انعكست الحرب الدائرة في جنوب السودان بين جيش دولة جنوب السودان بقيادة الفريق سلفاكير ميارديت، وقوات التمرد بقيادة نائبه السابق رياك مشار، سلبا على الاقتصاد السوداني، خاصة بعد تهديد المتمردين حقول النفط وخطوط تصديره عبر السودان. ونفى عضو المجلس الوطني السوداني عمر علي تورط السودان في الصراع الدامي بين سلفاكير ومشار، وقال إن "السودان هو الخاسر الأكبر من الحرب بين الطرفين والتي تشتعل في ولايتي الوحدة وأعالي النيل حيث توجد حقول النفط. وتهدد هذه الحرب -كما يقول علي- بخسارة السودان لحصته من رسوم تصدير نفط دولة جنوب السودان وقدرها خمسة مليارات دولار، أي حوالي 20% من ميزانية الدولة، بالإضافة إلى أن تدهور الأوضاع الأمنية على الحدود أدى إلى إعاقة النشاط التجاري في ثماني نقاط رئيسية للتبادل التجاري. وأضاف أن الأحداث الدامية التي وقعت في مدينة بانتيو في الآونة الأخيرة أشاعت الذعر بين التجار السودانيين، فلم يعودوا مطمئنين على أرواحهم وممتلكاتهم في جنوب السودان. وتوقع أن يعاني الاقتصاد السوداني من مصاعب بالغة إذا لم يتوقف القتال "الذي لا تلوح في الأفق بوادر نهاية قريبه له". حاوي: حرب الجنوب عصفت بالتجارة الحدودية مع السودان (الجزيرة) التجارة الحدودية من جانبه أكد عميد البحث العلمي بجامعة بحري الدكتور حمد عمر حاوي، أن اشتعال الحرب في المناطق المتاخمة لحدود دولة السودان، "عصف بالتجارة الحدودية التي ينشط بها الأفراد في مدن الرنك وجودة وغيرها". وأشار حاوي إلى أن مناطق التماس بين الدولتين "تتواجد فيها فصائل مسلحة مثل الحركة الشعبية-قطاع الشمال، وحركة العدل والمساواة"، ويتوقع التصعيد ضد الخرطوم كلما اشتد صراع الفرقاء بدولة جنوب السودان. وأضاف أن الصراع بطابعه القبلي بين "الدينكا" في شخص سلفاكير، و"النوير" في شخص مشار، ماضٍ نحو مزيد من التصعيد، وأن تهديد مشار لحقول النفط هو تهديد حقيقي. وخلص إلى القول بأن تهديد الإنتاج النفطي، وأحداث بانتيو الأخيرة، أدت إلى تراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار في السوق السوداء. وقال الكاتب والمحلل السياسي أتيم سايمون إن تهديد الإنتاج النفطي بدولة جنوب السودان من شأنه أن يحرم اقتصاد السودان من عائدات التصدير عبر أراضيه، وبالتالي سيفقد أهم موارده للعملة الصعبة. وأضاف أن الحرب بين الحكومة والمتمردين في دولة جنوب السودان أدت إلى تعثر التجارة البينية وتفاقم معاناة المواطنين في حدود الدولتين. كما أن أجواء الحرب -يقول سايمون- "نقلت البلدين إلى أجواء حرب باردة، ودفعت باتهامات متبادلة بين الدولتين". وختم سايمون حديثه للجزيرة نت قائلاً إن "تهديد حقول النفط بجنوب السودان يمكن أن يصبح حقيقياً إذا حصل المتمردون على دعم عسكري من الخارج". من جهته، قال الباحث والناشط السياسي تاج السر عثمان للجزيرة نت إن الحرب في جنوب السودان أدت إلى تعطيل حركة الرعاة وتعميق الصراعات بين القبائل الحدودية التي تعتمد في معيشتها على الثروة الحيوانية، بالإضافة إلى النزوح الكبير للمواطنين هرباً من القتال. سايمون: تهديد حقول النفط في الجنوب سيفقد الخرطوم عوائد مالية كبيرة (الجزيرة) تداخل إثني وقال الصحفي بجريدة المصير أبراهام مرياك إن استقرار تدفق الموارد النفطية لدولة الجنوب رهن بتوقف الحرب "التي تنذر باختناق اقتصاد دولتي السودان". مشيرا إلى اتهام جيش جنوب السودان لعناصر من الجنجويد بالاشتراك في القتال إلى جانب قوات مشار، بينما يتهم الأخير، قطاع الشمال والعدل والمساواة بالانخراط في القتال إلى جانب قوات حكومة جنوب السودان. ووصف رئيس حزب قوى السودان المتحدة حامد تورين تفجُر القتال في دولة جنوب السودان بأنه "إعلان لتدمير اقتصاد الدولتين". وقال إن "المزاج القبلي الذي يدار به النزاع نقل التوتر إلى المناطق الحدودية بين السودانيْن، وهي مناطق تداخل إثني وعرقي. وقال إن "السودان هو من يدفع فاتورة خراب التجارة الحدودية، لأنه المنتج والمصدر لغالبية السلع التي تستوردها دولة الجنوب". ونوَّه إلى أن تفاقم الصراع سيدفع بتأثيرات غير منظورة، حال لجوء إحدى القبيلتين (الدينكا أو النوير)، إلى استغلال "ملف المياه" للحصول على الإسناد الخارجي، وهو ما سيؤدي إلى تهديد مباشر لاقتصاد دولتي المصب، السودان ومصر، على حد قوله. المصدر : الجزيرة: عبد الله محمد الشيخ-الخرطوم