بعد انتهاء مراسم التوقيع على اتفاقية نيفاشا مباشرة ، ظهرت على السطح الأزمة في دارفور بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والإنسانية. ونتيجة لغموض الأحداث ودموية الصراع بين الفئات المتناحرة وتدهور الوضع الإنساني والحرب المشتعلة بواسطة الحركات المتمردة ، إضافة إلى حالة الاحتقان و الغليان بسبب الأحداث التي توالت بوتيرة أكثر عنفاً في دارفور ففي الوقت الذي يجري الحديث فيه عن العامل السياسي يكون العامل الاقتصادي والقبلي حاضراً في ثنايا السياسي. والعكس صحيح بحيث يكون السياسي حاضراً بكل أشكاله وأبعاده أثناء الحديث عن العامل الاقتصادي والقبلي ولذلك وفي محاولة لعدم تهميش سبب من الأسباب أو عامل من العوامل نعتمد في هذا التقرير على تشخيص مختصر لجذور الأزمة على التسلسل التاريخي للأحداث مع رصد مكونات الحدث من حيث أسبابه وتداعياته بغية الوصول قدر المستطاع إلى صورة كاملة لطبيعة الأزمة في دارفور خلال الأيام الأخيرة. جاء كبر متقلداً منصب والي ولاية شمال دارفور مراهناً على ترتيب أوضاع ولاية شمال دارفور التي كانت نقطة انطلاق التمرد الأولى عقب مهاجمة مطار الفاشر بقيادة مني اركو مناوي. إلا أن تحديات كثيرة ظهرت بعد ذلك أعاقت مسيرة كبر من بينها مشكلة «سوق المواسير» التي أنهكت اقتصاد ولايته، بجانب مشكلة المليشيات المتواجدة بالولاية إضافة إلى التفلتات الأمنية ، و مشكلة جبل عامر التي اتهم كبر زعيم قبيلة المحاميد موسى هلال بأنه المتسبب والمسؤول الأول والأخير فيها، ما حدا بالأخير الاعتكاف في منطقة مستريحة ومطالبة المركز بإقالة الوالي كبر ومن ثم يكون لكل حادث حديث وما زال هلال عند موقفه ذاك . الحركات المسلحة وموسى هلال اعتبروا كبر المتسبب الوحيد في تعقيد أزمة دارفور ولا ينصلح الحال إلا بذهاب كبر وبسببه اندلعت أحداث كثيرة نذكر على سبيل المثال الأحداث الأخيرة في شرق دارفور وذكر مناوي أن ضربة الطويشة قُصد منها تحدي كبر على وجه الخصوص , و في مليط أيضاً حيث طال العنف المتصاعد الإقليم المضطرب والي شمال دارفورعثمان يوسف كبر وأكدت الأنباء بشأن تعرضه لمحاولة إطلاق نار أدت إلى مقتل سائقه الخاص وأحد أفراد حراسته في وقت أدان الجيش في بيانٍ له ما وصفه بالهجوم الذي نفّذه مرتزقة مني أركو مناوي ومحاولتهم زعزعة الأمن والاستقرار وترويع المواطنين بمدينة مليط بولاية شمال دارفور وأشارت المصادر إلى أن كبر تعرّض لكمين من قبل مجهولين بالقرب من منطقة الكومة التي تبعد «80» كيلو متر عن مدينة الفاشر و حسب مصادر موثوقة أن كبر زار السبت منطقة مليط التي هاجمها المتمردون ورفض الأهالي في أجزاء واسعة من المدينة استقباله .الجدير بالذكر أن كبر تعرّض لعدد من محاولات الاغتيال ففي عام 2004م تعرّض كبر لهجوم بمدينة «الطويشة» التي ينتمي إليها حيث تم الاعتداء على منزل أسرته وأسرة الصادق ضو البيت ناظر عموم قبائل شرق دارفور إضافة إلى تدمير المباني الحكومية ومركز الشرطة والاستيلاء على بعض السيارات وقد نجا مرة أخرى من محاولة اغتيال بعد اشتباكات في منطقة شنقلي طوباي بين الجيش السوداني وقوات حركة تحرير السودان برئاسة مني أركو مناوي . و لم تكن هذه المحاولات الحادثة الأولى لمحاولة اغتيال الولاة فهناك محاولات عديدة نذكر على سبيل المثال المحاولة الفاشلة التي تعرض لها من قبل والي شرق دارفور الأسبق عبد الحميد موسى كاشا من عملية اغتيال من نوع آخر حيث تعرض لإطلاق نار ورشق بالحجارة والعصي من مواطني محلية «عديلة» وأفاد مصدر فضّل حجب ذكر اسمه أن الاحتقان والضجر الذي يكبته البعض من أهل المنطقة تجاه كبر وسياسته هو الذي يكمن وراء تعرضه لمحاولات الاغتيال المتكررة وينجو منها بأُعجوبة. وأشار ذات المصدر إلى أن كبر في حاجة ماسة لمراجعة سياساته في الولاية وعلاقاته بالمكونات المحلية بداخلها ، فإذا كان كبر نجا من إطلاق النار الذي قالت الرواية الرسمية بأن من قاموا به كانوا سكارى فقد لا تسلم الجرة في كل مرة «والرصاص الطائش يدوش» كما يقول أهلنا في شمال الوادي. صحيفة الإنتباهة خديجة صقر البرزن