حديث المدينة سودانيون رغم أنف الانفصال!! عثمان ميرغني إخواننا أبناء جنوب السودان.. سواء صوتّم للوحدة وهذا ما نتمناه أو الانفصال لا قدر الله فإننا نطالب أن يستمر ارتباطكم بالوطن الأم السودان.. تحملون جنسيته وتتمتعون بمواطنته.. على الأقل لوضع بذرة أمل في وحدة أخرى ولو بعد حين.. بعد زوال الغبن والتغابن.. في مثل هذ الظرف التاريخي الحرج.. كثيرون يفكرون وهم ينظرون الى أسفل أقدامهم.. لا يرون المستقبل ولا تسع بصيرتُهم فكرة ثاقبة ليوم بعيد.. بمنطق بسيط يدرك كل من ألقى السمع وهو شهيد أن قرار الوحدة والانفصال الذي سيجري التصويت عليه في يناير القادم (2011) .. ليس مجرد اختيار مصير.. هو نوع من رد الفعل العاطفي النفسي على علاقة بين الشمال والجنوب كانت مرسومة بالدماء والأشلاء.. والمرارات.. مثل هذه العواطف السالبة اجتاحت بلاداً كثيرة.. بلد مثل سويسرا مثلاً.. يحسبه البشر قطعة من الجنة هبطت إلى الأرض ليس لجمال أرضه فحسب، بل صفاء حياة أهله والسلام الذي يتمتعون به.. هذا البلد عاش في عهد سابق حروبات متصلة بين قومياته الثلاث.. ذات الجذور الإيطالية والفرنسية والألمانية.. كانت بينهم مرارات ودماء وأشلاء تماماً كما كان بين الشمال والجنوب هنا.. بل أشد.. لكنهم اختاروا في نهاية المطاف العقل.. أن يعيشوا بعقولهم لا عواطفهم وأحساسيهم.. فكانت النتيجة بلداً لا يحتاج حتى لمجرد جيش يحميه.. آمن في نفسه وعلى نفسه من الآخرين.. لكي نزرع الوحدة بذرة.. ومهما كانت نتيجة الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان.. الأجدر أن نضمن للجنوبيين من الآن جنسية وطنهم الأكبر السودان حتى ولو اختاروا الانفصال.. هذا الحديث أوجهه للجنة الثنائية من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية التي تبحث في ترتيبات ما بعد الاستفتاء.. ( لجنة الجنسية).. أرجو أن تسمو بصيرتهم وترتفع عن واقعنا الرديء هذا.. وأن تقرر بقاء الجنسية السودانية لكل أبناء جنوب السودان حتى ولو اختاروا الانفصال.. يقيم الجنوبي في جوبا.. ما شاء الله له أن يقيم فإذا عاد في أي لحظة لوطنه السودان .. فلا حاجة لجواز سفر أو ترتيبات دخول من تأشيرة أو غيرها.. يمتلك بيته في ملكال وفي الخرطوم بلا أدنى تمييز.. يعمل في واو ويعمل في بورتسودان بلا حاجة لأي إجراءات إضافية.. جنسية كاملة وكل حقوق المواطنة في بلدهم السودان الكبير.. حتى ولو انفصلوا ببلد جديد وعلم وسلام جمهوري جديدين.. الجنوبي الذي اختار الإقامة في مدينة دنقلا مثلاً وعاش فيها ورزقه الله بالذرية فيها.. فتربى فيها أولاده وتعلموا في المدارس وارتبطوا بدورة الحياة الاقتصادية.. لا يجوز أن يكونوا في محك الاختيار بين أن ينالوا جنسية وطنهم السودان أو يختاروا وطنهم الجديد لا قدر الله في حال الانفصال.. هم مُلاك السودان الكبير ولهم نصيب فيه أبدي لا ينضب بسبب غبن سياسي تاريخي.. لا يجوز أن يدفع أحفادنا ثمن غبائنا.. وغفلتنا عن صيانة وطننا الكبير السودان.. أعطوا الأجيال اللاحقة فرصة تصحيح أخطائنا.. التيار