الشينة منكورة..."وخلوها مستورة" لا أكثر ولا أقل الحارث أحمد التوم درج بعض السادة من كبار قادة الشرطة، الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام المختلفة، عقب كل حادثة أو قضية، أو “مصيبة" تحل بالبلاد، أقل ما يمكن أن يقال عنها وتوصف به أنها “مربكة" و"متناقضة"، وتجنح للتبرير، بدلاً عن قول الحقيقة، كما أنها في غالبيتها لا تحترم عقول من توجه لهم تلك التصريحات. بعد الاعتداء الوحشي على المواطنين الأبرياء العزل في تظاهرات الفاشر المطالبة برد الحقوق من مافيا “سوق المواسير"، قالت السلطات الأمنية إنّ السبب في قتل المتظاهرين هو أنهم تبادلوا إطلاق النار مع قوات الشرطة، التي ردت عليهم بإطلاق “الأسلحة الثقيلة" والدانات، عقاباً لهم على تطاولهم في (حمل السلاح) وإطلاق النار على الشرطة، ولأنهم غير مدربين على أستعمال السلاح فلم يصب أحداً من الشرطة بأذى أو سوء!! وحين أقدمت عصابة “إختطاف الأطفال" على القيام بتلك الجرائم في وضح النهار وعلى “عينك يا شرطة" وأصيبت معها الأسر بالهلع والفزع على مصير أطفالها، خرجت علينا الشرطة بتصريحات مفادها أن المخطوفين خمسة أطفال وليس مئات كما يشيع “المخربون" و"المغرضون" وضعاف النفوس، فأعادتنا تلك التصريحات، لتصريحات السيد رئيس الجمهورية عن عدد قتلى الحرب في دارفور، حين ذكر أن عددهم عشرة ألف “فقط" وليس ثلاثمائة كما تشيع دوائر الاستعمار والاستكبار وعملاء الغرب من قادة فصائل دارفور !! وفي ذات الوقت صرح السيد وزير الداخلية بأنّ الاختطاف تقوم به قبيلة لا تنجب!! فمن نصدق؟!! وعندما طالعتنا الصحف بخبر محاكمة منسوبي شرطة الاحتياطي المركزي بتهمة التعدي على أحد المواطنين وسلب ممتلكاته، وتمت إدانتهم بالجرم المشهود والحكم عليهم بالسجن ، نفت الشرطة أن يكونوا من منسوبيها، دون أن تفتح في مواجهتهم بلاغات بجريمة “إنتحال شخصية الشرطي"، وهي أشد خطورة من الجريمة التي حوكموا بها!! وتكتمل صورة هذه التصريحات، بعد أحداث جامعة الدلنج الدامية، والتي راح ضحيتها طالبات وطلاب، خرجوا في مسيرة سلمية احتجاجاً على ممارسات بعض منسوبي “الصندوق القومي لنهب الطلاب"، فتصدت لهم قوات الشرطة بالغاز المسيل للدموع أولاً ثم الرصاص الحي بعد ذلك . لكن السيد مدير شرطة الولاية صرح بأن المتظاهرين أطلقوا الرصاص على الشرطة، فكان لابد للشرطة من الدفاع عن نفسها، وبالطبع لم يطلعنا سيادته على من أصيب أو جرح من قوات الشرطة جراء ذلك، ويبدو أنهم مثل إخوتهم في الفاشر لا يجيدون استعمال السلاح ولا إطلاق الرصاص، بل يتقنون السير على الأقدام، والهتاف الدواي من الحناجر ، ويمتازون بالشجاعة والجسارة والإقدام. كنا نتمنى لو جهر هؤلاء القادة بالحق وصدعوا به، بدلاً من تبرير جرائم النظام، الذي هو إلي زوال ، طال الزمن أم قصر ، لكن يبدو أنهم آثروا السلامة الشخصية والحفاظ على المنصب العالي، الذي لا يتم الحصول عليه إلا بشق الأنفس في ظل الأنظمة الشمولية ، ولا يمكن التضحية به، إلا من أولئك الذين يحاسبون ضمائرهم الحية، ويقدسون مهنتهم الشريفة. وهؤلاء عملة نادرة في هذا الزمان الردئ. ورحم الله الفريق علي يس الذي قال لا لترحيل اليهود الفلاشا للرئيس المخلوع النميرى وكان وقتها وزيراً للداخلية، فأين للسودان من أمثاله؟ الميدان