يبدو أن زيارة ألن لوروى مساعد الأمين العام للامم المتحدة ورودلف ادادا رئيس البعثة المشتركة للقوات الهجين لولاية جنوب دارفور وخاصة معسكر «كلمة»، أحدثت انفراجا امنيا وسط نازحي المعسكر من خلال ترجمة كل ما توصل اليه شيوخ المعسكر خلال اجتماعهم مع المسؤولين الأمميين الى واقع عملي داخل المعسكر، وخاصة بعد اتفاق نشر قوات «اليوناميد» بداخل المعسكر للعمل على حفظ الأمن ومراقبة تحركات المتفلتين. وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، قد صرح بأن انتشار قوات يوناميد داخل معسكر «كلمة» بصورة مستمرة يحصل للمرة الأولى، لكنه أشار إلى أنه لحظ خلال زيارته الأخيرة للمعسكر مع رئيس البعثة المشتركة للقوات الهجين، ارتياحا واسعا لدى قاطني المعسكر، وقياداتهم التي اجتمعت بمسؤولي الأممالمتحدة والبعثة المشتركة. وقبل مغادرة المسؤول الأممي كان قد أجرى اجتماعات مكثفة مع الأطراف المختلفة بشأن الوضع في معسكر «كلمة»، وحول كيفية أن تقوم قوات اليوناميد بتنفيذ المهام التى أوكلت إليها من قبل مجلس الأمن الدولي، بالرغم من أن هنالك صعوبات كثيرة تواجه الجميع، لكنه قال إنه واثق من أن اليوناميد تقوم بالمزيد في تنفيذ مهماتها بدارفور يوماً بعد يوم، خاصة بعد النتائج الطيبة التى توصل إليها اجتماعهم مع الحكومة بالخرطوم الذي التزمت فيه بتقديم التسهيلات والمساعدات لنشر قوات اليوناميد وبكامل التعاون. وقال عدد من النازحين إن زيارة الوفد الأممى للمعسكر أحدثت بعض الشىء من الطمأنينة فى نفوس النازحين، مشيرين إلى أن هنالك دوريات ليلية تقوم بها البعثة بداخل المعسكر، وهذه الدوريات لم تكن مشهودة فى السابق، ويوجد تنسيق تام فى هذا الجانب بين شيوخ المعسكر والشباب والقوات نفسها، مؤكدين أن القوات الحكومية ليست لها أية مشاركة فى هذه العملية تعزيزا لعمليات حفظ السلام بمعسكر «كلمة» التى من خلالها يمكن جمع السلاح وحظر نشاط المجموعات المتفلتة والعصابات التى تقوم بحمل السلاح داخل المعسكر. وقد بدأت البعثة فى تشييد مقر لها بالمعسكر بغرض تعزيز وجودها للعمل وسط النازحين. وذكر أحد الشباب الناشطين بالمعسكر ل «الصحافة» أن الأوضاع الأمنية بداخل المعسكر مستقرة وأفضل مما كانت فى السابق، خاصة بعد الدوريات الليلية التى تقوم بها قوات اليوناميد، مما انعكس ايجابا فى أرض الواقع، مشيرا الى ان واقع الحياة تغير تماما، وأن قوات اليوناميد استطاعت أن تنشط عملها بعد الأحداث التى شهدها المعسكر فى 25 أغسطس الماضى. وتمكنت من القبض على عدد من معتادي الإجرام وبعض العصابات التى تقوم بنهب ممتلكات المواطنين من خارج المعسكر، وتم تسليمهم الى الشرطة السودانية. وفى حال القبض على أية مجموعة معتدية او تقوم بترويع المواطنين، يتم تسليمهم للشرطة، والناس يعيشون فى رضاء تام عما تقوم به بعثة اليوناميد بداخل المعسكر، وأضاف عدد من الناشطين بالمعسكر «ان اكثر ما يزعجهم هو عمليات التهديد والنهب التى تقوم بها بعض عصابات النهب ومعتادو الإجرام للنازحين خارج أطراف المعسكر، خاصة ما تتعرض له النساء عند عمليات «الاحتطاب»، مشيراً إلى حادثة وقعت قبل أسبوع، حيث قامت مجموعة من المسلحين بتهديد حافلة ركاب بالقرب من المعسكر قادمة من نيالا عجزت قوات اليوناميد عن تقديم الحماية لها، ورفضت التدخل بحجة أن أي عمل إجرامى خارج المعسكر ليس من مهامها. ولكن تمكن الشباب داخل المعسكر من التدخل لانقاذ المواطنين والقبض على أربعة من المعتدين، وتم تسليمهم الى البعثة المشتركة بالمعسكر، وقامت البعثة بتسليمهم إلى الشرطة السودانية بمحلية «بليل». وكان عدد كبير من النازحين يرى أن من المهم أن تشمل مهمة قوة يوناميد لحفظ السلام «داخل المعسكر وخارجه» بالتعاون مع الشباب داخل المعسكر، الكشف عن الغرباء والمعتدين. وفى ذات السياق رحب عدد من شيوخ المعسكر بوجود البعثة داخل المعسكر، وطالب رئيس هيئة مشائخ معسكرات اقليم دارفور عبد القادر خواجة، قيادة قوات اليوناميد بالوجود الدائم فى معسكرات النزوح، لاسيما معسكر «كلمة» لإغلاق الباب أمام مزاعم انتشار السلاح بالمعسكرات، وطالب بانتشار القوة المختلطة على مدار ال «24» ساعة فى المعسكرات، محذِّرا من أن عدم إنجاز «اليوناميد» لمهمة حفظ الأمن بشكل كامل داخل المعسكر، سيعتبره النازحون فشلاً قد يضع «اليوناميد» في جانب الحكومة ويعرضها للخطر. وأكد رئيس هيئة مشائخ معسكرات اقليم دارفور، تعاونهم مع البعثة لجمع السلاح بالمعسكر اذا وجد، ومحاربة أية مجموعات تقوم بترويع النازحين بداخل المعسكر حتى يعم الأمن والاستقرار في المعسكر، وأن يحصل النازحون على حقوقهم الكاملة. ويشار إلى أن نازحي معسكر كلمة، قدموا في وقت سابق مذكرة إلى وفد أممى برئاسة كل من رودلف أدادا والوسيط المشترك جبريل باسولى للبعثة، أثناء زيارة الوفد للمعسكر. وقال أحد شيوخ المعسكر- فضل حجب اسمه- إن المذكرة احتوت على مجموعة من المطالب في مقدمتها ضرورة أن تتيح الحكومة المجال أمام المنظمات الإنسانية لنقل المساعدات للنازحين وإزالة كافة أنواع المتاريس أمامها، وأضاف أنهم أطلعوا الوفد على أن الوضع الإنسانى بالمعسكر مازال غير مستقر، وانتقدوا دور الأجهزة الحكومية في هذا الخصوص. وتوصل النازحون للعديد من التفاهمات مع الوفد الأممي، من أجل توفير الأمن والاستقرار، ووعد أدادا وجبريل باسولي ببناء عدد من مراكز الشرطة بكل المراكز، إلى جانب السعي الجاد لنشر بقية القوات فى غضون الأيام القادمة. والآن، «اليوناميد» تحت تجربة جديدة هي بمثابة امتحان، نتيجته الفشل أو النجاح في حفظ الأمن والاستقرار داخل معسكر «كلمة»، بيد أن كل الدلائل الأولية تشير إلى أن هذه القوات ستجد القبول حتى يسهم وجودهم من خلال التعاون مع النازحين في دعم الاستقرار. عبد الرحمن ابراهيم :المصدر :الصحافة