تراسيم.. البنسلين.. ياوزير!! عبد الباقي الظافر ياسر عبدالله مواطن جنوبي .. وُلد في جوبا وشبَّ بين أزقتها.. ودرس في مدارسها.. وتدرج في مدارج العلم حتى أصبح طبيبًا استشاريًا ..قضى بعضًا من سنوات عمره في دولة إيرلندا طبيبًا فى مشافيها.. البلد المحترم أكرمه بجنسيتها.. وأصبح بين العالمين إيرلنديًا من أصول سودانية. دكتور ياسر جاء إلى السودان في إجازة قصيرة.. وجد الساسة في جوباوالخرطوم يريدون أن يشقوا الوطن إلى نصفين.. اكتشف الطبيب المحترم أنه لا يحق له إبداء الرأي في استفتاء تقرير المصير.. رغم أنه جنوبي بالميلاد والنشأة.. والسبب أن الحركة الشعبية ألزمت وبالقانون قاطني الشمال من الجنوبيين أن يثبتوا أن أسلافهم أصولهم جنوبية بالميلاد. دعكم من الشماليين الذين وُلدوا في الجنوب.. الحركة الشعبية ترفض أن تمنح قبائل بأكملها حق التصويت في تقرير مستقبل منطقة أبيي وتعتمد معيارًا اثنيًا يجعل هذا الحق حكرًا على قبيلة بعينها.. رغم ذلك تلوح الحركة الشعبية بمطلب الجنسية المزدوجة للجنوبيين الذين سكنوا الشمال منذ سنوات. الشريك الوطني رد الصاع صاعين.. فقد قال وزير الإعلام فيما جاء في الزميلة الرأي العام (بعدالانفصال لن نسمح للجنوبيين بحق المواطنة أو الوظيفة أو الامتيازات ولا حق البيع ولا الشراء في أسواق الخرطوم ولن نعطي الجنوبي حقنة في المستشفى). تصريحات ومواقف الحركة الشعبية تحض على الكراهية.. وتفتقر إلى المعيار الثابت في التعامل.. الحركة تطالب بحق لجنوبيي الشمال.. وفي ذات الوقت تتنكر لكل حقوق شماليي الجنوب. أما الحكومة ووزير إعلامها فأمرهم عجب.. الحكومة التي باعت كثيرًا من أراضينا الخصبة لمسثمرين أجانب.. وفتحت أسواقنا لأهل الأرض قاطبة إلا من أبى.. تتمنع على أهل الجنوب حتى بمجرد التسوق في أسواق الخرطوم .. وتستكثر عليهم جرعة الشفاء إن أصابهم المرض وهم بيننا. لا أدري ماذا أراد وزير الإعلام بهذه التصريحات العدائية.. في وقت تبحث حكومته عن جهود الوسطاء في مشارق الأرض ومغاربها.. وماهي الرسالة التي أراد لها الناطق باسم الحكومة أن تصل للجنوبيين عشية الاستفتاء الذي دونه مائة يوم. من المنطق جدًا إلا تمنح الحكومة السودانية محفزات للانفصال.. يجب على كل من يدلي بصوته أن يتصور مصيره الشخصي في ظل دولة واحدة أو دولتين.. في تقديري الجنسية المزدوجة تجعل الانفصال بلا ثمن.. وتفقد الوحدة من يسندها. لكن في ذات الوقت فكرة صناعة جوار عدائي فكرة جانبها الصواب.. الجنوب والشمال هما في حالة رباط إلى يوم القيامة.. الدولة الوليدة في الجنوب تحتاج إلى خبرات شقيقتها الكبرى.. والشقيقة في الشمال تحتاج إلى خيرات الأراضي البكر. نحن الآن في حاجة إلى حل بين المنزلتين.. شيء دون الجنسية المزدوجة وفي ذات الوقت أكبر من الجوار العادي.. هذا الوضع سيخلق مصالح مشتركة وارتباطًا دائمًا بين وطن أراد له الساسة هنا وهناك أن يصبح بلدين. التيار