اعترف نائب الرئيس علي عثمان محمد طه، ان اتفاق سلام دارفور، الذى وقعته الحكومة مع «حركة تحرير السودان» بزعامة كبير مساعدي الرئيس مني اركو مناوي تشوبه «عثرات ومصاعب»،ودعا المتمردين الى الاستجابة للمبادرة العربية، والانضمام الى عملية السلام، لانهاء أزمة الاقليم. وعقد طه محادثات مع مناوي فى الفاشر امس بمشاركة مسؤولين من الطرفين، ابرزهم وزراء الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين، والداخلية ابراهيم محمود، والعدل عبد الباسط سبدرات، والمدير العام لجهاز الامن الفريق صلاح عبد الله، ووصل مناوي وقادة حركته الى الفاشر من مقر اقامته فى مزبد عبر مروحيتين تابعتين الى القوة الاممية الافريقية المشتركة «يوناميد». واوشكت مفاوضاته مع طه على الانهيار بعد وصول معلومات عن قصف الجيش لمواقع خاضعه له، وكان مناوي غادر مكتبه الرئاسى فى الخرطوم منذ 27 مايو الماضى، وظل مع قواته بمسقط رأسه منطقة مزبد، احتجاجا على تلكؤ الحزب الحاكم فى تنفيذ اتفاق ابوجا للسلام. وقال طه، في جلسة محادثات مفتوحة، سبقتها جلسة مغلقة مع مناوي فى حضور ولاة ولايات دارفور الثلاثة، وقادة الاجهزة الامنية و«يوناميد» ودبلوماسيين اجانب، من بينهم القائم بالاعمال الاميركي البرتو فرنانديز، ان «طريق السلام طويل ويحتاج الى صبر وتضحية وكظم غيظ »،موضحا ان الحرب هي مجال لاطلاق العنان للدمار والتخريب والتفتيت ، وان السلام نقيض الحرب، ويتطلب إلجام المشاعر والتصرف بمسؤولية والصبر على اختلاف الرأي والحرص على حل المشاكل بالحوار واحترام الطرف الآخر والتمسك بالثوابت التي اسس عليها السلام . وذكر طه، ان الدور الدولي ليس بديلا للارادة الوطنية ووصيا عليها، مشيرا الى ان لقاء الفاشر اجتماع سوداني بحت، وما يخرج به من نتائج هو شهادة لانفسنا عند مواطنينا والاحترام الذي يدفع الاسرة الدولية لدعمنا . ودعا طه، حاملي السلاح من المتمردين الى بذل الجهد ومقابلة الخطوات التي تقوم بها الحكومة والاسرة الدولية بمواقف ايجابية، والالتقاء مع الحكومة فى ساحات الحوار الوطني، سواء في الداخل عبر مبادرة اهل السودان، او المبادرة العربية، والجهود الدولية، وابدى استعداده لتسوية القضايا العالقة فى اتفاق ابوجا، مؤكدا انه يحمل تفويضا من الرئيس عمر البشير فى هذا الصدد، مشيرا الى ان تفاصيل مبادرة البشير لحل الأزمة ستعلن عقب عطلة عيد الفطر. اما مني اركو مناوي فأكد التزامه باتفاق ابوجا، مشددا على ضرورة وقف اطلاق النار، وقال إن غيابه عن القصر الرئاسى اكثر من ثلاثة اشهر كان تعبيرا عن الاحتجاج على عدم تنفيذ اتفاق ابوجا والاحترام الكافي من المركز والولايات، مؤكدا ان موقفه« ليس نية مبيتة للعودة الى الحرب». وشدد مناوي على ضرورة تحقيق الامن والاستقرار فى الاقليم وعودة النازحين واللاجئين الى ديارهم فى اسرع وقت مع توفير مقومات الحياة الكريمة لهم ، وطالب بتعزيز التعاون معه في كل شأن خاصة المسائل الامنية. وكان مناوي قد وصل في الساعة الحادية عشرة الا ربعاً وبرفقته خمسة عشر من طاقم حرسه الخاص من معقل قواته في مزبد بشمال دارفور على متن مروحيتين تتبعان لليوناميد.. وبعد ربع ساعة وصلت طائرة نائب الرئيس وبرفقته وزير الدفاع ومدير جهاز الامن والمخابرات ووزير الداخلية ووزير العدل ووكيل وزارة الخارجية مطرف صديق والمهندس الحاج عطا المنان، ومحمد أحمد الدابي، بجانب 3 قيادات من الحركة هم عضو البرلمان علي حسين دوسة ورئيس لجنة اتفاق ابوجا الدكتور محمد التجاني والدكتور محمد سليمان ، وكان في استقبال الوفدين ولاة ولايات دارفور الثلاثة عثمان محمد يوسف كبر، وعلي محمود، وابو القاسم امام. وكانت قد سبقت طه ومناوي طائرة تحمل 30 من قيادات حركة تحرير السودان ابرزهم ابوعبيدة الخليفة وزير البيئة بولاية الخرطوم، ومبارك حامد دربين مسؤول التنظيم الامين العام لمجلس السلم والمصالحة، ابكر ناصر الامين العام ، آدم النور اسماعيل الامين العام لمفوضية التأهيل والتوطين، آدم النور الامين العام لمفوضية التعويضات، محمد بشير عبدالله مدير مكتب مناوي، وعبدالعزيز سام المستشار القانوني، اضافة الى طائرة اخرى أقلت القائم بالاعمال الاميركي البرتو فرنانديز.. ورافق مناوي طه في السيارة المعدة لنائب الرئيس، بدلا عن السيارة المصفحة التي اعدتها يوناميد في طريقهما من مطار الفاشر الى امانة الحكومة، ودخل الاثنان في مشاورات منفصلة مع وفديهما لمدة ساعة ثم دخلا في جلسة مشتركة عامة ضمت الولاة ولجنة الامن وممثلي اليوناميد والبعثات الدبلوماسية، قبل ان ينفض الاجتماع ليعقد الرجلان اجتماعا ثانيا مغلقا استمر لزهاء الثلاث ساعات، استنفدت المسائل الامنية معظم وقته. وفي اثناء المفاوضات، جاء نبأ بأن القوات الحكومية شنت هجوما بالمروحيات على مواقع حركة مناوي، الأمر الذي كاد ان يعصف بالمحادثات ، وكان مناوي قد انضم الى طه في غرفته المجاورة قبل بدء المحادثات ودخلا سويا القاعة التي جرت بها المباحثات. يشار الى انه لأول مرة يحدث كسر للبروتوكول بان يتحدث نائب الرئيس اولا ثم يقدم كبير مساعدي الرئيس قبل ان يعود طه ويثني على مناوي عندما وصفه بأنه رجل سلام وشجاع. وقدمت الحركة لائحة تشمل 24 بندا من بينها 11 بندا اسعافيا، لدفع الدماء في اتفاق ابوجا، وخرجت المباحثات ببيان مشترك، كما عقد طه ومناوي مؤتمرا صحفيا قصيرا، ومن اهم النقاط التي اشار اليها البيان الذي حوى بنود المصفوفة الذي تلاه الحاج عطا المنان: التأمين على التمسك باتفاق سلام دارفور، والمضي قدما في انفاذه ، التأمين على انفاذ البنود المرتبة في مصفوفة بواسطة اللجنة المشتركة، وتنفيذها في مدة اقصاها شهر، الاتفاق على العمل سويا لاقناع الحركات غير الموقعة، تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لتنسيق العمل الامني ووقف العدائيات بين الطرفين، بذل الجهود لحماية الطرق وحماية المدنيين وتوصيل الاغاثة، انفاذ مشروعات التنمية عبر صندوق اعمار دارفور خاصة التعليم والصحة والبنى التحتية، الاسراع في الجوانب الدستورية بتقديم الاتفاقية الى مفوضية الدستور، وتشكيل فريق خبراء الخدمة المدنية تحت اشراف مفوضية الخدمة المدنية، دعم السلطة الانتقالية لتقوم بدورها، تكوين لجنة مشتركة لمتابعة بنود المصفوفة وقرارات الاجتماع، على ان تجتمع اللجنة في مدة اقصاها اسبوع. وكانت قد اشرفت على صياغة المصفوفة لجنة سباعية برئاسة الحاج عطا المنان والدكتور محمد الطيب التجاني. وكانت الحركة قدمت سبعة مطالب أهمها: دمج الاتفاقية في الدستور، ملء الوظائف الشاغرة ومنح حق التعديل، تمكين السلطة الانتقالية والايفاء بمبالغ صندوق اعمار دارفور بسداد 2 مليون دولار فورا، تعيين 70 من ابناء دارفور في وظائف عليا في الخارجية والجامعات والهيئات، اعفاء ابناء دارفور من الرسوم الدراسية، دفع عجلة التنمية باقليم دارفور. وسيشرف على تنفيذ الاتفاقية في شقها الامني المدير العام لجهاز الامن الفريق صلاح عبد الله قوش ، وفي شقها السياسي الحاج عطا المنان، على ان تكون اللجنة العليا برئاسة طه وينوب عنه مناوي. وبعد الفراغ من الاجتماعات غادر مناوي الى معقل قواته بمزبد بولاية شمال دارفور، بينما وصل الوفد الحكومي الى الخرطوم مساء امس.