كتب إيان ترينور من بروكسل لصحيفة ال"جارديان" البريطانية في عدد 18/9/2008م مقالاً تحدث فيه عن دراسة أجريت حديثاً حول فشل الدول الغربية أمام قوى جديدة ظهرت على الساحة الدولية في الهيمنة على الأممالمتحدة واستخدامها كأداة لتطبيق أجندتها وفرض قيمها الثقافية. جاء في المقال أن هناك موجة من التغيرات طرأت على ميزان القوى في الأممالمتحدة جاءت لصالح الصين والهند وروسيا ودول صاعدة أخرى. هذا الخلل في التوازن أدى إلى تحطيم جهود الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة إزاء قضايا حقوق الإنسان والحريات والتعددية. وجاء في الدراسة أن السياسات الغربية منيت بالهزيمة في تعاملها مع أزمات جورجيا وزيمباوي وبورما والبلقان. وحسب بيان صادر من قسم العلاقات الخارجية للمجلس الأوروبي فإن هناك تزايداً كبيراً لنفوذ الصين وروسيا والعالم الإسلامي وأن الدول الأوربية تعاني من بطء الحركة داخل الأممالمتحدة. وفي نفس الوقت يتعاظم تأثير الصين وروسيا وحلفائهم في عملية تشكيل سياسات المنظمة الدولية. فالغرب يعيش في حالة، الفوضى (حسب الدراسة) وجاء أيضاً أن فشل الغرب في التصويت في مجلس الأمن بشأن أزمات زيمبابوي وبورما وكوسوفو ودارفور, وتعسره في حشد دعم دولي ضد البرنامج النووي الإيراني، اعتبر جزاء من إخفاقات عديدة أصابت الدول الغربية خلال العقد الماضي. فقبل عشرة سنوات كانت سياسات أوروبا حيال قضايا حقوق الإنسان تحظى بدعم داخل الأممالمتحدة بنسبة 72% مقارنة مع 48% فقط العام الماضي. أما الولاياتالمتحدة فقد منيت بهبوط كبير بلغ 30% مقارنة ب77% قبل عشرة سنوات. وقالت الدراسة أن ملامح التصويت في الجمعية العامة توضح تصاعد المعارضة للمشاريع الأوروبية حول قضايا حقوق الإنسان فجاء التأثير لصالح روسيا والصين اللتين دافعتا عن السيادة الوطنية وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى مهما كان حجم انتهاكات حقوق الإنسان في تلك الدول، فارتفع تبعاً لذلك حجم التأييد للمواقف الصينية والروسية في الجمعية العامة خلال العقد الماضي من أقل من 50% إلى 74%. وعندما تطلب الأمر تصويتاً حول عدم قانونية انفصال كوسوفو عن الصرب – الأمر الذي كانت تدعمه الولاياتالمتحدة ومعظم الدول الأوروبية التي بذلت جهوداً مضنية لمنع التصويت – فشلت تلك المساعي فكانت النتيجة هي 46 دولة فقط أيدت انفصال كوسوفو من أصل 192 دولة. وكذلك فإن محاولات الغرب لحشد الدعم لصالح جورجيا ستواجه حتماً بالرفض الروسي. وفي مارس الماضي استطاعت المجموعات الإسلامية تغيير الأمر الرسمي الخاص بحرية التعبير بشأن الرسوم الدنماركية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، ونجحت كذلك في تكليف مقرر المجلس الأوروبي بتسجيل الحادثة – أي الرسوم المسيئة – على أنها إساءة دينية. وقال كيث بورتيوس وود، مدير الجمعية الوطنية العلمانية البريطانية أن المجلس الأوروبي أصبح عديم الجدوى إذا أصيبت الدول الأوروبية التسع عشرة من بين المجموعة التي قوامها سبع وأربعون دولة بالتهميش وفقدان الفعالية والتأثير بعد خسارتها بأكثر من نصف الأصوات. السجل الأوروبي الآن أصبح فقيراً ومغايراً لمبادئ بروكسل إذا فشلت الدول الأوربية رغم أنها صاحبة نصيب الأسد في تقديم المساعدات الإنسانية وأكبر داعم للأمم المتحدة، فشلت في ترجمة هيمنتها إلى مكاسب سياسية.