عاد محمود من عمله بعد عناء يوم كان مليئاً بالمشكلات احس بدوران رأسه فأرخى جسده المنهك على السرير وحاول أن يلتقط انفاسه المتعبة بصعوبة.. دخلت عليه زوجته سامية وبدأت تمطره بالعتاب واللوم على أنه لم يف بوعده باحضار (الغسالة) والقت عليه خطبة عصماء استعرضت من خلالها مواطن الضعف في حياتهم ونواقص المنزل.. كل ذلك ومحمود غارق في صمته ممسك برباطة جأشه لم ينطق بكلمة واحدة، الا بعد أن رن هاتفه.. خرج على الفور بعد انتهاء المكالمة دون ان يخبرها الى أين يتجه تركها تغلي في بركان من الغضب.. لم يشعر محمود بالوقت وهو مع صديقه ياسر.. حكى له باليوم الطويل الغى همه على طاولة الكوتشينة لم يعد إلى منزله الا في اواخر الليل احست سامية بحرارة المنافسة بينها وبين اصدقاء زوجها فقد اصبحت في ذيل اهتمامته صارت تبحث عن وسيلة تسترد بها حقها المسلوب «الزوج». لم تعد الضرة في حياة الزوجة هي الزوجة الثانية، فهوايات الازواج واصدقاءهم ضرة ولكن بشكل آخر مما يجعل الزوجات يركضن من اجل استرداد الزوج من شلة الانس. رحاب جعفر ظلت تراقب هاتف زوجها كلما رن لانها اصبحت غير قادرة على احتمال اصدقاء زوجها.. تحدثت الينا في نبرة لا تخلو من الانفعال حيث قالت فشلت كل محاولاتي من اجل ابقاء عمر في المنزل. فتارة تجدها تشكك في اخلاقهم فتتستر تحت عباءة الزوجة الخائفة على زوجها من اصدقاء السوء وتارة ترد على المكالمات وتجيب بانه نائم او خرج دون ان يأخذ الهاتف.. حيل رحاب لابعاد الاصدقاء سببت لها مشكلات وجعلت علاقتها اكثر توتراً.. هددها عمر بان لا تتدخل بينه وأصحابه والا سيكون له رأي آخر صمتت رحاب رغم ان نيران الغيرة المشتعلة في داخلها لم تخمد. كيف يخطف الاصدقاء قلوب الازواج حتى اصبح الطريق سالكاً وممهداً للفضفضة والبوح خارج منزل الزوجية. حسان فضل المولى موظف يرى بأن الزوج لا يحمل همه خارج المنزل الا إذا كانت الزوجة من النوع الذي يجيد فن (النقة) ففي هذه الحالة يكون الاصدقاء خير ملاذ يقول تجربتي لاكثر من ثلاث سنوات زواج لم احس يوماً بملل وانا في البيت فزوجتي خير انيس بل ان صداقاتي تقلصت بعد الزواج نوعاً ما. على عكس نور الدين الذي كلما احست زوجته طرقات على الباب عند المساء ادركت ان ساعة خروج زوجها قد حانت لان صديقه «ع» يأتيه ويمضي وقتاً قصيراً ثم يخرجا وعندما يعود لا يجد شيئاً يحدث به زوجته غير المشاريع وخطط صديقه الجهنمية. غيرة بلا حدود خلف الابواب المغلقة سببها أصدقاء الزوج حديث وضعناه أمام الدكتور محمد عبد العزيز الطالب استاذ علم النفس بجامعة ام درمان الاسلامية فقال: تمثل الغيرة واحدة من الخصائص المميزة للنساء وتتفاوت بحسب الحالة او الاتجاه او الهدف فمن الزوجات من توجه غيرتها نحو ام الزوج واسرته او الاناث الآخريات وهنالك من تتوجه غيرتهن نحو الاصدقاء من العناصر الرجالية، ويقول الطالب ان الغيرة في اساسها قائمة على مفهوم الحب الامتلاكي والذي تختلط فيه المشاعر بين حب الشيء وامتلاكه، فالشخص الغيور ينتابه شعور بتهديد مركزه الوجداني لدى الشخص المغار عليه، فاذا شعرت الزوجة بأن العمل او الاصدقاء يحتلون مواقع صدارية في قائمة الاحباء في وجدان الزوج فهنا تُبدي تجاههم مشاعر الغيرة خصوصاً الغيرة غير الرشيدة، فالغيرة شعور طبيعي منها ما هو مقبول بل ومرغوب في العلاقات الانسانية ومنها ما هو مرفوض ومعيق للتواصل الانساني. فالمحمود منها يكون خفيفاً في درجته ولطيفاً في التعبير عنه اما المذموم فهو كالنار تدب في العلاقة فتحيلها الى حطام اي تتحول الى غيرة عدوانية تبدو في صورة ملاحقات وحصار وتساؤلات واحتجاجات بل تتبع لانشطة العلاقة المرتبطة بالطرق او الهدف المغار منه.