يبدو أن د. عوض الجاز، وإن فتح بلف الأنبوب الناقل لنفط الجنوب، فسيغلقه مرة أخرى. وربما مرات حتى (يحلج البلف) لأن النافذين في حكومة الجنوب ما زالوا على إنكارهم القديم بأن جوبا لا تدعم المتمردين على الخرطوم. هذا الإنكار الذي يرشح يومياً من الجنوب، لا يغري بالتفاؤل بطي صفحة الأزمة أو معاودة النفط الجنوبي للتدفق عبر أنابيب السودان بصورة دائمة، بل أنه يفرغ مقترحات أمبيكي لإحتواء التصعيد في أزمة إغلاق الأنبوب من محتواها، ويجعلها مجرد (تبنيج) للأوضاع وليس حلاً دائماً لها، وسرعان ما (يفك) ذلك البنج، وتعود الآلام من جديد. دعم دولة الجنوب للجبهة الثورية، والرفاق في قطاع الشمال بالحركة الشعبية، حقيقة ثابتة وموثقة بالأدلة والبراهين التي لا تخطئها العين، ولا يتفاداها إلا مكابر، وبالتالي فإن المرواغة في هذا الأمر يُرسل إشارات غاية في السلبية مفادها عدم جديتهم في إيقاف الدعم، فالإعتراف بالمشكلة هو أول الخطى في طريق إصلاحها، أما إنكارها فلا ينفي حقيقة أن هنالك مشكلة. آخر تصريح جنوبي بشأن إنكار الدعم للمتمردين الذي أضحى مثل ضوء الشمس، صدر من الوزير دينق ألور، فقد نفى ذلك في ندوة بجوبا أمس الأول حسب ما جاء في جريدة المصير الجنوبية، وعبر الرئيس سلفا كير ميارديت أكثر من مرة عن ذلك الإنكار لعل آخرها فيما يبدو كان في المؤتمر الصحفي الذي خصصه للرد على توجيه البشير بإغلاق أنبوب النفط رغم أن دعمهم المنكور إعمالاً للمقولة الشعبية الرائجة (الشينة منكورة)، مع ان هذه (الشينة) إعترف بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ووزير خارجيته جون كيري. دعم جوبا المنكور للجبهة الثورية، لم يعد خافياً أنه يهدف لإسقاط النظام في الخرطوم تمهيداً لمجىء نظام آخر طيّع يكون رهن إشارة جوبا ولا يستطيع أن يقول لها (لا), وقد عبّر د. لوكا بيونق صراحة في مقالة أوضح فيها إن غالبية الجنوبيين لا يرغبون في إقامة علاقات في ظل النظام الحاكم في الخرطوم الذي وصل إلى طريق مسدود برأي د. لوكا. ومضى لوكا الذي يتماهى مع التيار الداعم للجبهة الثورية إلى القول: (أنا متأكد من أنَّ حكام السودان الجدد سينظرون لجنوب السودان كجار إستراتيجي, وسيسمحون بتدفق البترول الجنوبي عبر السودان بأقل الرسوم, وربما مجاناً. الحكام الجدد سيقومون كذلك بالعمل على التوصل إلى حل ودِّي بخصوص المناطق الحدودية المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان, كما أنهم سيتوصلون إلى حل للوضع النهائي لمنطقة ابيي وفقاً لمقترح الإتحاد الإفريقي.). من الآخر، فإن إنكار حكومة الجنوب لدعمها المثبت إلى الجبهة الثورية، يجعل من المبكر جداً التفاؤل بطي صفحة هذه الصراع على المدى القريب، وحتى وإن تم فتح البلف، فسيغلق في انتظار سقوط النظام. الرأي العام السودانية