ارتفعت درجات الحرارة بشكل ملحوظ في الايام الماضية، وبدا كأنما موجة الحر قد طغت على كل الأحداث الساخنة بالبلاد، وبين حبات العرق المتساقطة والحر الشديد تنفتح كل النوافذ المغلقة على تساؤلات الصيف وماذا يأتي بعد هذا الحر وكيف يمكن أن يتجنبه يقول الفيزيائى عبد العزيز محمود ان هناك ارتفاعاً في درجات الحرارة عالمياً، فمناخ السودان لا يمكن فصله عن المناخ العالمى، مبيناً أن الإنسان المسبب الرئيس لهذا الارتفاع، حتى ان احد علماء البيئة قال «صفع الانسان البيئة على خدها الايمن فلم تدر له الأيسر، بل بادلته الضرب بالضرب». وبجانب الإنسان هنالك عوامل اخرى ادت الى ارتفاع درجات الحرارة مثل تراكم غاز ثاني أكسيد الكربون داخل الغلاف الجوي لكوكب الأرض الذي يعرف بظاهرة الاحتباس الحرارى، إضافة الى ازالة الغلاف الجوى للارض والغلاف النباتى بطريقة عشوائية «القطع الجائر»، كما توجد مهددات بيئة اخرى تعمل على ذوبان جليد القطبين مما ادى الى ارتفاع مستوى الغلاف المائى وتآكل الرقعة اليابسة، ورفع درجة الرطوبة فى المناطق الساحلية مثال مدينة «بورتسودان»، وأوضح عبد العزيز ان ارتفاع درجة الحرارة فى شهرى مايو وأكتوبر يكون نتيجة لحركة الشمس المدارية بين مدارى الجدى والسرطان، وفى اثناء هذه الحركة تكون الشمس شبه عمودية على السودان في الفترة من 21مايو و21 اكتوبر. واصبح فى السنوات الاخيرة ارتفاع درجة الحرارة اكثر من المعتاد فيهما نسبة لما ذكر من اسباب بيئية، مؤكداً أن ارتفاع درجة الحرارة له تأثير على الانسان، فدرجة حرارة الانسان العادية 37 درجة، فاذا ارتفعت تأثر بذلك، كما ان ارتفاعها يؤدى الى دخول الاشعة الضارة لجسم الانسان المسببة للسرطان، وقال إن الاهتمام بالبيئة هو العلاج الوحيد لخفض درجات الحرارة. وتستمر النهارات القائظة، حيث تكفهر من حرارتها الوجوه، وتشح السوائل في الأجسام بعد أن رشحت مسامات الجلد العرق، ولا يكون هناك بد من تعويض ذلك الفقد مع استمرار العطش الا شرب كوب من الماء البارد، ولكن من يضمن لك نقاء ذلك الكوب الذي قد يزيل عنك الظمأ وقتها ولكنه يترك في احشائك امراضاً كنت في غني عنها بالتأكيد، ففصل الصيف تنتشر فيه العديد من الأمراض الوبائية التي تساعد خصائص بيئة فصل الصيف على انتشارها وتمددها لتحيلها الى أمراض وبائية. قطوعات الكهرباء.. تساؤلات مواطن بالرغم من تأكيد شركة توزيع الكهرباء جاهزيتها لفصل الصيف الذي يشهد معدلات عالية من استهلاك الكهرباء، فإن قطوعات الكهرباء باتت السمة العامة لفصل هذا العام، وشهدت مختلف المناطق بالولاية حالات لانقطاع الكهرباء دون سابق انذار، وبدت القطوعات وكأنها منتظمة الحدوث دون إعلان عن برمجة للقطوعات. محمد المكاشفى شاب فى العقد الثالث من عمره يسكن الحاج يوسف دار السلام المغاربة، يقول إن الكهرباء شبه مستقرة، بيد انه استدرك مضيفاً ان هناك انقطاعاً محدوداً لا يتجاوزالساعتين فى الاسبوع. أما السيدة سماح عمر التى تسكن مايو فتقول: إن هناك انقطاعاً في التيار الكهربائي يحدث عدة مرات في اليوم، موضحة أنهم في السابق كانوا يعرفون مواعيد برمجة قطوعات الكهرباء، مؤكدة أن انقطاع التيار المفاجئ يعرض اغذيتهم الى التلف لجهة عدم استعدادهم لعمل احتياطات انقطاع الكهرباء. وعلى سياق ذات شكوى سماح تقول الحاجة صابرين من أمبدة الحارة «16» إن انقطاع الكهرباء يحدث في وقت الظهيرة بصورة تامة، مبينة أنهم يضطرون الى فصل الادوات الكهربائية، مشيرة الى انهم يلجأون الى ظلال الاشجار او الرواكيب بعد رشها بالماء للاحتماء من درجات الحرارة. ومن منطقة الكلاكلة شرق يؤكد صالح إبراهيم أن منطقتهم تشهد انقطاعاً شبه منتظم للتيار الكهربائي، مشيراً إلى انقطاع التيار الكهربائي منذ عصر امس الاول واستمر الى قبيل منتصف الليل، وطالب إبراهيم هيئة الكهرباء بضرورة اعلان مواعيد انقطاع الكهرباء قبيل وقت كافٍ ليتمكنوا من عمل الاحتياطات اللازمة. الصيف ورحلة البحث عن الماء مع مقدم الصيف يمتد مسلسل الانقطاع ليضم في طياته منطقة أمبدة التى تعاني شحاً في الامداد المائي، وتبدو المعاناة أكثر وضوحا في مربع «16»، حيث يقول يوسف عبد الرحمن انهم ظلوا يعانون من مشكلة المياه منذ فترة طويلة معتمدين على عربات الكارو التي وصل سعرها الي عشرين جنيها، مؤكدا انهم في حالة عدم الحصول على مياه الكارو يضطرون الى استجلاب المياه من الاحياء والمناطق المجاورة، ومضى عبد الرحمن للقول: «وصلت معاناتنا حتى انعدام مياه الشرب، وصار من المناظر المألوفة ان يطرق الباب احدهم وهو يحمل جردلاً مطالبا بماء للوضوء او للشرب». ويذهب أمجد الشريف الى القول إنهم يعانون أزمة طاحنة فى المياه، مؤكدا عدم وصول المياه الى منزلهم لأكثر من شهر كامل دون مساعدة الموتور، مشيرا الى ان انعدام الكهرباء بدوره يحرم الناس من الحصول على المياه. ويجزم محمد الصادق الذي يسكن الكلاكلات أن قطوعات المياه هى الاكثر انتشاراً، وقال إنها تقطع يومياً من الصباح وتعود فى المساء بعد الساعة العاشرة مساءً بشكل منتظم، ونضطر الى انتظارها طويلاً والبقاء مستيقظين لملء جميع أواني المنزل. وتمتد قطوعات المياه لتضم منطقة الجريف شرق، حيث يقول نصر الدين آدم محمد: «إن انقطاع الماء يكون في أوقات النهار، ويرجع الامداد المائي عند العاشرة مساءً ويستمر حتى الساعة الواحدة صباحاً»، مشيرا الى انهم يضطرون الى شراء الماء من عربات الكارو، حيث وصل سعر برميل الماء إلى عشرة جنيهات، ويتساءل كيف لبلاد يجري فيها النيل العظيم أن تعانى العطش وقطوعات المياه المتكررة. ولمنطقة الأزهري نصيب نت قطوعات المياه، حيث يقول وائل محمد الموظف الذي يسكن الازهرى مربع «16»، إنهم يتحصلون على الماء من عربة الكارو، حيث بلغ سعر برميل الماء عشرة جنيهات. لمحناها تسير مسرعة لعلها تصل الى وجهتها قبل أن تشتد درجة الحرارة اكثر في فترة الظهيرة، ومن ثم توجهنا نحوها، وقالت ميادة حسن إن منطقة جبرة تعاني تذبذباً في امدادات المياه، خاصة في فترة الصباح والظهيرة ولفترات ليست بالقصيرة قد تمتد طوال اليوم، لتبدأ جهودهم في البحث عن منزل به خزان ماء أو موتورات لجلب الماء منه. مهن تحت الشمس الحارقة وتحت ظل راكوبة من الأقمشة المتهالكة التى بالكاد تحمي من يجلس تحتها من أشعة الشمس، سردت زهور محمد وهي تباشرعملها في بيع الشاي والقهوة وقد امتلأ وجهها بقطرات العرق وهي تواجه نارين: اشعة الشمس الحارقة وسخانة «منقد الفحم» التي تزيد من معاناة بائعات الشاي في هجير الشمس الحارقة. وتقول: «رضينا بالهم والهم مش راضي بينا» مؤكدة أن فترة الصيف تقل فيها نسبة مبيعاتها، مشيرة الى توجه الناس الى المشروبات الباردة. ويذهب بائع الثلج السر حسن إلى أن ارتفاع درجة الحرارة يساهم فى زيادة معدل الارباح، مؤكداً انه يشترى لوح الثلج بمبلغ اربعة جنيهات ويبيعه بستة جنيهات. ويضيف ان الاقبال على الثلج يكون بوتيرة عالية، وطالب المسؤولين بالتطعيم ضد السحائى لأنهم الأكثر عرضة للاصابة به جراء عملهم ووقوفهم تحت الشمس طويلاً، وغير بعيد عن افادة السر يطالب الأمين فضل الله وزارة الصحة بتوفير مصل السحائى وتطعيم المواطنين، مشيراً إلى أنه يعمل تحت أشعة الشمس، مؤكداً انه لم يسمع بالتطعيم ضد السحائي، مطالباً بتعميم التطعيم خاصة للباعة المتجولون الذين يعملون تحت هجير الشمس في سبيل الحصول على رزقهم. بينما يؤكد أحد موظفي الحكومة الذي فضل عدم ذكر اسمه، انهم بوصفهم موظفين تم تطعيمهم ضد السحائى فى مؤسساتهم فى الاسبوع الثانى من شهر مايو الجارى، بينما يقول حسن محمد ان ارتفاع درجة الحرارة ينذر بحدوث وبائيات تتطلب التطعيم ضد السحائي. خارج خدمات المياه والكهرباء.. عندما تؤول المدينة للصفر وبينما «الصحافة» تستطلع المواطنين عن انقطاع تيار الكهرباء وإمدادات المياه، نكتشف أن هناك مناطق عدة في ولاية الخرطوم تفتقد الى خدمتي الكهرباء والمياه، حيث يقول الرشيد محمد عبد الله الذي يسكن دار السلام بأم درمان مربع «35» إنهم أصلاً لا توجد لديهم كهرباء، قائلاً: «على الرغم من أن اعمدة الكهرباء الخاصة بالضغط العالى تمر بمنطقتهم الى مناطق اخرى، الا ان منطقتهم محرومة من الامداد الكهربائي. ويذهب في ذات المنحى محمد الصادق الذى يسكن أم درمان أمبدة، ليقول إن المكان الذى يسكنه ليست به كهرباء. اما عبد الله اسحق الذى يسكن امدرمان مدينة الفتح فإنه يقول إنه ليست لديهم كهرباء، مؤكداً بذلك عدم وصول الإمداد المائي اليهم، ويضيف أنهم يسكنون فى العاصمة بيد أنهم لا يحظون بمميزات العيش في المدن.