الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    قرارات جديدة ل"سلفاكير"    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبريل باسوليه: في بلاد العميان ، الأعور يصير ملكا
نشر في الراكوبة يوم 06 - 06 - 2010


...
ثروت قاسم
[email protected]
مقدمة:-
الوصول الي طريق مسدود في مشكلة دارفور , واتهام الدكتور خليل ابراهيم للوسيط الدولي جبريل باسوليه بانه ( غير نافع ؟ ) , دفعنا لاعادة نشر مقالة , تم نشرها أول مرة في يوم الاثنين الموافق 25 اغسطس 2008.
معالي السيد جبريل باسوليه:
في يوم 30 يونيو 2008 ، تم تعيين معالي السيد جبريل باسوليه ، كبير وسطاء الأمم المتحدة والأتحاد الأفريقى لأقليم دارفور , ليحل محل تيم الوساطة الثنائي المكون من السويدي جان الياسون , ممثلا للامم المتحدة , والتنزاني سالم احمد سالم , ممثلا للاتحاد الافريقي . وقد بدأ معاليه عمله الرسمي من الفاشر في يوم الاثنين الموافق 25 اغسطس 2008.
قبل تعيينه لهذا المنصب المرسوق ، كان معاليه يشغل منصب وزير خارجية بلده بوركينا فاسو, فى غرب أفريقيا .
في هذه المقال نحاول أن نستعرض مؤهلات وخبرة معاليه, اللتين رشحتاه لهذه المهمة الصعبة ، متوخين الموضوعية ، ومصلحة ضحايا محنة دارفور ، الذين يعتمدون على معاليه لإنقاذهم من جحيم دارفور .
معاليه لا يجيد التحدث لا بالعربية ولا بالأنجليزية :-
قال معالي السيد جبريل انه لايؤمن كثيرا\" بجدوى المؤتمرات ، والأجتماعات الموسعة لحلحلة مشكلة دارفور ، ويفضل اللقاءات الثنائية, لردم هوة عدم الثقة بين الأطراف كافه . ولكن للأسف معاليه يتحدث فقط اللغة الفرنسية ، ولا يجيد التحدث لا باللغة العربية, ولا باللغة الأنجليزية . وربما لاحظت ، يا هذا ، أنه يتحدث بمساعدة مترجم فورى ، من الفرنسية الى العربية وبالعكس .
ويحق لك أن تتسال: كيف يمكن لمعاليه أن يعقد لقاءات ثنائية, ويقيم علاقات شخصية ، وصداقات مع ممثلى حكومة السودان وزعماء المتمردين ، وهو يتكلم معهم من خلال مترجم فوري . ثم إن كل زعماء المتمردين يعيشون في الشتات, في بلاد الله الواسعة ، فى أوربا وافريقيا . وقطعا سوف يحتاج معاليه للتحدث معهم من خلال التلفون . فكيف يتم ذلك ؟
يتحدث المترجم الفورى مع الزعيم المتمرد ، ثم ينقل كلام الزعيم لمعاليه ، ثم يترجم كلام معاليه للزعيم المتمرد . بهذا نكون قد فقدنا خصوصية العلاقة بين معاليه والزعيم المتمرد .
المترجم الفوري يمثل حائطا\" يفصل بين معاليه, والزعيم المتمرد أو ممثل الحكومة . الزعيم المتمرد لن يكون شفافا\" ، ويفتح قلبه وعقله للمترجم الفوري . سوف يشعر الزعيم المتمرد ان المترجم الفورى شخص غيرمؤتمن , وربما كان جنجوديا\" مزروعا\" من قبل الحكومة . وقد رأينا كيف أغتال اللاجئون الدارفوريون بعض المترجمين ، خطأ ودون وجه حق ، أذ يعتبرونهم من الجنجويد . ولا يمكن أن تغير من مفاهيم هؤلاء القوم ، سواء اللاجئين في المعسكرات, أو زعماء الشتات ، مهما أوتيت من بلاغة وحكمة .
عندما يختلى المرء بزوجته ، لا يستطيع أن يفعل شيئا\", مع وجود طرف ثالث عزول . المترجم الفوري هو ذلك الطرف الثالث العزول بين معاليه وزعماء المتمردين وممثلى حكومة السودان .
لن يستطيع معاليه أن يفعل شيئا ؟
وجود المترجم الفوري يلغى الخصوصية ، ويجعل المحادثات بين معاليه والإطراف المتحاربة ، محادثات رسمية ، جافة ، ليس فيها أخذ وعطاء ، وشيلنى وأشيلك ، وباركها يا حاج ، وعشان خاطرى ، وأنا زولك وصاحبك وعاوز مصلحتك فاسمع كلامى ؟ تصبح محادثات معاليه وكأنها مراسلات بريدية أو الكترونية ، وتفقد النكهة الشخصية, والحميمية اللازمة لنجاح مهمة معاليه .
أفريقيا حبلى بالوسطاء المؤهلين الذين يجيدون التحدث أما بالعربية أو الأنجليزية ، فلماذا الأصرار على أختيار معاليه ؟
الأجابة على هذا السؤال تجدها فيما بعد في هذه المقالة .
يمكننا القول بأن مهمة معاليه قد فشلت قبل أن تبدأ ؟ .
معاليه لم يتلق أي دراسات جامعية :
معالي السيد جبريل لم يتلق تعليما\" جامعيا\" ، فهو لم يدخل أى جامعة فى حياته ! كما أنه لم يتلق أى دراسات أكاديمية متخصصة مثلا\" فى : حلحلة النزاعات أو منهجية الوساطات ، لتؤهله لموقعه الحالى .
ونحن نقر بأن التعليم الجامعى ليس شرطا\" لازما\" لوظيفة الوسيط الدولى ! ولكن يجدر بنا أن ناخذالأعتبارات الأتية فى الحسبان :-
أولا :-
التعليم الجامعى مفتاح للمعارف الأنسانية يوسع المواعين الضيقة ، وينمى حب الاطلاع والقراءة عند الخريج, فتتفتح مداركه، وتكون نظرته لمختلف الأمور أكثر شموليه ، مما يمكنه من تحديد المشاكل, ثم النظر فى أنجح الطرق لحلها . التعليم الجامعى ليس هدفا فى حد ذاته ، بل معبر ومفتاحا\" لفضاء العلم الرحب الذى يرفد العقل ، ويغذيه, ويجعله قادرا\" على استيعاب المشاكل , وابتكارا أنجح السبل لحلها .
ثانيا\" : -
معظم زعماء المتمردين, وكل ممثلى حكومة السودان من الخريجين, بل بعضهم يحمل درجة الدكتوراة فى مجال تخصصه. وقد لا ينظرون بكثير من التجلة, والأحترام , والتقدير لوسيط دولى لا يملك على أبسط مقومات العلم, المتمثل فى الشهادة الجامعية . فيفقد الوسيط الدولى غير الخريج هيبته بين الأطراف المتنازعة, وتفشل مهمته .
ثالثا\" :-
معالى السيد جبريل رجل عسكرى. وطبعا\" يمكن للعسكرى الأستيلاء على السلطة فى بلده بقوة السلاح, وأن يفرض نفسه على شعبه من خلال فوهة البندقية ، ويصبح وزيرا\" للخارجية , أو وزيرا \" للأمن . يمكن للرجل العسكري أن يفعل ذلك في بلده ، وليس لدينا أي اعتراض على ذلك ، مادام كل ذلك يحدث داخل بلده . ولكن لايجوز للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي, أن ينزلا على دارفور وسيطا\" عسكريا\" بالبراشوت ، ويتم فرضه على الأطراف المتحاربة, وكأننا بصدد انقلاب عسكري . أذا لم يكن لحكومة السودان, أو الأطراف المتحاربة دور في الموافقة على الوسيط ، فعلى الأقل يتحتم على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي اختيار الرجل المناسب لحلحلة هذه المحنة, التي لا يزال أوارها يستعر .
رابعا\" :-
في الثقافة السودانية ، أوائل الطلبة يذهبون للجامعة بمختلف تخصصاتها ، ثم الحتالة تذهب للكلية الحربية . في الثقافة السودانية ، خريج الجامعة له مكانه أجتماعية خاصة ، لانه مفروض أن يملك على مفاتيح المعرفة والحكمة . ومن أوتى الحكمة فقد أوتى خيرا\" كثيرا\" . ولا عجب ففي السودان, وفى معظم البلاد الأفريقية , فأن ثورات التحرير من قبضة الاستعمار البغيض, قد قادها الخريجون, لأن التعليم الجامعي قد فتح بصائرهم, وأنار أمامهم الدرب .
وعليه فإن الجميع يتوقع من الوسيط الدولي أن يكون ذا عقليه مكنته من ولوج الجامعة, حتى يتمكن من تفهم مشكلة دارفور, وابتكار الحلول السياسية اللازمة لها .
العسكري مهمته حماية بلده من أي عدوان خارجي بقوة السلاح ، وليس بقوة العقل والمنطق والوساطة والحوار . ذلك متروك للساسة ، وعليه فإن الوسيط الدولي لدارفور لايحتاج لخبرته العسكرية لحلحه مشكلة دارفور السياسية .
نخلص من ذلك أن المؤهلات الأكاديمية الجامعية تضفى على الوسيط الهيبة اللازمة لنجاح وساطته ، وتجعل الأطراف المتحاربة تعطيه الاحترام, والتجلة بدلا\" من النظر إليه نظرة دونية, متعالية مما يفقد الوسيط الدولي أبسط مقومات فرص نجاح وساطته .
أذا حدث, لا قدر الله, أى معوق وفشل فى المفاوضات, لأى سبب ، وهناك مئات الأسباب لذلك ، فإن هنالك شماعة جاهزة لتعليق هذا الفشل . وهى ان الأمم المتحدة والأتحاد الأفريقى قد أختارا وسيطا\" غير مؤهل ، ولايملك حتى على شهادة جامعية ، للوساطه وحلحلة مشكلة دارفور .
معاليه لم يترشح لأى موقع أنتخابى :-
الحيوان السياسى المتمرس يعرف كيف يكسب أصوات ناخبيه فى دائرته الانتخابية, وإلا فعليه أن يلزم منزله . أنه يمشى بين الناس وفى الأسواق. يشاطر الناس أفراحهم وأتراحهم ، ويساعد الضعيف منهم والمسكين . يحس بنبضهم فيسرع لعمل مايلزم. باب مكتبه ومنزله مفتوحان 7/24 طيلة السنة . بهذه الصفات يكسب الحيوان السياسى المتمرس قلوب الناس ، فيهرعون إليه طلبا\" للمشورة والنصحية . بهذه الخبرات التراكمية فى فن معاملة البشر ، من المفروض أن يكسب السياسى مقدرات خاصة للتوسط, والوساطة فى كافة المجالات, وعلى كافة الأصعدة .
للأسف فأن معالى السيد جبريل لم يترشح لأي موقع أنتخابى ، ولذلك لم يضطر لخطب ود الناس ، والتفاعل معهم .
حسب طبيعة وظيفته ، وهى بعد وظيفة مقدرة ومهمة فى مجالها ، كان معاليه يتلقى الأوامر من رؤسائه فينفذها ، وينتظر الأوامر القادمة لكي ينفذها ، كما يقول هو نفسه بذلك . أذن\" سيرته الشخصية العسكرية التى تتدابر مع السياسة, لا تؤهله لكى يلعب دور الوسيط السياسى لحل مشكلة سياسيه بامتياز .
مشكلة دافور السياسية تحتاج لوسيط سياسى ، يطق الحنك مع عبد الواحد, مثلا\" ، ويشعره أنه يرعى مصالحه, ومصالح شعبه فى دارفور .
هل سمعت ماقاله روبرت زوليك مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية السابق, ورئيس البنك الدولي الحالي ؟ هل سمعت ماقاله زوليك لعبد الواحد, وهما فى غرفة عبد الواحد فى أبوجا, بعد أن رفض عبد الواحد ركوب قطار أبوجا, وحرن في العقبة :
أسمع يا عبد الواحد ، أنا صديقك وأريد مساعدتك ومساعدة شعبك ، فأذا قبلت ووقعت كما فعل منى أركوى مناوى, فسوف نلبى كل طلباتك ونضمن لك تنفيذ الأتفاق . أما أذا ركبت رأسك, ورفضت التوقيع, فلا تلومنى بعد ذلك . واعرف اننى صديقك اليوم, وربما لا أكون غدا\" .
زوليك رجل سياسى بامتياز . فهو ورغم قوة الولايات التى يتوكأ عليها ، كان بأمكانه أن يكتفى بالأجتماعات الرسمية على طاولة المفاوضات . ولكنه لم يفعل ذلك ، بل تخطى الحواجز ، وذهب الى عبد الواحد فى غرفته ، وتكلم معه كلام الأربعة عيون .
هل يستطيع معالي السيد جبريل فعل ذلك ؟ الرجل العسكري يتعود ويعتاد وتصبح طبيعة في جيناته أن يذهب فقط إلى رؤسائه, وفقط عندما يطلبون منه ذلك. وأن يأتيه مرؤسيه عندما يطلب هو منهم ذلك . تلك هي طبيعة الرجل العسكري .
ثم كيف يمكن لمعاليه ولوج أبواب غرف المتمردين خلسة ، وحاجز اللغة, ثم حاجز المترجم الفوري, يقف سدا\" منيعا\" بينهم .
مشكلة دارفور ليست نزهة. ويحسن لمعاليه أن يتدبر مقوله شعبيه دارفورية تقول بأن الضفادع تتجنب المياه الساخنة .
( مى حامى ما شغل قعونج ) .
خبرة معاليه في الوساطة :-
رئيس جمهورية بوركينا فاسو رجل عسكري امضى في السلطة اكثر من عشرين عاما متواصلة ، واصبح من عمداء الرؤساء وشيوخهم في غرب إفريقيا . ثم انه الابن المدلل لفرنسا وصديق حميم للعقيد الاممي. فلا عجب إن يحاول كبير القوم حلحلة مشاكل جيرانه والوساطة بينهم بالخير.
وكانت هناك مشكلة في دولة توغو المجاورة. فأخذ رئيس جمهورية بوركينا على عاتقه التوسط فيها, ومحاولة حلها بالتي هي أحسن. وكلف فخامته معالي السيد جبريل بإدارة المفاوضات بين الاطراف التوغولية المتخاصمة في واقادوقو عاصمة بوركينا, وتحت اشراف فخامة رئيس الجمهورية المباشر . وبعد عدة اسابيع من المحادثات, وقعت الاطراف التوغولية المتخاصمة اتفاق سلام في واقادوقو في يوليو 1993 . بعدها عين فخامة رئيس الجمهورية معالي السيد جبريل ليمثل بوركينافاسو في لجنة الوساطة الاقليمية المكونة من عدة دول في غرب افريقيا, للتوسط في مشكلة الطوارق في دولة النيجر المجاورة . وجرت المحادثات في واقادوقو تحت إشراف فخامة رئيس جمهورية بوركينا فاسو المباشر ، وتوجت بالتوقيع على اتفاقية سلام في واقادوقو في ابريل 1995 . تم في واقادوقو في عام 2007 التوقيع على اتفاقية سلام بين رئيس جمهورية كوتديفوار الحالي ورئيس وزرائها الحالي (والذي كان وقتها زعيما لحركة متمردة تدعى القوات الجديدة) . تم توقيع هذه الاتفاقية تحت رعاية رئيس جمهورية بوركينا وبمساعدة معالي السيد جبريل .
أعلاه التجارب الثرة لمعالي السيد جبريل في الوساطة, والتوسط. ونورد هكذا تجارب حتى لا نبخس معاليه أشياءه . ولكن للأسف الامر في دار فور مختلف جدا . سوف يكون معاليه وحيدا. فلن يجد فخامة رئيس جمهورية بوركينا, لكي يزوده بالتعليمات كما في حالة توغو وكوتديفوار ، وليس هناك لجنة وساطة اقليمية, يكون معالية طرفا فيها من عدة اطراف كما في حالة النيجر .
ورغم ذلك نتمنى لمعاليه التوفيق في مهمتة الصعبة. ولانعرف كيف يستطيع النجاح في كسر شوكة هذه المشكلة, وهو مقيد بالسلاسل المذكورة اعلاة . على الأقل سوف يكون له اجر المجتهد..... ولكن على حساب التعساء من أهل دارفور .
ولكن معاليه رجل مسلم :-
ويقول قائل : ولكن معاليه رجل مسلم ، وترد فتقول أن المشكلة في دارفور ليست دينيه ، فالقوم كلهم مسلمون على السكين . ثم ما فائدة أسلام معاليه, إذا كان لايستطيع الاستشهاد بمحكم التنزيل, والحديث الشريف لعدم معرفته بلغة القران .
وقال أخر بأن معاليه يحفظ صم سورة التوبة, ويحفظ عن ظهر قلب كل آيات البراءة ? وقد أفحمنا هذا القول فلم نستطيع الرد عليه .
إستراتيجية معاليه لدارفور :
صرح معالي السيد جبريل عند وصوله الخرطوم لأول مرة, بأنة لم يرسم بعد استراتيجية لحل المشكلة في دارفور. وانه بعد بصدد دراسة المشكلة من كل جوانبها . وربما شعرت بالإستغراب وانت تسمع لهذا التصريح ، فقد كنت تتوقع من معاليه ،وقبل وصوله الخرطوم ، أن يكون قد درس ملف دارفور دراسة معمقه ، وألم بكل شاردة, وواردة فيه, بمافي ذلك السيرة الشخصية لكل زعيم من حاملى السلاح, ومطالب كل حركة ...... نعم كنت تتوقع أن يخبرك معاليه بأن عبد الواحد, مثلا\"..... يفضل الشاي بدلا من القهوة, ويفضل البيبسى كولا بدلا من الكوكا كولا ، وانه يحمل معه دائما سبعة تلفونات محمولة نمرها كالاتى .........
ولكن للاسف اكتشفت أن معاليه خالى ذهن كالمرحوم النذير دفع الله مع حمودة ، وأنه يتوقع أن يدرس ملف دارفور من الأن فصاعدا ، ووقع فى حيرة أبى الطيب فى صحارى نجد :
وقد سالنا بنجد ونحن أدرى : أطويل طريقنا ام سيطول
ولكن من يهتم بذلك, وغير ذلك, مادامت مخصصاته مدفوعة, وبالكامل, والكل يقوم ويقعد معاه ، وحكومة السودان وحاملو السلاح مبسوطون 24 قيراط به ومعه .
ودور دور يا الوابورجاز ؟
سيرة ذاتية مختصرة لمعاليه :-
بعد دراسة عسكرية أولية فى بلدة كاديقو في بلده بوركينا ، تخرج معاليه من الأكاديمية الملكية العسكرية فى مكناس فى المغرب (1979 - 1982 ) ، ثم من الكلية الحربية فى ابيدجان فى كوت دى ايفوار (1982 -1983 ) ، بعد تخرجه التحق بخدمة بلاده كقائد للفرقة العسكرية في مدينة بوبو (1983 -1984 ) ، بعدها قائدا\" للفرقة العسكرية فى وأقادوقو (1984 – 1987 )، بعدها تمت ترقيته قائدا للواء العسكرى الخامس فى وأقادوقو (1987 - 1995), بعد أن أبلى بلاء حسنا فى الانقلاب العسكري الدموي الذي قاده رئيس جمهورية بوركينا الحالى, ضد زميله , ورفيق سلاحه توماس سأنكره في 15 أكتوبر 1987 ، والذي انتهى باغتيال الرئيس سأنكره .
بعد انقلاب 1987 الناجح, توالت الترقيات بالعمود, والزانة, على معاليه فصار مستشارا\" رئاسيا (1995 -1999 ) ، ثم في الفترة( 1999 -2007 ), وعلى التوالي قائدا\" عاما\" لجيش بلاده, ثم وزير دولة لشئون الأمن, تحت وزير الدفاع ، ثم وزيرا\" للخارجية . الموقع الذي طار منه ليرك فى دارفور وسيطا\" دوليا\", ولم يبلغ سن الخمسين إلا مؤخرا\" .
كيف تمكن معاليه من الحصول علي هذه الوظيفة ؟
الولايات المتحدة الأمريكية بلد اللوبيات بامتياز . ولم تنج سكرتارية الأمم المتحدة في نيويورك من هذه اللوبيات . بوركينا فاسو عضو غير دائم في مجلس الأمن لهذه الدورة ( عام 2008 ) . وسفيرها لدي الأمم المتحدة, الذي يمثلها في مجلس الأمن, قد عمل ( لوبي ) شديد, ليتم تعيين رئيسه معالي السيد جبريل , وزير الخارجية وقتها ، وسيطاً دولياً في دارفور.
أما في رئاسة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا, فأن رئيس الاتحاد الأفريقي الحالي ووزير خارجية دولة الجابون السابق , السيد بنق ، صديق شخصي لمعالي السيد جبريل ، الذي كان من قادة الحملة الانتخابية, لانتخاب صديقه رئيس الاتحاد الأفريقي الحالي.
ولابد للأسانسير إن يرجع ......... ليحمل معالي السيد جبريل .
أو كما تقول الشائعات المغرضة في نيويورك وأديس أبابا ؟
خاتمة:-
البعض يصور معالي السيد جبريل وكأنه لا يملك في اياديه على غير شاكوش يتيم . ولذلك فسوف يتخيل كل مشكلة امامه وكأنها مسمار . اذ انه لا يستطيع استعمال شاكوشه اليتيم في اي ظرف اخر غير ضرب المسمار . قيدت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي معاليه وقذفت به في بحر دارفور المتلاطم, وقالت له إياك إن تبتل بالماء . ولكن القوم في الخرطوم, وحاملو السلاح في الشتات, جد سعداء بمعالي السيد جبريل .
فأين المشكلة ؟
يا ترى هل يرى القوم الحلاق وهو يحلق في رؤوس اليتامى ؟ يا ترى هل يرى القوم الفرعون العريان وهو يتبختر في شوارع السودان, ولا احد يرى عريه, إلا ذلك الولد الصغير الذي يكتب في هذه الحروف, التي لن يقرأها احد . القوم في السودان لايرون الفيل الذي في الغرفة . فقد ختم الله على قلوبهم, وعلى سمعهم, وعلى إبصارهم, غشاوة ، فهم لايبصرون . عمى فهم لايرجعون .
حقا وصدقا
في بلاد العميان............ الأعور يصير ملكا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.