهذا يعني أن ربيع الجزيرة العربية يسبق شتاءها رغم أن مسميات هذه الشهور غير دقيقة ويتغير منا.