تعليق مثير من زيدان على انتقال مبابي لريال مدريد    مصر تتفوق عالميًا بمؤشر جودة الطرق.. قفزت 100 مركز خلال 10 سنوات    توتي الضحية    نصائح مهمة لنوم أفضل    الخارجية الأمريكية تطالب حميدتي بمعاقبة مرتكبي "ود النورة"!!    إتحاد الكرة السوداني يشيد حكومة جنوب السودان    أشاد بالأداء والنتيجة..دكتور معتصم جعغر يهاتف اللاعبين والجهاز الفني مهنئاً بالانتصار    الأمانة العامة لمجلس السيادة تحتسب المهندسة هالة جيلاني    أديب: الحكومة الجديدة تحتاج "سوبر مان" لمواجهة التحديات    سمية الخشاب ممنوعة من السفر.. تعَرّف على السبب    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    قصف مدفعي لقوات الدعم السريع في اتجاه الأحياء الشمالية الغربية لمدينة الفاشر    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    كوستي.. إسقاط مسيرات    نائب رئيس مجلس السيادة يلتقي وزير الخارجية الروسي    السعودية.. رقم قياسي عالمي في التبرع بالملابس    المليشيا المتمردة تقصف أحياء كرري وتخلف شهداء وجرحي    السودان يكسب موريتانيا بهدفين في تصفيات المونديال    السودان يهزم موريتانيا ويتصدر مجموعته في تصفيات كأس العالم    شاهد بالفيديو.. وسط ضحكات وسخرية الجمهور.. أفراد من الدعم السريع يعثرون على "مكثفات" أجهزة "تكييف" داخل إحدى المنازل يزعمون أنها قنابل ومتفجرات ويصفون الأمر بالانجاز الكبير    الجزيرة تستغيث (4)    شاهد بالصورة والفيديو.. عارضة أزياء سودانية حسناء تستعرض جمالها بثوب عليه صورة الشهيد محمد صديق ومقولته الشهيرة (من ياتو ناحية)    شاهد بالفيديو.. مواطن سوداني مشهور بتشجيعه لفريق بوروسيا دورتموند يسخر من فوز ريال مدريد: (الفريق الأسباني فاز بمساعدة فكي في سنار أحضروا له تيس أسود لتحقيق اللقب)    انتظام حركة تصديرالماشية عبر ميناء دقنة بسواكن    "كعب العرقي الكعب" .. وفاة 8 أشخاص جراء التسمم الكحولي في المغرب    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    الكشف عن قيمة الشرط الجزائي الخيالي في عقد مبابي مع الريال    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    "إكس" تسمح رسمياً بالمحتوى الإباحي    حادث مروري بين بص سفري وشاحنة وقود بالقرب من سواكن    تونس.. منع ارتداء "الكوفية الفلسطينية" خلال امتحانات الشهادة الثانوية    السودان..نائب القائد العام يغادر إلى مالي والنيجر    السعودية.. البدء في "تبريد" الطرق بالمشاعر المقدسة لتخفيف الحرارة عن الحجاج    وفد جنوب السودان بقيادة توت قلواك يزور مواني بشاير1و2للبترول    صدمة.. فاوتشي اعترف "إجراءات كورونا اختراع"    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تمرد مناوي .. عمل عسكري بلا أفق سياسي !!
نشر في النيلين يوم 13 - 02 - 2014

الزمان مطلع فبراير سنة 2007م، والمكان بهو فندق المهاري بطرابلس الليبية على شاطئ البحرالابيض المتوسط، حيث لعبت الصدفة دوراً مهماً في أن التقي السياسي ذائع الصيت احمد ابراهيم دريج على أعتاب السلم وهو يمشي متمهلاً محاطاً بحزام بشري من ابناء دارفور الذين بدأوا في كامل أناقتهم الأفرنجية، وفي عجالة عفوية هي سمة فطرية تميز السودانيين عن غيرهم قررت أن أنتهز السانحة الثمينة والتحدث الى دريج، ومن خلال دعابة مرحة أسفرت عن ضحكات وتعليقات تلاشت تفاصيلها وسط زحام الفندق الفخيم، ووافق سيادته مشكوراً على أن يمنحني بضعة دقائق على طاولة الضيافة المحروسة بخادمات كالبلور في غاية البشاشة و«الخفة».
وبمجرد مباركته للحوار المقتضب فقد تداعت الى مخيلتي كل مقاطع المشهد المتداخلة:
عن دريج وعلاقته التاريخية بحركة سوني التي وئدت وتفرق دمها بين أولئك النفر.
وعن دريج حاكم اقليم دارفور الذي غادر البلاد مغاضباً الرئيس جعفر نميري.
وعن دريج زعيم المعارضة أيام الديمقراطية الثانية التي نحرتها مايو69م.
وعن دريج الراعي الماسي لتمرد دارفور المتشظي
منذ عام 2002م.
وعن دريج منجم المعلومات السياسي بحكم التجربة وعامل السن وتقلبات الدهر.
وعن دريج ابن زالنجي وكادقلي سليل الادارة الاهلية.
وعن دريج الذي تجمعه بموسى هلال «زعيم المحاميد» أواصر الملح والملاح وسنين الطفولة.
وخلال نصف ساعة فقط كانت هي عمر الحوار الخاطف الذي دار بيننا بحضور لفيف من مريدي الرجل ومساعديه، خرجت بخلاصة يقينية أن حركات دارفور المسلحة سوف تزرع الخراب وتملأ الدنيا ضجيجاً وجلبة في ظل انسداد كامل لأفقها السياسي.. وهذه الآفة الفكرية المتمثلة في غياب الرؤية المتكاملة لمنفستو الحركات الدارفورية هي التي أفرغت اتفاقية أبوجا 2007م من محتواها، فماتت مخلفة وراءها دخاناً كثيفاً نجم جراء حرق تلال من الملفات لخطط وبرامج عمل كانت تعيش على سراب وعود المانحين ومحدودية التمويل المحلي. وها هي اتفاقية الدوحة 2010م تحل محل ابوجا بعد حذفها، وبت أخشى عليها من زفة سيرة الى مثواها بأغنية ... وا خوفي من نفس المصير «اللهم ارحم هاشم ميرغني».
وعلى خلفية غياب الرؤية السياسية المستوعبة للحاضر ومآلات المستقبل التي افتقدتها مرحلة النضال المسلح لحركات دارفور «وخاصة حركتي العدل وتحرير السودان» ظلت منطقة برام الكلكة هدفاً مقصوداً مع سبق الاصرار والترصد لعدوان التمرد الدارفوري الذي سجل التاريخ له عمليات عدوانية متكررة تنم عن سوء القصد منذ عدوان بولاد عام1990م.. ثم معارك دموية طاحنة في منطقة أبو شيلة عام 2004م راح ضحيتها ثلة من أكرم رجالات الهبانية علي رأسهم الشهيد عمر علي الغالي وكيل ناظر القبيلة وشقيقه المستشار القانوني الغالي علي وآخرون ليس من بينهم من هو جيفة أو نطيحة.
وقبل أن تندمل جراح الهبانية امتدت يد الغدر لتغتال الشهيد تاج الدين الحلو في مؤامرة تواطأت على تنفيذها عدة جهات فلتت من العقاب وكانت سعيدة بخسوف القمر لتعبث في الظلام.. ومازال عرض مسلسل الاعتداء مستمراً حيث تم حجز عربة ناظر القبيلة بواسطة جماعة مني أركو في منطقة تبلديات وهي في طريقها الى برام من نيالا، وهذا المنحى الأخير يعتبر خطوة استفزازية قصد بها جر القبيلة الى مواجهة قتالية مع حركة مسلحة تدعي في أجندتها أنها نشأت من أجل مواطن دارفور.. ولكن هذا السلوك العدواني من المتمردين يعتبر رسالة مكشوفة لجس نبض الهبانية وجرهم الى فخ المواجهة مع هذه الحركات التي باتت تبرطع وتمرح جيئةً وذهاباً في داخل أرض الكلكة مستغلة غفلة قيادات القبيلة لتستثمر في تسامح عرف به أفراد الهبانية منذ القدم.. ولكن بات من الضروري أن يرد الهبانية الصاع صاعين لغسل العار، فالشرف الرفيع لن يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم.
وكل تلك الابتلاءات المتكررة والمقصودة زادتنا يقيناً بأن وجود جماعات التمرد هو عمل مقصود ومرتب تحت ستار ما يعرف العيش على خشاش أرض المنطقة الرخوة في ولاية جنوب دارفور«ركز في كلمة رخوة».. وتم تحديد إحداثيات تلك المنطقة الرخوة قبل قيام مؤتمر حسكنيتة في سنة 2005م.. ويبدو أن معايير الاختيار قد ركزت بالدرجة الأولى على فراغ القيادة في برام الكلكة التي فقدت النجوم من الرجال بالرحيل من الفانية أو بالهجرة للاستقرار بالخرطوم، وبما أن العامل الثاني مقدور عليه فسنراهن على هجرة معاكسة لسد فراغ القيادة عبر ترتيبات تستوعب كل طاقات الموارد البشرية لمنطقة برام الكبرى.
وأرجو أن تستوعب قيادات التمرد ومثلها الجماعات المتفلتة صحة معادلة معنوية مهمة في عالم السياسة السودانية بأن الولاء للأم «القبيلة» يأتي قبل الولاء للخالة «الانتماء السياسي».. وحقيقة أخرى يجب أن يدركها التمرد في دارفور بأن مردوده سالب على حياة المواطن الذي هو إما نازح «بلغ عددهم أكثر من 4.9 مليون» وأما لاجئ «بلغ عددهم أكثر من 700 الف» وأما مقيم خائف مهووس بالرحيل، وهم الأغلبية في المدن الكبرى والقرى المحروسة بظل الحكومة أو بقدرات دفاع ذاتية صارت تمثل عبئاً اضافياً على عملية السلام وبسط هيبة الدولة، مما جعل رئيس السلطة الاقليمية يناجي الفراغ العريض بقاعة تشريعي الفاشر ويتوسل للتاريخ عبر نداء للمجهول بأهمية جمع السلاح من أيدي المواطنين.. وأحسب أن أمنية دكتور سيسي عملية في غاية التعقيد في ظل وجود عبث مستمر لحركات وجماعات مسلحة بلا أفق سياسي ظلت تقتات وتتكسب عبر فوهة البندقية في فوضى غير خلاقة تنم عن عجز السودان كله «حكومة ومعارضة» عن بلوغ التمام حول التصالح والتراضي الوطني، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام كل الاحتمالات.. والله يكضب الشينة!!
صحيفة الانتباهة
الحسين إسماعيل أبو جنة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.