بشفافية Prison Break حيدر المكاشفي الرواية الرسمية المذاعة والمنشورة عن الكيفية التي هرب بها شباب السلفيين المحكومين بالإعدام في قضية الموظف الأممي أمريكي الجنسية غرانفيل وسائقه السوداني من سجن كوبر العتيق، شابهت عندي في جزئية أساسية منها الحيلة التي أعانت بطل المسلسل الامريكي الشهير الذي تم عرضه لأول مرة قبل نحو خمس سنوات (Prison Break) - الهروب من السجن -، على الهروب، حيث تشارك المسلسلان، الأمريكي الخيالي والسوداني الحقيقي، في أن الهارب هناك والهاربين هنا استطاعوا أن يحصلوا على المخططات الهندسية والمعمارية للسجن ،الأمر الذي مكنهم من تحديد كيفية الهروب ولكن مع فارق مهم هو أن المسلسل الأمريكي كان أكثر شفافية حين جعل شقيق المحكوم بالإعدام في قضية اغتيال أخ نائبة رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية هو الذي اجتهد وسعى حتى حصل على المخططات الهندسية وهو أصلاً مهندس معماري، فقام بوشم المخططات على جسمه ثم ارتكب عامداً جناية تدخله السجن ليلتقي بأخيه داخله ويبدأ معه تنفيذ خطة الهروب، بينما أحاط الغموض الرواية السودانية التي لم تكشف بعد أو ربما لم تتعرف بعد على المصدر الذي كشف للفارين الخارطة الهندسية للسجن وتحديدا مواقع قنوات الصرف الصحي التي قالت انهم هربوا عن طريق احداها، ويبدو أن هذه القضية التي بدأت غريبة ستنتهي بغرابة ايضا، فعندما سرى أول خبر عن مقتل الموظف الأمريكي وسائقه السوداني في اللحظات الأولى لميلاد العام 8002م، كان أول تعليق رسمي على الفاجعة صادر عن وزارة الخارجية هو انها حدثت بين أجانب بسبب (شكلة حول نسوان)، وحينها تساءل الناس بتعجب، وهل (يتشاكل الخواجات على النسوان)، والآن ومع سريان الخبر الأول للهروب قالت الرواية الرسمية إنه تم عن طريق مصرف صرف صحي بعد أن حفروا خندقاً أو ممراً من محبسهم أوصلهم بالمصرف الذي اسلمهم للفضاء العريض، ومرة أخرى استغرب الناس إذ كيف لا يشعر كل من بالسجن بعمليات الحفر الدؤوبة ونقل المخلفات والمعروف ان عملية كهذه يمكن أن تدفع جيران السجن لرفع دعوى ضده بتهمة الازعاج العام، ثم كيف ل (ماسورة) يبلغ قطرها أربعة وعشرين بوصة في أحسن اتساع أن تسع شخصا بالغا ويستطيع أن يمر عبرها زحفا لمسافة ليست قصيرة بحسابات الزحف، وحتى لو افترضنا انها وسعته ومررته فهل يمكن أن يخرج منها سليما معافى رغم ما تحويه من قاذورات وملوثات وغازات خانقة.. لا لا.. الراجح ان هذه الرواية (الأولية) تحتاج الى مراجعة بنفس الطريقة التي روجعت بها من قبل التصريحات الأولى عندما كان دم القتلى ساخناً ولم يجف بعد.. كنت أتمنى لو صبر هؤلاء الشباب قليلاً، فلست ممن يتمنون موتهم رغم الجرم الشنيع والأفكار الهدامة المهلكة لهم قبل غيرهم، فحسب ما علمنا أنا هناك شخصا (كبير ومهم) يقود مبادرة وساطة مع والدة غرانفيل التي وضح انها لا تحب ولا تحبذ احكام الإعدام شأنها شأن سائر الامريكيين، وقد نجح هذا الشخص في الحصول على موافقة بالعفو من والدة غرانفيل مقابل تنفيذ الجناة لبعض الشروط من أهمها الاعتراف علناً بارتكابهم الجريمة والاعتذار عنها على رؤوس الاشهاد، هذا ما علمناه من شأن هذه المبادرة بعد عملية الهروب، ولكننا لم نعلم يقيناً موقف الجناة المحكومين بالاعدام منها، غير أن (هروبهم) لم يعد يعني غير شيء واحد هو أنهم رفضوها ولهذا عمدوا للهروب، ولكن الأهم من كل ذلك هو هل حقيقة كانت هناك مبادرة بهذا المعنى، وهل عرضت على الجناة، واذا رفضوها لماذا رفضوها، وهل مازال في الامكان السير بهذه المبادرة الى نهايتها هذا طبعا بعد أن يتم القبض على هؤلاء الشباب في أي وقت.. أعتقد أن الكشف عن تفاصيل هذه المبادرة والتركيز عليها إن صحت، ربما يجعل هؤلاء الشباب يغيرون رأيهم وقناعاتهم التي زيّنت لهم أمر الهروب وربما سلموا انفسهم، تسليماً باشتراطات المبادرة، وكان الله يحب المحسنين وكفى المؤمنين شر القتال.. الصحافة