نمريات الشاعر غازي القصيبي وأنا اخلاص نمر ٭ رحل الشاعر والأديب الدكتور غازي القصيبي بعد صراع طويل مع المرض، وبرحيله انطوت صفحة لفارس صال بالكلمة وجال بها في مختلف الميادين الثقافية والشعرية والإدارية وميدان الرواية، فاهدى المكتبة العربية العديد من المؤلفات والأشعار التي دار حولها الكثير من الحديث واللغط، فوقعت كتاباته بين طرفين مؤيد ومعارض. ٭ للقصيبي مكانة أدبية رفيعة بين أقرانه الشعراء في المملكة العربية وفي مملكة البحرين بصفة خاصة فهي النشأة ومرتع الصبا وبداية الدراسة، وهي البيئة التي نهل منها البدايات الأدبية التي شكّلت ارتباطه الوثيق بالكتاب والمثقفين في البحرين. ٭ القصيبي رائد التجديد في الشعر العربي، إذ صبَّ في قالبه الفصاحة في الكلمة والرمزية المحببة، ووضع بصمات تجديدية أخرى في الأسلوب والألفاظ والمواضيع الشعرية، مما اكسب شعره لوناً خاصاً ونكهة مميزة جعلت الكتاب والشعراء يلتفتون إلى كلماته المموسقة ويقبلون عليها بنهم، فزاد ذلك من رصيده الأدبي، خاصة أن مرحلته الشعرية تلت مرحلة الشاعر الكبير ابراهيم العريض صاحب المدرسة المتفردة في الروائع الشعرية. ٭ ولعب الشاعر دوراً مهماً في تأسيس الفكر والأدب العربي في المنطقة، وقاد حركة التنوير مع زملائه المؤسسين، مما أعطى الحراك الثقافي في منطقة الخليج والبحرين بعداً جميلاً وإضافة ثرة. ٭ جذبني الشاعر غازي القصيبي بأسلوبه السلس والمشوق، فهرعت الى اشعاره اغوص فيها كثيراً عندما حمل الى زوجي «عادل كوم» مجموعته الشعرية الأولى، فوجدت نفسي ارتحل مع القصيبي الى «جزائر اللؤلؤ» مصطحبة معي «مائة ورقة ورد» ذلك الديوان الذي أهداني له الشاعر الرائع القصيبي ممهوراً بتوقيعه بعد حوار مستفيض عن الأدب والشعر والمرأة، بوصفي أول صحافية سودانية تحاور الأديب الراحل. ٭ تحدث في حواره معي من لندن الذي تم نشره على صفحات «المجلة العربية» منطلقاً من معرفته الوافرة بالشعر والصحافة، فقد كان -رحمه الله- يمتلك حساً صحافياً مميزاً وقلماً فارقاً في تاريخ الصحافة السعودية، بجانب تأثيره الواضح في الحركة الثقافية في المنطقة العربية، ولم يخف القصيبي إعجابه الشديد بالشاعر أبي الطيب المتنبئ، إذ ظهر نَفَسُه في بعض كتابات الراحل الذي تشابه معه في أنه «ملأ الدنيا وشغل الناس». ٭ كان القصيبي واسع الاطلاع والمعرفة، صاحب انتاج فكري وأدبي غزير يلمسه القارئ والمستمع له، فقد كان -رحمه الله- طوال حياته عاشقاً للثقافة ومنتدياتها ومراكزها، فقد أسس مركزاً ثقافياً في لندن عندما كان سفيراً في بريطانيا استضاف فيه الأديب الطيب صالح في محاضرة عن الشاعر المتنبئ الذي جمعه عشقه له بالأديب الراحل الطيب صالح. ٭ رحم الله الشاعر المجيد والموسوعة والوزير المحبوب غازي القصيبي، الذي رفد المكتبة العربية بالمؤلفات المتنوعة في الشعر «صوت من الخليج»، الاشج، اللون عن الاوراد، أشعار من جزائر اللؤلؤ، سخيم، الشهداء والرواية شقة الحرية والعصفورية، سبعة، سعادة السفير. وهناك رواية أخرى لم تمهله الأيام لطباعتها وربما ظهرت في الأيام القادمة وهي «الوزير المرافق» تحمل بصمات الراحل العظيم لتضيف رصيداً آخر وفريداً لكتاباته السابقة. ٭ همسة: على ضفاف حبك أنثر كلماتي.. واتكئ تحت ظلال عبيرها الفوَّاح.. أودع حزني واستقبل فجر أيامي القادمات.. بمعزوفة لحن جبلي.. الصحافة