هناك فرق إلعبوا بعيدًا ..! منى أبو زيد احتفاء وسائل الإعلام بالخبر يختلف باختلاف الثقافات .. ويتفاوت تبعًا لتفاوت الأفكار والأعراف السائدة في المجتمعات .. فالذي يثير اهتمام مجتمع ما - حد الحزن والبكاء - قد يضحك آخر .. ما زلت أذكر كيف أضحكني جدًا خبر موت أرنب رئيس جمهورية (لاتفيا) الذي نشرته صحيفة ال (تليجراف) – قبل بضع سنوات – باهتمام واحتفاء كبيرين ..! وكيف أن (ليسيس) - وهذا هو اسم الدلع لأرنب فخامة الرئيس ذي الخمسة أعوام – قد نفق إثر إصابته باكتئاب حاد بسبب انتقاله إلى العيش في القصر الرئاسي مؤخرًا .. وذلك بعد أن قام البرلمان بتعيين صديقه الجرّاح السابق والسياسي المغمور – في ذلك الوقت - رئيسًا للبلاد ..! وبينما نضحك نحن على مثل هذا كانت الصحافة المحلية في جمهورية (لاتفيا) تطلق على (ليسيس) لقب (الأرنب الأول) بعد دخوله مجال السياسة مع صديقه الرئيس .. وكان يحظى باحترام وامتيازات لقبه الباذخ قبل أن تضجره الوحدة، فيصاب بالاكتئاب .. ثم يموت بسبب انشغال صديقه الوحيد بأعباء الحكم ..! كانت الصحف الأوروبية تجتهد في نشر تفاصيل الخبر بمنتهى الجدية والمهنية الصحفية .. بينما كنتُ وغيري من ملايين قراء العالم الثالث .. الذين يشاركونني ذات الإرث الثقافي والاجتماعي .. نرفع حاجب الدهشة .. ثم نضحك .. و(نموت بالضحك).. على تلك الحكاية ..! ومؤكد أن الآخرين في العالم الأول يضحكون على بعض أخبارنا – إن لم يكن جلها – .. وإن كنت في شك من هذا، فتخيل نفسك مواطنًا أوروبيًا يقرأ خبرًا عن إعلان السودان عن عدم اعترافه ب (عدم اعتراف) الفيفا بانتخابات رئاسة الاتحاد السوداني .. وإنه – أي سودان البخاتة – لن يعترف بقرار الفيفا إذا لم تعترف هي بالقانون السوداني وسيادة الحكومة السودانية على أرضها .. إلخ ..! مؤكد أن المواطن الأوروبي سيرفع حاجب الدهشة .. قبل أن يضحك متسائلاً في نفسه عن علاقة مفردات سياسية على غرار (السيادة) الوطنية وعدم الاعتراف الحكومي بقرارات هيئة رياضية عالمية مثل (الفيفا) ..! هل نلومه إذا ضحك ؟! .. أم نضحك نحن – من باب المكايدة - على خبر طازج تصدّر صحف الأمس – ألا وهو خبر - تقديم موعد زفاف أمير موناكو بسبب اجتماع للجنة الأولمبية الدولية سينعقد في مسقط رأس عروس الإمارة الرياضية وبطلة السباحة التي فضّلت تقديم موعد عُرسها حتى تتمكن من حضور مناسبة رياضية ..؟! هذه هي الرياضة، وهذا هو موقعها العظيم في نفوس شعوب وحكام العالم الأول .. ربما لذلك أصبح عالمًا أولاً .. ولا بأس في ضرب المثل بالعدّاء التشيكى \"إميلى زاتوبيك\" الذي أعادت انتصاراته الرياضية رسم موقع بلاده الصغيرة على خارطة الدول الكبرى في العالم الجديد ..! ودونكم اهتمام كوبا (السياسي) بمارادونا (الرياضي) الذي استضافه كاسترو على نفقة الحكومة الكوبية، حينما أُصيب بهبوط فى القلب، من جراء تعاطيه الكوكايين .. فكان انطباع العالم أجمع هو أن كوبا أنقذت مارادونا .. كوبا وليس أمريكا التي أكد مارادونا – بعد تماثله للشفاء – رفضه التام لحصارها الظالم على كوبا المسالمة ..! بصراحة – ومن الآخر - أين نحن من حكمة كوبا التي اتّقت عصفة ريح الحصار الأمريكية العاتية ب (انحناءةٍ) رياضيةٍ ذكية ..؟! هو شأن رياضي خالص بين الاتحاد المحلي واتحاده العالمي الأم .. ولا علاقة للحدود الجغرافية والمواقف السياسية بحساباته الرياضية الخالصة .. وحتى إن كان له علاقة .. فالأولى استغلال تلك العلاقة .. عوضًا عن قطع أوصال الرياضة بشفرة السياسة ..! التيار