يقع مثلث حلايب السوداني على الطرف الإفريقي للبحر الأحمر وتبلغ مساحته «20,580» وتوجد به ثلاث بلدات كبرى هي حلايب وأبو رماد وشلاتين، أكبرها شلاتين، وتضم في الجنوب الشرقي جبل علبة.. وتعد المنطقة محل نزاع حدودي بين مصر والسودان، تتبع حلايب رسميًا لجغرافيا السودان في خريطة العالم، وظلت منطقة حلايب السبب الرئيس في توتر العلاقات السودانية المصرية منذ الخمسينيات من القرن الماضي وإلى الآن، وقد ترك الاستعمار عددًا من المثلثات الحدودية بين الدول الإفريقية، ولتفادي التداعيات السالبة لتلك الوضعية نصَّ ميثاق الاتحاد الإفريقي على احترام الدول الحدود عند استقلالها وذلك تخوفاً من قيام أي صراعات مستقبلية حول الحدود بين الدول الأعضاء لكن رغم ذلك حدث نزاع في هذه المنطقة بين الجانبين وصل إلى حد العمل العسكري. وتفاصيل التعديلات التي أُدخلت على المادة التي تقضي بأن لفة السودان تُطلق على جميع الأراضي الواقعة جنوب خط عرض «22» شمال وهي أراضٍ سودانية غير قابلة للجدل إلا أن القضيَّة عاودت الظهور بمسرح الأحداث مرة أخرى عندما أكَّدت الحكومة السودانيَّة مجددًا أن فتح ملف حلايب والمناطق الحدودية مع مصر «مُرجأ إلى حين» وأنَّ الوقت ما يزال غير مناسب للتعاطي مع القضية نظرًا لعدم استقرار الأوضاع السياسيَّة بمصر، وأبدت الحكومة تمسكها بمثلث حلايب كونه أرضًا سودانية، وقالت إنها لن تجامل في هذا الحق البتَّة، حيث أكَّد السودان تجديد المطالبة بأحقية المثلث المتنازَع عليه بداية العام الجاري في الأممالمتحدة. وأبان مدير إدارة شؤون مصر بوزارة الخارجية عصام عوض أن عدم تنفيذ الحريات الأربع الموقَّعة بين مصر والسودان يعود لاعتراض الجانب المصري على حرية التنقل للفئة العمرية من «18 49» سنة لتخوف الحكومة المصرية من أن تشكل تلك الفئة مشكلة أمنية إضافية بجانب الاعتراض على حرية حق التملك بحيث تطالب مصر بأن يكون حق التملك حرًا بينما ملكية الأراضي في السودان تتم وفق قانون الحكر وأكد عوض أن الاختلاف في بند حرية التملك يحتاج إلى توجيه سياسي لذلك تم رفعه للنائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه. وأكَّد عوض أن الخرطوم والقاهرة وقَّعتا على برتوكول قيام منفذين على الجانب السوداني والمصري بنقطتي اشكيت وقسطل كلٌّ منهما في مواجهة الآخر وعلى جانبي خط عرض «22» بعد قبول الجانب المصري اعتراض السودان على عبارة الحدود الدولية التي وردت في بروتوكول التعاون المشترك بين البلدين «المادة 5» التي أضافها الجانب المصري، وقال: «لو قبلنا بها كان ذلك سيعد اعترافًا بأحقية مصر في حلايب وشلاتين. وأضاف أن تضمين البروتوكول لخط عرض «22» يحفظ للسودان حقه تمامًا. وبحسب رأى خبير القانون الدولي والمستشار القانوني للمجلس الأعلى للتكامل بين مصر والسودان د. شيخ الدين شدو فإن جذور أزمة حلايب بين الحدود السودانية المصرية بصفة رئيسية حول التكيف القانوني لاتفاقية «19» يناير «1899م» بين مصر وبريطانيا بشأن إدارة السودان في المستقبل والأثر الذي رتبته القرارات الإدارية الصادرة عن وزارة الداخلية المصرية في «26» مارس «1899م» و«25» يونيو 1902م على المادة الأولى من الاتفاقية ومن ذلك فإن أزمة حلايب تبقى في إطارها العام ضمن الشكل القانوني البحت لهذه القرارات والتعديلات لكنها دائماً ما تخرج من الشكل القانوني لتأخذ طابعًا وشكلاً سياسيًا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحالة العلاقات السودانية المصرية، مشيرًا إلى اختيار الظرف الراهن ووصفه بغير مناسبة لإثارة مشكلة الحدود السودانية المصرية مؤكدًا أن هناك قضايا الشأن الداخلي في السودان جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور أما مصر فإنها تضج بالمشكلات الداخلية منذ اندلاع ثورة 25 يناير حتى الآن وضعها لا يسمح، واحتلال حلايب ليس بالأمر الجديد لذلك يجب تجميدها ويبقى الأمر كما هو عليه سابقاً بتكوين لجان مشتركة تمثل الحكومة المصرية والسودانية لمناقشة الحل الأمثل ومراعاة الجوار بين الدولتين الشقيقتين إضافة إلى التاريخ العريق والحضارة لأكثر من «7» آلاف عام، كل هذه الأشياء ينبغي مراعاتها من الجانبين قبل التصريحات أو تنفيذ الحلول المقترحة في السابق في أن تكون منطقة تكاملية أو يجري فيها استفتاء عام مشيدًا بتمسك السودان بأرضه التي تمثل سيادة الدولة قانونًا. وبحسب مراقبين فإن اعتبارات الجغرافيا ومسارات التاريخ وحركة البشر في خلق العلاقة الخاصة بين السودان ومصر على مر الزمان ربما لم يتيسر لشعبين آخرين في المنطقة وهناك علاقة قوية بين الشعبين الشقيقين وسيظل النيل هو الرابط الأزلي بين السودان ومصر فهناك صلة النسب والمصاهرة والدم الرابط بينهما والملاحظ أن السواد الأعظم من أهالي أسوان ترجع جذورهم إلى السودان وتمتد الحدود المصرية السودانية ويمثل السودان العمق الإستراتيجي الجنوبي لمصر لذا فإن أمن السودان واستقراره يمثلان جزءًا من الأمن القومي المصري. تقرير: فتحية موسى السيد