لم يجد مرضى الفشل الكلوي بمركز مستشفى الخرطوم التعليمي أمامهم حلاً سوى الخروج إلى الشارع بعد أن تملّكهم الألم عندما تفاجأوا بإضراب الأطباء وتوقفهم عن العمل بسبب شح أموال التسيير وانعدام المستهلَكات الطبية الأمر الذي جعلهم يضيقون ذرعًا بمأساتهم فبادروا بنقلها إلى الشارع لعل هناك من يسمع صوتهم ويزيل معاناتهم، احتجاجًا على توقُّف عمليات الغسيل، وعدم تدخل السلطات الصحية لحل أزمتهم، وجلسوا طوال ذلك اليوم تحت قائظة الشمس التي لم ترحم آلامهم وفي أياديهم التفّت معاصم من الدربات التي تركت أثر الغسيل وتبدو الحسرة والهاجس من مضاعفات محتملة تنتظر مصيرهم يشهد عليها شارع الطابية جنوب مستشفى الخرطوم وتتعالى أصواتهم بهتاف (نموت في الشارع) وهكذا يصور الموقف أزمة لا تحتمل التأخير في حلها.. لمعرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك إلى مضابط التحقيق التالي: إضراب غير موفَّق يقول المريض أحمد تاج الدين: أنا من المداومين على الغسيل، وهناك أكثر من «80» مريضاً لم يتمكَّنوا من إجراء الغسيل بسبب توقف المركز، وأضاف أن إضراب الأطباء لم يكن موفقًا؛ لأنهم أكثر من يعلم ما يعانيه مريض الكلى عندما يتوقف عن الغسيل من مضاعفات خطيرة، ويقول المريض عادل الصادق علي: بالرغم من ظروفنا الحرجة نقوم بشراء الأدوية بأسعار غالية إذ يبلغ سعر الحقنة «45» جنيهًا وأنا أحتاج لها مرتين في الأسبوع ولا أستطيع شراءها بالرغم من أن الحكومة أعلنت مجانية العلاج ولم تفِ بذلك.. وتتمدَّد المعاناة لدى مرضى الكلى ويقول المريض آدم: إنه لم يخضع للغسيل لمدة يوم كامل نسبة للإضراب، ولعدم وجود المحاليل التي تستخدم في الغسيل، وأضاف أن هذه المحاليل لها آثار جانبية حيث إنها تصيبنا بحكة ولكن الطبيب قال لي إنها قد تكون سبب الحكة وأحيانًا يكون سببها ارتفاع البولينا، وأضاف آدم أنه لم يخضع للغسيل لمدة 10 أيام نسبة لتعطل الأجهزة، حيث إن هناك برمجة للمرضى لإجراء عمليات الغسيل وكنت أمثل حالة طارئة لم أجد ماكينة للغسيل وحالتي أصبحت في تدهور مستمر. مسؤولية المرضى التدهور الذي لحق بمرفق غسيل الكلى لم يعد همسًا بين المرضى وجهات الاختصاص فحسب بل أصبح اتهامات متبادلة فقد حمّل مسؤولون في مستشفى الخرطوم وزارات المالية والصحة الاتحاديتين، والصحة ولاية الخرطوم مسؤولية أرواح المرضى وخروج المئات منهم إلى الشارع.. ولتلافي المشكلة تعهَّد كلٌّ من وكيل وزارة الصحة عصام محمد عبد الله، ومدير إدارة الطب العلاجي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم بابكر محمد علي، ومدير المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى الدكتور محمد السابق الذين هبوا إلى المستشفى.. غير أن الأطباء بمستشفى الخرطوم في حديثهم ل (الإنتباهة) حملوا المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى التابع لوزارة الصحة الاتحادية، مسؤولية الإخفاق وما وصفوه بالتلاعب بأرواح المرضى، وأضافوا: نعلم تمامًا كيف سيتضرَّر المرضى من الناحية المرضية والمادية إذ أن راتبنا الأساسي لا يتعدى «500» جنيه ويكون علاجنا على حسابنا ومشتركين في أضعف التأمينات التي لا توفر العلاج لنا.. وقالوا: إن لديهم مستحقات على المركز القومي للكلى تقدَّر بملياري جنيه بجانب النقص الحاد في المستهلكات الطبية ومواد الغسيل، وحذروا من أن عدم الاكتراث للأزمة من شأنه أن يُعرِّض المرضى ل (خطر الموت). الأسباب أرجع بعض الأطباء الذين صرَّحوا ل (الإنتباهة) أسباب تفاقم الأزمة إلى سوء توزيع أموال التسيير المصدقة في الميزانية من قبَل وزارة المالية، مع أن مركز مستشفى الخرطوم لأمراض الكلى يحتوي «32» ماكينة غسيل بواقع «5» ورديات وتدوم حتى الساعة السابعة صباح اليوم التالي كأكبر مركز في السودان ويغسل في اليوم لنحو «290» مريضًا غسيلاً منتظمًا يغسلون ثم يعودون إلى بيوتهم، فضلاً عن «4» ماكينات تعمل كطوارئ على مدار ال «24» ساعة يوميًا دون توقف وتغسل لنحو «20 30» حالة يوميًا غسيلاً طارئًا بمعنى أنهم إن لم يغسلوا يموتوا بالإضافة إلى ذلك هو من أكبر مراكز تدريب الاختصاصيين وأطباء الكلى والنواب والأطباء الذين تم توزيعهم من قبل المركز القومي للكلى على الولايات كما أنه مركز استشاري لكل مراكز الولايات كما يتم تقسيم الاطباء إلى أتيام وورديات لمراجعة مرضى الكلى في العنابر والمستشفيات اخرى مثل الشعب الذرّة والأنف والأذن والحنجرة عبر زيارات ميدانية في أماكنهم بالإضافة إلى أن مستشفيات الخرطوم ومراكزها المختصة بالكلى مثلاً مستشفى بحجم ابن سينا ترسل إلينا حالات الغسيل الطارئ ومع الضغط الكبير هذا كان الأجدر إعداد هذا المركز إعدادًا يتلائم مع هذا الضغط كما أن هناك أكثر من 300 مريض يعانون من الفشل الكلوي المزمن لم يجددوا مكانًا للغسيل وليس لديهم مراكز توزيع يرسلهم إلى المركز القومي للغسيل الطارئ فشل كلوي حاد أو مزمن كما أن مستشفى الذرة يبعث أغلب الحالات التي أصيبت بالفشل الكلوي نتيجة العلاج الكيميائي بالإضافة إلى التشخيص اليومي، ونعتقد أن مشكلة تأخير مستحقات العاملين تقع على المركز القومي لأمراض الكلي وهو أساس المشكلة فليس من المعقول أن يمنح مركز بحجم مركز الخرطوم ميزانية تسيير توازي ميزانية مركز به 10 مكينات وكل مكينات هذا المركز لو تم تحويلها إلى طوارئ لما كفت وأن مراكز الخرطوم بحري وأمدرمان لديها وقت معين بعدها لا تستقبل المرضى وبالتالي يتم تحويلهم لنا..مستشفى الخرطوم تبرأ منا تمامًا ولم يمنحنا مستحقاتنا لأننا نأخذ من المركز القومي في حين أن المركز القومي يبادر بتحويل 290 حالة مجدولة ومقسمة على خمس ورديات في حين أن هناك يوميًا من «5» إلى «10» حالات يتم تشخيصها بفشل كلوي بالإضافة إلى إجراء عمليات غسيل الكلى حيث يجري عمليات إضافية مثل «قساطر داعمة وموقتة» ما بين « 10 إلى 17» عملية فى اليوم مجانًا،. والمركز القومي لأمراض الكلى لم يفِ باستحقاقات المركز الكلى الخرطوم من مستهلكات الشهر الماضي منذ ديسمبر المنصرم، وشهر يناير بالإضافة إلى حوافز العيدين وبند التسيير البالغ حوالى 100ألف جنيه لا يكفي لشراء محلول «الهبرين» المخصص لعدم تجلط الدم أثناء الغسيل وبدونه قد يصاب المريض بجلطة وتدخل في مجرى الدم إضافة إلى الشاش ومعينات تتصل مع الماكينة والمعقمات غير متوفرة.. ويضيف هؤلاء الأطباء أنهم حينما أرجأوا الإضراب بعد أن التزمت وزارة الصحة بمعالجة الأمر وفي حال إخفاقهم هذا يعني أنهم أخلوا مسؤوليتهم منا رغم أنهم قالوا إنهم سيستميتون في سيل إنقاذ حياة المرضى ولكن هذا لا يتسنى لهم بدون إمكانات وقالوا أن نتوقف عن العمل نعلم تمامًا ما يحدث ولكن أن نتوقف خير من أن نستمر بدون معينات وبعذاب ضمير خصوصًا أن مرتباتنا لا تكفي أصلاً لإعالة أسرنا وليس لدينا أي تأمينات فمرتبنا الأساسي هو 500 جنيه وقد أبلغنا المسؤولون في وزارة المالية أنهم إذا لم يتداركوا الموقف ويجدوا حلولاً للأزمة في فترة أقصاها الأسبوع القادم سنضرب مرة أخرى إضرابًا تعقبه استقالات جماعية. نتسول معينات الغسيل أفاد مصدر طبي مسؤول «الإنتباهة»: أن المركز ظل يعاني من انعدام أموال التسيير منذ شهر يناير من العام الحالي مما أدى إلى نقص من المستهلكات الطبية من شاش ودربّات ومواد أخرى مساعدة في عملية الغسيل مما أدى بدوره إلى توقف عمليات الغسيل في العشرين من يناير الماضي، وقال إن المركز ظل «يتسول من المستشفى» فى المستهلكات من الصيدليات داخل المستشفى لإنقاذ حياة المرضى، في وقت يستقبل فيه المركز يوميًا قرابة المائة مريض باعتباره أحد أكبر المراكز الكبرى، وقال إن الضغط كبير على المركز لأن كل المراكز تفرغ في المركز القومي، وأوضح أن نظام العمل قائم وفق جدول عمل على «5» ورديات، وذلك لعدم إيفاء وزارة المالية بالتزاماتها تجاه المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى الذي يمد المراكز بأموال التسيير الشهرية، وأضاف أن ذلك أدى إلى توقف عدد من المراكز في الخرطوم بحري وأمدرمان، ولكن ممثل وزارة الصحة وعد بضرورة سد المديونية والعجز وأضاف: لم نرَ أي شيء حتى هذه اللحظة وأكد وأن المريض يحتاج لعدة أدوية منها.حقن «أوبرس» والتي تقي المريض من الإصابة بفقر الدم و سعرها مرتفع من 35 إلى 45 جنيهاً، أما حقن الحديد فتكاد تكون معدومة في الصيدليات و ارتفع سعرها الحالي وأصبح وجودها نادرًا رغم أنها من الأدوية المهمة لمرضى الفشل الكلوي، وعن الآثار الجانبية لتوقف المريض عن الغسيل قال المصدر: إن حوالى 90% من مرضى الفشل الكلوي لا يستطيعون أن يستخرجوا السموم طبيعيًا ويحتاج المرضى إلى أكثر من عمليتي غسيل في الأسبوع، ولكن في حالة التوقف فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع نسبة البولينا والبوتاسيوم ويتعرض المريض إلى هبوط شديد في الجسم وارتفاع في ضغط الدم لمرضى ضغط الدم ويحتاج المريض للجلوس لعدة غسلات حتى يعود إلى وضعه الطبيعي وفي فترة توقفه عن الغسيل يعجز عن إنجاز عمله والقيام بنشاطاته اليومية أو الالتحاق بالعمل. عجز في الميزانية أما عمر خليفة عمر المدير المالي لمستشفى الخرطوم فيقول: الميزانية لا تغطي خصوصًا أن الورديات «5» في المستشفي فعندما نقسم المخصصات عليها للتسيير يحدث عجز خصوصًا أن المخصصات بمبلغ مليار و400 جنيه، ومن المفترض أن تصدق لنا 2 مليار و200 وعليه فنسبة العجز الأساسية الآن 50% على عكس المراكز المشابهة مقارنة بالمراكز التي تشابه مثل مركز ود مدني الذي تقدر مخصصاته بحوالى «4» مليارات جنيه أي أن مركز الخرطوم مسيّر بربع ميزانية مركز مدني، وعلى وزارة المالية معالجة هذا العجز ونحن في حسابات مستشفى الخرطوم تعتبر وحدة الكلى مركز وحدة إضافية بالنسبة لنا فيجب على المركز القومي للكلى أن يسير ها وباختصار التسيير لا يكفي مركز الخرطوم مقارنة بالمراكز الأخرى. ليس إضرابًا ولكن ... وقال دكتور هشام حسن مدير عام مركز الكلى بمستشفى الخرطوم: لا نسطيع أن نطلق عليه «إضراب» بالمعنى المقصود لأن هؤلاء الأطباء توقفوا عن العمل فقط لمدة 3 ساعات ثم عادوا، وهذا سببه متأخرات لم تُدقع لهم وصلت في مجملها إلى 213 ألف جنيه ولكن وكيل عام وزارة الصحة الاتحادية تدخل ومدير المركز القومي للكلى وبحضور مدير عام وزارة الصحة الاتحادية والولائية وتناقشوا ووصلوا إلى أن هذه المشكلة ستحل يوم الاثنين وعلمنا أن المبالغ تم تصديقها من وزارة المالية والذي يعتمد عليه في العلاج المراكز الطرفية التي تعاني من نقص الاختصاصيين في الكلى وتحدث فيها وكثيرًا طالبنا بزيادة بند التسيير ولم يسمع لنا أي «5» يدخلون مستشفى الخرطوم يكون هناك 2 يعانون من مرض في الكلى يقوم المركز بتقديم خدمات لأكثر من 1200 سرير لأنه قد يأتي الى المستشفى مرضى تحدث لهم إصابات في الكلى أو من تأثير العلاج ويحتاجون لغسيل مفاجئ يتولى المركز العناية بهؤلاء المرضى مرضى الفشل الكلوي والكلوي المؤقت وعليه فإننا موعودون بحل كل المشكلات ودراسة المقترحات التحسينية من قبل وزارة المالية ووزارة الصحة الاتحادية والولائية من المحررة للرد على تساؤلاتنا اتصلنا هاتفيًا بالدكتور محمد سابق مدير المركز القومي لأمراض الكلى ولم يرد علينا رغم أننا أرسلنا له رسالة في هاتفه توضح صفتنا والغرض من اتصالنا به وعاودنا الاتصال مرة أخرى ولكنه لم يرد علينا. تحقيق: هناء عز الدين