في تلك الأيام والتي توصف بالزمن الجميل .. كانت الحياة بسيطة ورقيقة كانت الناس تعيش بلا تكلف ... على سجيتها كانت الضحكة تخرج من بين ثنايا المواقف العفوية غير المصنوعة لذلك كانت الحياة ثرية بالمواقف الضاحكة والطرائف واللطائف والفن السوداني عبر تاريخه الطويل شهد العديد من المواقف اللطيفة والمضحكة .. ولعل قصة الشاعر الشاب حينها السر قدور تصلح كنموذج للحكى والروي . وتقول الحكاية : ( " الناشئ " آنذاك السر قدور قد حمل إذن أولى تجاربه الشعرية وذهب إلى قهوة جورج مشرقى في "سوق الموية" بأمدرمان يعرضها على شيخ الشعراء عمر البنا المشهور ببغضه الشديد للشعر الردئ وما إن نظر فيها مليا حتى إغتاظ وقام منفعلا يريد أن ينهال على الفتى القادم من الدامر بعكاز أو بسطونة كانت في يده لولا أنه فر من أمامة كما تفر الحمر المستنفرة من قسورة . الفنانة عائشة الفلاتية بنت بلد خفيفة الدم مشبعة بروح أم درمان والأحياء الشعبية في العباسية وبانت والمورده وغيرها ولها الكثير من النوادر والقفشات التلفازية كان السر قدور قد منحها منحها قصيدة "ياحبيبي أنحنا إتلاقينا مرة " فأهملتها مدة بل وأخذت تطالبه بإدخال بعض التعديلات هنا أو هناك حتى أضجرته فقام بتسليمها للمرحوم العاقب محمد حسن الذي لحنها وغناها وتقلبها الناس الناس قبولا حسنا ملأ قلب الفلاتية حنقا وكمدا ، عندما قابلت السر قدور في ردهات الإذاعة قالت له وهي تكاد تميز من الغيظ : " ده كله منك ...داهية تأخذك وتأخد عوض جبريل " ، تقصد الشاعر عوض جبريل وعندها ضحك السر قدور ملء شدقيه وسألها أن ما شأن عوض جبريل ؟ أجابت "عشان شين زيك" للفنانة منى الخير أغنيات حسان جاءت فيها بكل ماتقدر عليه من الإجادة مثل " الحمام الزاجل " و " عيون المها " و " إحترت معاك " و " أيام وليالي " و " عشان هواك حبيت قمرية فوق الدوح " ولكن رغم شهرتها وإنتشارها كانت قد إختفت زمانا وإنقطعت أخبارها عن الوسط الفني فسعت إليها مجلة الإذاعة وأجرت معها حوارا ختمته بسؤال ممعن في الظرافة وهو : " لو قالوا لك إختاري زوجا من الوسط الفني تختاري منو " ؟... ولم تكن يومئذٍ ذات بعل ، فقالت على إستحياء عبد العزيز محمد داؤود ، فقيل لها بأنه متزوج . قالت عثمان الشفيع فقيل متزوج .. قالت صلاح محمد عيسى ، قيل لها برضو متزوج .. قالت " الباقين ما ينفعوا معاي " .