جمعية ود داموك للأزواج المحبين!! منى سلمان [email protected] توارد خواطر لطيف جمعني مع برنامج الجزيرة هذا الصباح، فقد كنت اعالج فكرة الكتابة عن التواصل الوجداني بين الازواج، وحائط الصمت الذي يرتفع بين الزوجين بمرور السنوات، فتنغلق دواخل كل منهما وينأى ب (اشيائه) عن الآخر، وتنتهي بأن تتقلص مساحة الفضفضة بينهما وتنحصر لغة الحوار على (جيب لينا) من جانبها و(سوي لينا) من جانبه .. غشيتني (كبسة) يعرفها من يعاني مخاض الكتابة اليومية، فهربت من (الكي بورد) إلى (الريموت)، فإذا بي افاجأ بنفس الموضوع مطروح على مائدة الحوار الصباحي في قناة الجزيرة.. عرض البرنامج تقريراً لطيفاً تابع به آفة انعدام التواصل بين الازواج اليابانين، عبر تسليط الضوء على جمعية ترفع شعار التصريح بحب الزوجات (صراخا) ..آي والله ! فأعضاء الجمعية الرجال يجتمعون يوم في الاسبوع برفقة زوجاتهم، ليصعد كل منهم بالدور إلى منصة ويصرخ من فوقها بأعلى صوته على طريقة (الزين مكتول يا ناس) ولكن ب (الياباني): (أنا أحبك يا فلانة) .. طبعا (فلانة) هي زوجته المبسوطة وقاعدة تسمع في الكواريك وتضّاحك سنّين .. سنّين!! حكى التقرير عن ان الجمعية جاءت بهذا التقليد (الظريف)، لتحارب به الجفاف العاطفي بين الازواج، وذلك لأن التقاليد اليابانية تعتبر التصريح بحب الزوجات (عيب) يجلب العار والشنار لفاعله !! فاعتمدت الجمعية على تقليد ما قام به احد قدماء محاربي الساموراي، فقد كان المحارب الشجاع ممكونا بحب زوجته ولكن (مقطعو في مصارينو)، وبينما كان يشارك في احدى الحروب جاءه خبر وفاة زوجته الحبيبة فصاح صيحة عظيمة (أحبك يا فلانااااااة) .. كر علي يا ود أمي لكن بعد شنو؟!! لا تقتصر نشاطات الجمعية على الاعلان عن حب الزوجات ب (الكواريك) فقط، ولكن ايضا تعمل على تأكيد القول بالعمل، وذلك من خلال الاهتمام بتنمية مهارات التواصل بين الازواج، ومن ضمن تلك المهارات (التمام)، تعليم الازواج مشاركة زوجاتهم في انجاز الاعباء المنزلية ك (غسيل العدة)، وتعليم الزوجات التعبير عن شكرهن وتقديرهن لهذا المساهمة، والتي قام بها الازواج بالرغم من شعورهم بالاجهاد من العمل طوال اليوم .. كلام زيييي الباسطة!! للحقيقة، ربما كان الازواج السودانيون.. رجالاً ونساء احوج لمثل هذه الجمعيات أكثر من اليابانيين، فرغم أننا لا نعتبر التعبير عن العواطف بين الازواج (عيب) يداني مرتبة العار، إلا أن البعض يعتبره لزوم ما يلزم من (مكنات) مرحلة الخطوبة ومكانه ووقته الطبيعي هو مجالس (تمعيط النجيلة)، ولا يجب أن تنتقل لعش الزوجية حيث الجد جد والهزار (جد)، أما غالبية الازواج فيعتبروا التعبير عن العواطف نوعاً من (الفايقة وقلة الشغلة)، وترفاً لا يتناسب مع كم الشقاء والعنت الذي يلقوه في سبيل (سك المعايش) بالنسبة للرجال، وتعب الرباية وتكاليف الواجبات المنزلية للنساء.. ضعف التواصل ليس العاطفي فقط بل الوجداني والانساني بين الازواج، يقود لأن تتحول الحياة بينهما ل (حوار طرشان) مقصور على (أكلوا واشربوا)، لا يهتم فيه الطرفان بالاستماع لشريك الحياة وتشجيعه على الفضفضة والتعبير عن همومه وآماله وتطلعاته .. منغّصاته ومغايسه، في حين أنهما إذا اتفقا على تخصيص وقت ل (الفضفضة) والحكي عن ما يتعرض له كل منهما في يومه، فان ذلك سيخلق جسرا للتواصل يحمي الحياة الزوجية خطر الاحتباس الوجداني.. في تراثنا أيضا هناك قصة شبيهة بحكاية الساموراي، ولكن نضرب بها المثل في الجرجرة والتطويل بدون لازم فنقول (فلان سوّا متل بكاء ود داموك علي بت عمو)، و(ود داموك) صاحب المثل هذا حسب رواية (أمي)، هو رجل توفت عنه زوجته الحبيبة وكانت ابنة عمه، فظل يبكي حزنا عليها لسنوات وسنوات، حتى صار من يمارس الجرجرة وتضييع الوقت على امر لا يستحق، يشبه ب (ود داموك) الذي اضاع عمره في البكاء على ابنة عمه! اقترح وبقيت جني اقتراحات أن ننشئ جمعية مماثلة، نسميها (جمعية ود داموك للازواج المحبين)، ولكن لا انصح بممارسة (الكواريك) و(غسيل العدة) .. كده بتبقى واسعة شوية، ولكن فلنجعلها لتنمية مهارات الصبر على الاستماع للزوجات لدى الازواج، وفي نفس الوقت تعليم الزوجات التقليل من (النقة) .. افتكر ده كبداية ما بطال .. العافية درجات!! الرأي العام