حديث المدينة أطلقوا سراح.. الحكومة..!! عثمان ميرغني في تقديري .. أنَّ الدكتور حسن الترابي .. زعيم حزب المؤتمر الشعبي حتى هذه اللحظة حقق وبنجاح كبير ما كان يخطط له.. أو على الأقل ما يتمناه.. الترابي كان في بداية حملته الانتخابية توعّد الحكومة بسيناريو (الطامّة الكبرى) .. ولم يكن متاحاً التفرُّس أو التنبؤ بتفاصيل (الطامّة الكبرى) إذ لا توجد مؤشرات أو إرهاصات معينة تُنذر ب(طامّة كبرى أو صغرى).. لكنَّ الذين يعرفون الترابي جيداً يدركون أنه (رجل استراتيجيات) يجيد إرسال الكرات البعيدة.. والتهديف من خارج خط (18).. وكثيرون يظنّون خطأً أنَّ الحكومة تعتقل الترابي الآن.. والحقيقة أنَّ الترابي هو الذي يعتقل الحكومة.. فخلال الحملات الانتخابية سرى في الشارع السوداني إحساس كبير بالإنفراج وسعة الصدر السياسي.. بل و(التغيير) .. واستثمر حزب المؤتمر الوطني كثيراً في أحاسيس الإنفراج السياسي وازداد كسبه بالطريقة التي لعبت بها الأحزاب المباراة.. طريقة (شارك – إنسحب – شارك).. وبدت الأحزاب ضعيفة مهزوزة أمام عيني المواطن فحصد المؤتمر الوطني نتائجه الانتخابية بكل سهولة.. وبعيداً عن اتهامات التزوير كانت كل المؤشرات تدل على أنَّ الرياح تنفخ في أشرعة حزب المؤتمر الوطني.. وبقوة.. ولو استمر نسيم الانتخابات يسري عليلاً بعدها.. فإنَّ أرباح المؤتمر الوطني تتضاعف وتتصدّع كل الآمال التي ربما كان الشارع العام يتمناها في الأحزاب المعارضة.. ولكن..!! من هنا كانت خطة الدكتور الترابي.. إرغام الحكومة وحزبها المؤتمر الوطني على العودة إلى مربع الرعب.. إعادة تلوين صورة (الشجرة الخضراء ) التي خاض برمزيتها الوطني الانتخابات.. لتصبح سوداء ذابلة.. وحسب منطق رقعة (الشطرنج السياسي) فالمرء لا يصنع النصر بالنقلات المباشرة.. بل في كثير من الأحيان يحتاج إلى (نقلات الطرف الآخر) الخاطئة.. وبدلاً من أن تقوم بالنقلة الصحيحة أنت.. أترك الطرف الآخر يقوم هو بالنقلة الخاطئة.. هذا ما فعله الترابي.. جعل الحكومة/حزب المؤتمر الوطني تقوم بالنقلة الخاطئة.. استخدم حقنة دواء مُهيِّج.. فتحصَّل على رد الفعل المناسب الذي يضع الحكومة/المؤتمر الوطني في أضيق ركن.. قضية نشرتها صحيفة (رأي الشعب).. بمبدأ ( إن صحَّت التجارة.. المرة والحمارة).. ولم يُكذِّب ظنَّهم المؤتمر الوطني .. إلتقط الطُعم.. فأصبح المشهد السياسي.. الترابي في أفسح مكان.. ليس بين جدران سجن كوبر.. هو في فضاء الإعلام المحلي والخارجي.. فضاءٌ أوسع كثيراً مما كان يحظى به وهو بين جدران منزله بالمنشية.. بينما الحكومة – على سعة دنياها- محصورة في أضيق فضاء لا تجد ما تقوله للداخل أو الخارج.. إنقلب الوضع، فبدلاً من أن يذهب الترابي إلى السجن حبيساً.. والوطني إلى القصر رئيساً.. الآن الترابي في السجن طليقاً يقول عنه الإعلام أكثر مما كان يمكن أن يقوله وهو خارج السجن.. لا تطالبوا الحكومة بإطلاق سراح الترابي.. بل طالبوا الترابي بإطلاق سراح الحكومة..!! التيار