كلام الناس حتى لو كان المقصود فأرا نور الدين مدني * الوسائط الإعلامية التقنية الحديثة أصبحت تؤدي إلى جانب أدوارها الإعلامية المتعددة دوراً مهما في حفظ التراث الإنساني بكل ثرائه وحكمته ومأثوراته وبالتالى فإنها- على غير ما يدعي الانكفائيون- يمكن إذا أحسن إستغلالها تسهم إيجاباً في نشر ثقافة السلام والخير والحق والجمال والصدق والوفاء. الخ. * يتحفنا الأصدقاء في كثير من الأحيان برسائل إلكترونية إرشادية ووعظية، بعضها مباشر وممل وبعضها يرسل إشاراته الأخلاقية عبر إسلوب شيق وجذاب بكل ما تتضمن هذه الرسائل من حكمة إنسانية نحن جميعاً في حاجة ماسة لتدبرها والإستفادة منها في حياتنا وعلاقاتنا وتعاملنا ومعاملاتنا مع الآخرين. * أمس إبان تصفحي بريدي الإلكتروني وقفت عند هذه القصة تحت عنوان (حتى لو كان المقصود فأرا) وبعد الفراغ منها وجدّت إنها تستحق القراءة والنشر على نطاق أوسع لأنها متصلة بقيمة إنسانية مهمة بدأت تتراجع وسط ركام اللهاث اليومي وراء لقمة العيش والضغوط المعيشية والإقتصادية التي تغرقنا أكثر داخل ذواتنا. * تتلخص القصة الإلكترونية في أن فأرا إكتشف أن أهل البيت الذي يوجد فيه أعدوا مصيدة للفئران فاندفع صائحاً في المزرعة (لقد جاءوا بمصيدة الفئران.. يا ويلنا). * عندها صاحت الدجاجة محتجة (أسمع يا فرفور المصيدة مشكلتك وحدك فلا تزعجنا)، وجه بصره للخروف محذراً من وجود مصيدة في البيت فقال له الخروف نفس الكلام (إنك المقصود بهذه المصيدة)، إستنجد بالبقرة فإستخفت بأمره. * أدرك الفأر أنه يقف أمام المصيدة وحيداً وليس معه أحد فقرر ان يتدبر أمر نفسه بنفسه، وذهب بعيداً عن المصيدة ونام، وفجأة شق سكون الليل صوت المصيدة، فقد أطبقت على ثعبان، زوجة صاحب البيت ذهبت لتطمئن على ان المصيدة أطبقت على الفأر فعضها الثعبان. * في فترة العلاج احتاجت إلى سوائل وكان لابد من ذبح الدجاجة لعمل شوربة لها، توافد الجيران للإطمئنان عليها فكان لابد من ذبح الخروف، ثم توفيت الزوجة وتكاثر المعزون وكان لابد أن تذبح البقرة، وبقى الفأر المستهدف من المصيدة. لتذكرنا هذه القصة الجميلة ان ضحايا المصيدة يمكن أن يكونوا أكثر من المستهدف منها. * المشاكل المحيطة بنا ليست بعيدة عنا سواء كانت في الجنوب أم في دارفور أو في أية بقعة من بلادنا بل وفي العالم من حولنا لأنها من الممكن أن تؤثر علينا، بل من المؤكد أنها تؤثر علينا إن لم يكن في الحاضر ففي المستقبل. السوداني