تراسيم.. انقلاب الجنرال أبوزيد!! عبد الباقي الظافر فوجئت صناعة السينماء بدخول رجل ضخم إلى (الكار) ..الرجل المعني ليس إلا الرئيس الأسبق لجمهورية تيشيكوسلوفاكيا هافيل ..هافيل أخرج فيلماً رائعاً أسماه الرحيل ..كان قد كتب قصته من قبل ..ومنح بطولته الى زوجته داغمار..يحاول فيه السيد الرئيس أن يسلط الضوء على فترة ما بعد مغادرة الكرسي الوثير في القصر الرئاسي. ولكن هافيل هذا هو ايضاً قصة مثيرة ..عرفه الناس في تيشكوسلوفاكيا كأديب مجيد ..وضع قلمه جانباً وناهض الحكم الاستبدادي الذي جثم على بلده زهاء الأربعة قرون ..كرمه شعبه وجعله رئيساً على بلده المتحد عام 1989.. ترك الرئاسة عندما ادرك ان التاريخ سيوصمه بأنه الرجل الذي شق وطنه الى بلدين ..عاد بعد حين الى دنيا السياسة وأصبح رئيساً منتخباً لجمهورية التشيك وبقي في الحكم نحو عقد من الزمان. الشيخ أبوزيد محمد حمزة رئيس جماعة أنصار السنة ..يتخذ قراراً شجاعاً وجريئاً ..ويطلب من مريديه في الطائفة السلفية أن يطلقوا سراحه.. وينتخبوا شيخاً جديداً ..وشيخنا هذا كان قد شق عصا الطاعة على أخيه الأكبر الشيخ الراحل هاشم الهدية.. ونصره في مسعاه الشباب وخذله الشيوخ ..فأصبحت الجماعة جماعتين في افضل التقديرات. الشيخ أبوزيد قدم حيثيات الرحيل ..وأوضح ان العظم قد وهن واشتعل الرأس شيباً ..وفي تقديري ان الشيخ قدم الأسباب الخطأ للقرار الصحيح ..لا يحتاج السياسي للانسحاب استناداً على معادلة تقادم السن وتراجع الصحة.. بل السياسي النجيب هو الذي يترك الملعب وهو في تمام الصحة وكمال العافية. ولكن ساستنا لا يفعلون ذلك ..منهم من ينتظر عزرائيل وهو يقاوم مسنداً ظهره على حائط مكتبه الفخيم ..وقليل يضيق بهم السلف الذين طال بهم الانتظار الى مقعد الرجل الاول فينزعونهم نزعاً من السلطان ..وكثير ينزوي على نفسه .. ويبتعد عن الأنظار كأنه يخجل من انه أمسى زعيماً سابقاً ويحتج على انفضاض السامر بالوحدانية. الذي يجعل ساسة الغرب يكتفون بدورة او دورتين في الحكم ..ولا يلجأون الى (ترزية) الدساتير ..إن ساحة ما وراء القصر معدة إعداداً جيداً ..ودور السياسي يمتد الى خدمة المجتمع مستفيداً من بريق المنصب السابق ..فيشيدون بأسمائهم مكتبات عامة ..وينشطون في العمل الخيري..ثم في آخر المطاف يكتبون عن أيامهم في الحكم.. وتتمدد أسطورتهم ساعية بين الناس في شكل جلائل الأعمال. الآن نحن في السودان مطلوب منا بشدة (تنجيل) ملاعب مابعد التقاعد لساستنا.. وأتمنى أن تمتد مبادرة الشيخ أبوزيد ..وتصبح دستوراً مكتوباً يضع لكل سياسي أجل ..لماذا يكتب على الرئيس شداد وحده أن يغادر الملعب الرياضي بعد دورتين. التيار