انتهت اجتماعات الهيئة الاعلي بعد المؤتمر العام للحزب الطائفي الكبير أمس الاول دون مفاجآت تذكر، فالاطاحة بالجنرال صديق محمد اسماعيل لم تكن حدثاً غير منتظر، الرجل نفسه كان يتوقع ذات المصير واعد العدة لمواجهة من يصفهم أنصار الرجل المقال بالخارجين عن المؤسسية والمتربصين بالكيان، لكن حيل الاخيرين كانت الانجع، غير أن المؤتمرين الذين بلغ عددهم 667 عضوا نجحوا في ارسال عدة رسائل بدقة أدهشت حتي الحلفاء المتذمرين وحتما لم يسلم جسم الحزب الحاكم من الارتعاش،وعاش أنصار الحزب المحتشدون خارج هيئته المركزية اطول 48 ساعة سحابات نهارها ذات الحرارة المرتفعة لم تثنهم من الانتظار او مبارحة الاشجار المطلة علي دار الامة بامدرمان ورسموا مشهدا يمكن ان يعيد حسابات الكثيرين ممن يريدون التعامل او التعاون مع حزب الامة مستقبلا. كيف سقط الجنرال؟ قبل ان نتلمس مآلات ماحدث داخل اروقة الامة لنسأل كيف سقط الفريق صديق محمد اسماعيل؟ فالرجل يعرفه الكثيرون بانه صاحب سند ودعم لا يخفي علي احد مصدره الامام الصادق رغم الرفض الذي قوبل به منذ اليوم الاول لاستلامه المقعد التنفيذي الاول بالحزب الكبير، فغداة المؤتمر السابع انفتحت ابواب الأزمات داخل الحزب العريض علي مصراعيها وتعالت الاصوات المنادية بازاحة الرجل الا ان الامام اختار الابتعاد وغادر الخرطوم التي لم يأتها الا بعد ان هدأت الانفس وخفتت الاصوات دون ان تتقازم المطالب ، فالرافضون اعتصموا بيوتهم وهناك من خرجوا علي المؤسسات واتخذوا طريقا مغايرا، ليلتقي مع كل هؤلاء قائد تيار الاصلاح العائد للحزب مبارك الفاضل ومجموعته بجانب اخرين لم يلزموا سوي الصمت دون الوقوف في جانب محدد، كل هذه الخطوات والجهود اختارت ليل السادس من ابريل موعد انعقاد الهيئة المركزية لتطيح بالرجل وتحلم بالتلاقي دون منازعات، يقول مصدر من داخل الاجتماع يقف في الجانب المناوئ للجنرال : سقوط الامين العام لم يكن متوقعا للرجل لكننا كنا علي علم بان ساعة التصحيح اتيه ، واضاف هذا جهد عمل متكامل ساهمت فيه كل الكليات الولائية ، لكن الملاحظة ان الفارق في الاصوات الذي اطاح بالرجل لم يكن كبيرا مما يعني ان الجنرال كان يملك موقفا مطمئنا مما دفعه وعدد من انصاره لحظات عملية التصويت ان يتحركوا بثقة، فالرجل الذي جلس علي المقعد قبل ثلاث سنوات اتخذ مناعة كافية وبراعة لافتة للخروج من المطبات فكل الاصوات التي طالبت برحيله من قبل لم يلتفت المهدي لها حتي تلك التي هددت بالثورة علي الكيان وطالبت المهدي بحل المؤسسات واقصاء اسماعيل بسبب هندسته للتقارب الكبير بين الامة و المؤتمر الوطني والتي اتهم بالاشراف عليها لم تعجل برحيله الامر الذي اعتبره المراقبون مؤشرا واضحا لرغبة الامام في الدخول الي الحكومة وعدم مقاومتها، وعند اقالة الاخير بأمر الهيئة المركزية والاتيان ببديل له قال المهدي عن صديق اسماعيل عند ختام الجلسات _ الفريق بذل جهدا كبيراً و منضبطا في مرحلة حرجة _ معتبرا قبوله لسحب الثقة برباط جأش وكأنه منتصر لكن يبدو ان كلمات الامام التي خرجت بعد ان غادر صديق المقعد كانت هي ما يخيف التيارات التي عملت علي ازاحته فان سبقت الاجراء لكن هناك حساب اخر، احد أعضاء الهيئة قال ل»الصحافة» قبل ساعات من احالة خطاب الامين العام للاقتراع حول اجازته ام اسقاطه ما يعني حجب الثقة عن الرجل «لم يتبق الكثير ، صديق سوف يغادر موقعه لامحالة لكننا نخاف مفاجآت الامام» ، واخبرني اخر من الداعمين لبقاء الرجل في منصبه بطريقة توضح عدم ثقتهم في القدرة علي تحقيق هدفهم «موقفنا بات يكتنفه الغموض الامر في ايدي المؤتمرين الان والامام ابعد نفسه عن الصراع». الاخير كان محقا فالمهدي الذي رابط داخل خيمة الاجتماع في كلمته بالجلسة الاولي اشار بوضوح بانه سيكون محايدا في كل رأي ولن يرجح كفة لاحد قائلا«تعلمون انني مهتم بمايدور في الهيئة المركزية لكن عند اخذ الرأي سوف الزم الحياد لان الاطراف في اية قضية جزء من حزب احرص علي وحدته» من هنا بات ان امر الفريق صديق يمضي في طريق لا يشتهيه الداعمون لبقائه وفي المقابل هناك حالة من الرفض والتململ وسط قواعد الحزب كانوا يعبرون عن مطالبهم برحيل الرجل من المنصب بوضوح وحماس عالٍ تطابقت مع مطالب ممتدة لاصوات خرجت عن المألوف وقالت لا ، حتي لرغبة الامام متجاوزة كل الاعراف والخطوط الحمراء التي تحكم ايقاع الكيان، لكن اقالة الجنرال التي لم تكن باصوات كاسحة ما دعا مقرر الهيئة المركزية رباح المهدي عند تلاوتها لارقام الاقتراع ان يشير الي ان سحب الثقة عن الامين العام كان بفارق ضئيل. لابد ان نشير الي ان المجموعات الشبابية والطلابية وعدد من القيادات التي اسست ما يعرف بتيار التغيير انضم اليها تيار الاصلاح والتجديد كل واحد منهم له سهم وعمل من موقعه من اجل هدف واحد هو الاطاحة بالرجل متخذين من حالة التقارب والميوعة التي اتسمت بها خطابات الحزب السياسية في الفترة الاخيرة وقودا للمعركة التي دفعت باختصاصي النساء والتوليد الدكتور ابراهيم الامين،والذي اعترف بصعوبة المهمة التي تنتظره وطالب الجميع بالعمل من اجل وحدة الحزب لكن هل يستطيع خريج عين شمس الخروج بمولود معافي بعد كل هذا المخاض العسير؟ ما يقوله البعض همسا عن القادم الجديد هو ان الرجل رغم شخصيته غير الخلافية الا انه لا يتمتع بالصلابة الكافية التي تضع حدا للتدخلات من عدة جهات ليس بالطبع اولها بيت الامام، بجانب ان الفترة التي سوف يجلس فيها علي المقعد ليست بالطويلة والتي حددت بعام واحد بعد الاعلان عن ان المؤتمر القادم سيكون في ابريل من العام الجاري وهناك ميراث ثقيل خلفه الفريق صديق وكان سببا لاقالته ، ميراث عمره ثلاث سنوات قضاها الرجل حدث فيها تقارب لامثيل له مع حكومة الانقاذ المنقلبة علي الشرعية الديمقراطية التي كان يترأسها حزب الجنرال في الثلاثين من يونيو 1989م، بالمقابل سارت العلاقة بين القطب المعارض البارز وفصائل المعارضة الاخري في طريق ملئ بالمنعطفات وتميزت بخلافات دون مبررات تذكر اثارها كانت بائنة في الحضور بالجلسة الختامية التي شرفها نائب رئيس الحزب الحاكم نافع علي نافع وعضو الهيئة المركزية للشيوعي دكتور الشفيع خضر والامين العام للمؤتمر السوداني عبدالقيوم عوض السيد، اذن الوافد الجديد امامه امتحانات عسيرة ليست داخل اروقة الكيان فالوحدة التي تؤرق الجميع ، هناك بدار الامة المنشقون والمعتصمون كانوا قد وضعوا قبل 48 ساعة من انطلاق الاجتماعات شروطا اولها الفريق وهو الشرط الذي تم الوفاء به، احد المصادر كشف ل»الصحافة» عن مادار داخل اجتماع جمع مبارك الفاضل والوفود التي شاركت قبل الاجتماع والتي كانت تطالب بوحدة الكيان ، قال ان الفاضل اخبرهم بالحرف الواحد ازيحوا صديق وصححوا المسار وخطاب الحزب السياسي اولا وهو ما تم. ورطة الامام ما اشارت اليه مداولات اعضاء مركزية الامة والحراك المتصاعد من خارجها هو ان أزمة الحزب لم تنته بعد بل تم تحويل ميدان المعركة الي السادس من ابريل القادم موعد المؤتمر العام المعلن عنه حسب قرار الهيئة المركزية، فالتسعة اشهر القادمة قد لا تشهد صراعا فوق السطح لكن كل طرف سيعمل علي الاستعداد للمعركة الاهم، فالمتابع للكيان الكبير يمكنه التوقف عند الاصوات التي بدأت تتململ من طريقة الامام في تصريف شؤون الحزب مما يشير الي ان مؤتمر الامة الثامن قد يشهد مرشحا رئاسيا جديدا ينازل الامام ، قيادي من احدى الكليات الولائية علق علي هذه القراءات قائلا «هذا ما يمكن حدوثه وحتي الخطوة ان تم القيام بها لن تكون من اجل الظفر بالمقعد لكن نريد ان نفتح الطريق امام ما نصبو له مستقبلا» فمذكرات التنحي التي وضعت فوق منضدة مكتب الامام في الاشهر الماضية لم تكن مجهولة الهوية بل يقف خلفها شباب خرجوا للعلن وتحدثوا للاعلام، لكن ايضا هناك من يقول ان المهدي لن يستطيع احد ان يهز عرشه يحساب ان الرجل يستند علي طائفه عريضه قادرة علي فرضه دون خوف، لكن يبدو أن سنوات الجنرال صديق اسماعيل الثلاث التي استلم فيها قيادة العمل التنفيذي بحزب الامة مستندا علي دعم شبه مطلق من قبل زعيم الانصار الصادق المهدي، وضعت الاخير في مواجهة بعض من انصاره ومريديه امام مواجهة لم يحدث لها مثيل طوال سنوات جلوسه في منصب الرجل الاول منذ منتصف الستينات، فسهام النقد التي لم تكن تعرف الي بيت الامام وشخصه طريقا، والان بدأت لا تعرف التوقف تهاجم الفريق المقال وتناوش الامام ايضا مما دفع الاخير ان يوجه اليهم في خطابه تهم التربص به في شخصه ويصفهم بالناطحين الذين يئسوا بقرون الخشب من هز شجرة الحزب وافتعلوا النيل من شخصه وكأنه متشبث بالرئاسة التي قال عنها «انها لم تغنيني كما فعلت مع بعض العاملين بالسياسة رغم انني ابذل جهدا فكريا وسياسيا اضعاف ما يبذله اندادي» ووضع شرط عودة للخارجين عن الحزب وتابع سنخاطبهم كافراد وسنستثني من عملوا غواصات للوطني وندعوهم للانضمام الي موضع ولائهم بدلا من محاولة خلق الزوابع، من هنا يمكن ان نقول ان الهيئة المركزية التي وصفت بالاخطر لم تفعل ما يمكن ملاحظته الان لكنها بالطبع وضعت طرقا كثيرة لم تكن مألوفه لعضوية الكيان الكبير من قبل وهزت ايضا عرش الامام لانجاز ما تريد في هذه المرحلة وايضا لا يمكن ان نسقط التحركات التي قام به نجل المهدي صديق الصادق لازاحة الرجل. خلاف الجهات تقول معلومات من مصادر مطلعة أفادت «الصحافة» ان الكليات الولائية التي حسمت امر الفريق صديق هي«كسلا، البحر الاحمر، القضارف، الجزيرة،سنار، النيل الابيض بجانب فرع من كردفان» يمكن ان يكون الامر صحيحا بنسبة كبيرة للمتابع لحدة الصراع التي يتميز بها منصب الامين العام بالامة والذي دوما ما أجج داخل الكيان العريض أزمات الجهات ووضع الجسم في صراع وانقسام بين ابناء البحر والغرب كما يصطلح له داخل الكيان، لكن ان دققنا النظر الي الطريقة التي تم بها ترشيح الدكتور ابراهيم الامين يمكن الا نعير همس الانشقاق الذي يمكن ان يحدثه حجب الثقة عن الجنرال بحساب الموازنات القبلية والجهوية التي ظلت تحاصر الحزب العريق طويلا فترشيح الامين جاء عبر رئيس الحزب بولاية شمال دارفور لكن نتيجة التصويت التي كان فارقها 32 صوتا تشير الي ان الكتل ذات الثقل لم تكن داعمة للخطوة وهو ما قاله بالامس صراحة احد القيادات المنحدرة من دارفور لكنه فضل حجب اسمه وقال« نريد موقعا منتخبا داخل الحزب، نعم يمكن ان يقوم الرئيس بحسب التوازنات لكن هذا لا يعني عدم الالتفات للقواعد التي تدعم الحزب باقليم دارفور» ذات طريقة الحديث هي ما دفعت بالمهندس الراحل عبدالنبي علي أحمد في المؤتمر العام السادس وفجرت من قبل صراعات عنيفة حول تولي عمر نور الدائم وغيرهم من المنحدرين من اقاليم الشمال لكن هناك ايضا من يقول ان الوافد الجديد يمثل ولائية لم تحظ من قبل بالمنصب وهو ما يعد امر حميدا. كأن عضوية الهيئة المركزية للحزب الطائفي الكبير ارادت ان تقول للمنتظرين بالخارج «فهمتكم»، وهي تتخذ قرارها بالاجماع وتدفع باختصاصي النساء والتوليد الدكتور ابراهيم الامين ليجلس علي معقد الامين العام، لتنتظر بعد ذلك ميلاد حزب لا يعرف التشتت والانقسام، نعم سقط عشية عطلة الاسبوع الجنرال صديق محمد اسماعيل،وحزم مقتنياته سريعا من مكتب الامانة ليأتي الوافد الجديد، الرجل المثير للجدل طوال ثلاث سنوات هي عمره في المنصب التنفيذي الاول بالحزب الطائفي . لم يكتف الغاضبون باقالته ديمقراطيا وحسب بل اغلقوا امامه ابواب دار الامة بالضبة والمفتاح وانتظر لثلاثين دقيقة كاملة هي جهد بعض من انصاره لكسر طبل البوابة التي قال احد المتابعين كانت تنتظره مفتوحة علي مصراعيها قبل ساعات،لكن هل هذا هو الفجور في الخصومة ام ماذا، مع ذلك لم تكن اقالة الجنرال هي الحدث الابرز الذي خرج به اجتماع الهيئة المركزية لحزب الامة، فخروج صديق والاتيان ببديل اخر لا يعني ان الأزمات فارقت جسد الحزب الكبير، هذا ما يجب ان يعلمه الجميع، فما لا يختلف حوله اثنان هو ان المكاسب التي حققها الكيان رغم المصاعب والمطبات التي كادت ان تعصف بالحزب طوال ساعات الانعقاد ال48 الماضية هي الاكبر الا ان المنتظرين بعيدا عن رصيف الاحباب من قوي المعارضة واقطاب الحكومة ايضا كانوا يتابعون ما يجري وفي اليوم الاخير لم تلحظ الصحافة ارتياح اي من الطرفين ، وأحد قادة المعارضة قال« الدفع بابراهيم الامين كان بشارة طيبة لكن حديث الامام لم يفارق محطته القديمة وهذا ما يخيفنا ويحبطنا اكثر ، الا انه عاد واضاف جماهير الانصار ايضا يحبطها حديث الامام، ألم تلاحظ؟!.. إقالة الجنرال ودخول النطاس قصة 48 ساعة تحت حصار الأنصار ام درمان: عباس محمد ابراهيم انتهت اجتماعات الهيئة الاعلي بعد المؤتمر العام للحزب الطائفي الكبير أمس الاول دون مفاجآت تذكر، فالاطاحة بالجنرال صديق محمد اسماعيل لم تكن حدثاً غير منتظر، الرجل نفسه كان يتوقع ذات المصير واعد العدة لمواجهة من يصفهم أنصار الرجل المقال بالخارجين عن المؤسسية والمتربصين بالكيان، لكن حيل الاخيرين كانت الانجع، غير أن المؤتمرين الذين بلغ عددهم 667 عضوا نجحوا في ارسال عدة رسائل بدقة أدهشت حتي الحلفاء المتذمرين وحتما لم يسلم جسم الحزب الحاكم من الارتعاش،وعاش أنصار الحزب المحتشدون خارج هيئته المركزية اطول 48 ساعة سحابات نهارها ذات الحرارة المرتفعة لم تثنهم من الانتظار او مبارحة الاشجار المطلة علي دار الامة بامدرمان ورسموا مشهدا يمكن ان يعيد حسابات الكثيرين ممن يريدون التعامل او التعاون مع حزب الامة مستقبلا. كيف سقط الجنرال؟ قبل ان نتلمس مآلات ماحدث داخل اروقة الامة لنسأل كيف سقط الفريق صديق محمد اسماعيل؟ فالرجل يعرفه الكثيرون بانه صاحب سند ودعم لا يخفي علي احد مصدره الامام الصادق رغم الرفض الذي قوبل به منذ اليوم الاول لاستلامه المقعد التنفيذي الاول بالحزب الكبير، فغداة المؤتمر السابع انفتحت ابواب الأزمات داخل الحزب العريض علي مصراعيها وتعالت الاصوات المنادية بازاحة الرجل الا ان الامام اختار الابتعاد وغادر الخرطوم التي لم يأتها الا بعد ان هدأت الانفس وخفتت الاصوات دون ان تتقازم المطالب ، فالرافضون اعتصموا بيوتهم وهناك من خرجوا علي المؤسسات واتخذوا طريقا مغايرا، ليلتقي مع كل هؤلاء قائد تيار الاصلاح العائد للحزب مبارك الفاضل ومجموعته بجانب اخرين لم يلزموا سوي الصمت دون الوقوف في جانب محدد، كل هذه الخطوات والجهود اختارت ليل السادس من ابريل موعد انعقاد الهيئة المركزية لتطيح بالرجل وتحلم بالتلاقي دون منازعات، يقول مصدر من داخل الاجتماع يقف في الجانب المناوئ للجنرال : سقوط الامين العام لم يكن متوقعا للرجل لكننا كنا علي علم بان ساعة التصحيح اتيه ، واضاف هذا جهد عمل متكامل ساهمت فيه كل الكليات الولائية ، لكن الملاحظة ان الفارق في الاصوات الذي اطاح بالرجل لم يكن كبيرا مما يعني ان الجنرال كان يملك موقفا مطمئنا مما دفعه وعدد من انصاره لحظات عملية التصويت ان يتحركوا بثقة، فالرجل الذي جلس علي المقعد قبل ثلاث سنوات اتخذ مناعة كافية وبراعة لافتة للخروج من المطبات فكل الاصوات التي طالبت برحيله من قبل لم يلتفت المهدي لها حتي تلك التي هددت بالثورة علي الكيان وطالبت المهدي بحل المؤسسات واقصاء اسماعيل بسبب هندسته للتقارب الكبير بين الامة و المؤتمر الوطني والتي اتهم بالاشراف عليها لم تعجل برحيله الامر الذي اعتبره المراقبون مؤشرا واضحا لرغبة الامام في الدخول الي الحكومة وعدم مقاومتها، وعند اقالة الاخير بأمر الهيئة المركزية والاتيان ببديل له قال المهدي عن صديق اسماعيل عند ختام الجلسات _ الفريق بذل جهدا كبيراً و منضبطا في مرحلة حرجة _ معتبرا قبوله لسحب الثقة برباط جأش وكأنه منتصر لكن يبدو ان كلمات الامام التي خرجت بعد ان غادر صديق المقعد كانت هي ما يخيف التيارات التي عملت علي ازاحته فان سبقت الاجراء لكن هناك حساب اخر، احد أعضاء الهيئة قال ل»الصحافة» قبل ساعات من احالة خطاب الامين العام للاقتراع حول اجازته ام اسقاطه ما يعني حجب الثقة عن الرجل «لم يتبق الكثير ، صديق سوف يغادر موقعه لامحالة لكننا نخاف مفاجآت الامام» ، واخبرني اخر من الداعمين لبقاء الرجل في منصبه بطريقة توضح عدم ثقتهم في القدرة علي تحقيق هدفهم «موقفنا بات يكتنفه الغموض الامر في ايدي المؤتمرين الان والامام ابعد نفسه عن الصراع». الاخير كان محقا فالمهدي الذي رابط داخل خيمة الاجتماع في كلمته بالجلسة الاولي اشار بوضوح بانه سيكون محايدا في كل رأي ولن يرجح كفة لاحد قائلا«تعلمون انني مهتم بمايدور في الهيئة المركزية لكن عند اخذ الرأي سوف الزم الحياد لان الاطراف في اية قضية جزء من حزب احرص علي وحدته» من هنا بات ان امر الفريق صديق يمضي في طريق لا يشتهيه الداعمون لبقائه وفي المقابل هناك حالة من الرفض والتململ وسط قواعد الحزب كانوا يعبرون عن مطالبهم برحيل الرجل من المنصب بوضوح وحماس عالٍ تطابقت مع مطالب ممتدة لاصوات خرجت عن المألوف وقالت لا ، حتي لرغبة الامام متجاوزة كل الاعراف والخطوط الحمراء التي تحكم ايقاع الكيان، لكن اقالة الجنرال التي لم تكن باصوات كاسحة ما دعا مقرر الهيئة المركزية رباح المهدي عند تلاوتها لارقام الاقتراع ان يشير الي ان سحب الثقة عن الامين العام كان بفارق ضئيل. لابد ان نشير الي ان المجموعات الشبابية والطلابية وعدد من القيادات التي اسست ما يعرف بتيار التغيير انضم اليها تيار الاصلاح والتجديد كل واحد منهم له سهم وعمل من موقعه من اجل هدف واحد هو الاطاحة بالرجل متخذين من حالة التقارب والميوعة التي اتسمت بها خطابات الحزب السياسية في الفترة الاخيرة وقودا للمعركة التي دفعت باختصاصي النساء والتوليد الدكتور ابراهيم الامين،والذي اعترف بصعوبة المهمة التي تنتظره وطالب الجميع بالعمل من اجل وحدة الحزب لكن هل يستطيع خريج عين شمس الخروج بمولود معافي بعد كل هذا المخاض العسير؟ ما يقوله البعض همسا عن القادم الجديد هو ان الرجل رغم شخصيته غير الخلافية الا انه لا يتمتع بالصلابة الكافية التي تضع حدا للتدخلات من عدة جهات ليس بالطبع اولها بيت الامام، بجانب ان الفترة التي سوف يجلس فيها علي المقعد ليست بالطويلة والتي حددت بعام واحد بعد الاعلان عن ان المؤتمر القادم سيكون في ابريل من العام الجاري وهناك ميراث ثقيل خلفه الفريق صديق وكان سببا لاقالته ، ميراث عمره ثلاث سنوات قضاها الرجل حدث فيها تقارب لامثيل له مع حكومة الانقاذ المنقلبة علي الشرعية الديمقراطية التي كان يترأسها حزب الجنرال في الثلاثين من يونيو 1989م، بالمقابل سارت العلاقة بين القطب المعارض البارز وفصائل المعارضة الاخري في طريق ملئ بالمنعطفات وتميزت بخلافات دون مبررات تذكر اثارها كانت بائنة في الحضور بالجلسة الختامية التي شرفها نائب رئيس الحزب الحاكم نافع علي نافع وعضو الهيئة المركزية للشيوعي دكتور الشفيع خضر والامين العام للمؤتمر السوداني عبدالقيوم عوض السيد، اذن الوافد الجديد امامه امتحانات عسيرة ليست داخل اروقة الكيان فالوحدة التي تؤرق الجميع ، هناك بدار الامة المنشقون والمعتصمون كانوا قد وضعوا قبل 48 ساعة من انطلاق الاجتماعات شروطا اولها الفريق وهو الشرط الذي تم الوفاء به، احد المصادر كشف ل»الصحافة» عن مادار داخل اجتماع جمع مبارك الفاضل والوفود التي شاركت قبل الاجتماع والتي كانت تطالب بوحدة الكيان ، قال ان الفاضل اخبرهم بالحرف الواحد ازيحوا صديق وصححوا المسار وخطاب الحزب السياسي اولا وهو ما تم. ورطة الامام ما اشارت اليه مداولات اعضاء مركزية الامة والحراك المتصاعد من خارجها هو ان أزمة الحزب لم تنته بعد بل تم تحويل ميدان المعركة الي السادس من ابريل القادم موعد المؤتمر العام المعلن عنه حسب قرار الهيئة المركزية، فالتسعة اشهر القادمة قد لا تشهد صراعا فوق السطح لكن كل طرف سيعمل علي الاستعداد للمعركة الاهم، فالمتابع للكيان الكبير يمكنه التوقف عند الاصوات التي بدأت تتململ من طريقة الامام في تصريف شؤون الحزب مما يشير الي ان مؤتمر الامة الثامن قد يشهد مرشحا رئاسيا جديدا ينازل الامام ، قيادي من احدى الكليات الولائية علق علي هذه القراءات قائلا «هذا ما يمكن حدوثه وحتي الخطوة ان تم القيام بها لن تكون من اجل الظفر بالمقعد لكن نريد ان نفتح الطريق امام ما نصبو له مستقبلا» فمذكرات التنحي التي وضعت فوق منضدة مكتب الامام في الاشهر الماضية لم تكن مجهولة الهوية بل يقف خلفها شباب خرجوا للعلن وتحدثوا للاعلام، لكن ايضا هناك من يقول ان المهدي لن يستطيع احد ان يهز عرشه يحساب ان الرجل يستند علي طائفه عريضه قادرة علي فرضه دون خوف، لكن يبدو أن سنوات الجنرال صديق اسماعيل الثلاث التي استلم فيها قيادة العمل التنفيذي بحزب الامة مستندا علي دعم شبه مطلق من قبل زعيم الانصار الصادق المهدي، وضعت الاخير في مواجهة بعض من انصاره ومريديه امام مواجهة لم يحدث لها مثيل طوال سنوات جلوسه في منصب الرجل الاول منذ منتصف الستينات، فسهام النقد التي لم تكن تعرف الي بيت الامام وشخصه طريقا، والان بدأت لا تعرف التوقف تهاجم الفريق المقال وتناوش الامام ايضا مما دفع الاخير ان يوجه اليهم في خطابه تهم التربص به في شخصه ويصفهم بالناطحين الذين يئسوا بقرون الخشب من هز شجرة الحزب وافتعلوا النيل من شخصه وكأنه متشبث بالرئاسة التي قال عنها «انها لم تغنيني كما فعلت مع بعض العاملين بالسياسة رغم انني ابذل جهدا فكريا وسياسيا اضعاف ما يبذله اندادي» ووضع شرط عودة للخارجين عن الحزب وتابع سنخاطبهم كافراد وسنستثني من عملوا غواصات للوطني وندعوهم للانضمام الي موضع ولائهم بدلا من محاولة خلق الزوابع، من هنا يمكن ان نقول ان الهيئة المركزية التي وصفت بالاخطر لم تفعل ما يمكن ملاحظته الان لكنها بالطبع وضعت طرقا كثيرة لم تكن مألوفه لعضوية الكيان الكبير من قبل وهزت ايضا عرش الامام لانجاز ما تريد في هذه المرحلة وايضا لا يمكن ان نسقط التحركات التي قام به نجل المهدي صديق الصادق لازاحة الرجل. خلاف الجهات تقول معلومات من مصادر مطلعة أفادت «الصحافة» ان الكليات الولائية التي حسمت امر الفريق صديق هي«كسلا، البحر الاحمر، القضارف، الجزيرة،سنار، النيل الابيض بجانب فرع من كردفان» يمكن ان يكون الامر صحيحا بنسبة كبيرة للمتابع لحدة الصراع التي يتميز بها منصب الامين العام بالامة والذي دوما ما أجج داخل الكيان العريض أزمات الجهات ووضع الجسم في صراع وانقسام بين ابناء البحر والغرب كما يصطلح له داخل الكيان، لكن ان دققنا النظر الي الطريقة التي تم بها ترشيح الدكتور ابراهيم الامين يمكن الا نعير همس الانشقاق الذي يمكن ان يحدثه حجب الثقة عن الجنرال بحساب الموازنات القبلية والجهوية التي ظلت تحاصر الحزب العريق طويلا فترشيح الامين جاء عبر رئيس الحزب بولاية شمال دارفور لكن نتيجة التصويت التي كان فارقها 32 صوتا تشير الي ان الكتل ذات الثقل لم تكن داعمة للخطوة وهو ما قاله بالامس صراحة احد القيادات المنحدرة من دارفور لكنه فضل حجب اسمه وقال« نريد موقعا منتخبا داخل الحزب، نعم يمكن ان يقوم الرئيس بحسب التوازنات لكن هذا لا يعني عدم الالتفات للقواعد التي تدعم الحزب باقليم دارفور» ذات طريقة الحديث هي ما دفعت بالمهندس الراحل عبدالنبي علي أحمد في المؤتمر العام السادس وفجرت من قبل صراعات عنيفة حول تولي عمر نور الدائم وغيرهم من المنحدرين من اقاليم الشمال لكن هناك ايضا من يقول ان الوافد الجديد يمثل ولائية لم تحظ من قبل بالمنصب وهو ما يعد امر حميدا. كأن عضوية الهيئة المركزية للحزب الطائفي الكبير ارادت ان تقول للمنتظرين بالخارج «فهمتكم»، وهي تتخذ قرارها بالاجماع وتدفع باختصاصي النساء والتوليد الدكتور ابراهيم الامين ليجلس علي معقد الامين العام، لتنتظر بعد ذلك ميلاد حزب لا يعرف التشتت والانقسام، نعم سقط عشية عطلة الاسبوع الجنرال صديق محمد اسماعيل،وحزم مقتنياته سريعا من مكتب الامانة ليأتي الوافد الجديد، الرجل المثير للجدل طوال ثلاث سنوات هي عمره في المنصب التنفيذي الاول بالحزب الطائفي . لم يكتف الغاضبون باقالته ديمقراطيا وحسب بل اغلقوا امامه ابواب دار الامة بالضبة والمفتاح وانتظر لثلاثين دقيقة كاملة هي جهد بعض من انصاره لكسر طبل البوابة التي قال احد المتابعين كانت تنتظره مفتوحة علي مصراعيها قبل ساعات،لكن هل هذا هو الفجور في الخصومة ام ماذا، مع ذلك لم تكن اقالة الجنرال هي الحدث الابرز الذي خرج به اجتماع الهيئة المركزية لحزب الامة، فخروج صديق والاتيان ببديل اخر لا يعني ان الأزمات فارقت جسد الحزب الكبير، هذا ما يجب ان يعلمه الجميع، فما لا يختلف حوله اثنان هو ان المكاسب التي حققها الكيان رغم المصاعب والمطبات التي كادت ان تعصف بالحزب طوال ساعات الانعقاد ال48 الماضية هي الاكبر الا ان المنتظرين بعيدا عن رصيف الاحباب من قوي المعارضة واقطاب الحكومة ايضا كانوا يتابعون ما يجري وفي اليوم الاخير لم تلحظ الصحافة ارتياح اي من الطرفين ، وأحد قادة المعارضة قال« الدفع بابراهيم الامين كان بشارة طيبة لكن حديث الامام لم يفارق محطته القديمة وهذا ما يخيفنا ويحبطنا اكثر ، الا انه عاد واضاف جماهير الانصار ايضا يحبطها حديث الامام، ألم تلاحظ؟!.. الصحافة - عباس محمد ابراهيم