حديث المدينة كردفان.. ماليزيا السودان!! عثمان ميرغني أمس في هذا العمود أشرت إلى زيارة الأستاذ معتصم ميرغني حسين زاكي الدين والي ولاية شمال كردفان لصحيفة (التيار).. وقلت لكم إنني مدرك أن الوالي يستطيع صناعة ولاية أنموذج لو هرب بذكاء من فخ المفاهيم العتيقة التي أقعدت بنا كل هذه السنين الطوال.. الوالي ذكر لنا أن إحدى الشركات الخليجية جاءت للاستثمار في شمال كردفان.. وأن الولاية باعت لها (100) ألف فدان.. ب(300) ألف دولار.. وطبعاً تقليدياً تفرح الحكومة أي حكومة بالدولارت التي دخلت خزينتها.. وهنا مربط الفرس الذي لو نجح الوالي في الإفلات منه.. فإنه يقفز بولايته إلى فضاء جديد.. لماذا كلما جاء مستثمر إلينا سددنا النظرة المحكمة كالسهم المصوب على (جيبه).. فنفترض أن مايدفعه قيمة للأرض هو (العائد) الأسرع الذي يضخ الحياة في شرايين الاقتصاد.. تصوروا لو أن هذا المستثمر لم تأخذ منه الولاية إلا مبلغًا رمزيًا صغيراً.. وبدلاً من (100) ألف.. منحته ضعفها (200) ألف فدان.. ستكون النتيجة مزيدًا من المساحة المستثمرة.. مزيدًا من العائد على الولاية في مختلف الاتجهات.. بما في ذلك تشغيل العمالة وتحريك التجارة.. خاصة أن الاستثمار المعني هنا لإنشاء مراعٍ طبيعية.. تخيلوا أن نوفر لهذا المستثمر ماله لمزيد من تأسيس المراعي الطبيعية.. لو كنت في مكان والي شمال كردفان لمنحت هذا المستثمر الأرض مجاناً (وفوقها بوسة).. وستكون النتيجة أن طوابير من المستثمرين سيقفون أمام بوابة حكومة ولاية شمال كردفان.. لو كنت والي شمال كردفان.. لمنحت مستثمرًا آخر أرضًا مجانية في قلب مدينة الأبيض وطلبت منه تشييد فندق خمسة نجوم.. لأن أبغض ما يخشاه المستثمرون أن يسافروا لمدينة ليس فيها فنادق.. ولو كنت والي شمال كردفان.. لمنحت أرضًا مجانية لأي مستثمر يشيد مدارس أساس وثانوي خاصة.. حتى ولو كانت رسوم الدراسة فيها مثل مدارس الخرطوم الخاصة.. فالأغنياء الذين يهاجرون من الأبيض إلى الخرطوم يبحثون عن التعليم الأجود.. عن مستقبل أفضل لأبنائهم.. لو كنت والي شمال كردفان لمنحت أرضًا مجانًا لمن يبني مستوصفًا او مستشفىً على أحدث ما وفرته الحياة الحديثة.. باختصار.. هذه مفاهيم النهضة الحديثة.. توطين الاستثمار ينظر للعائد الإستراتيجي وليس (المال المباشر) من جيوب المستثمرين، وعندما تزدحم شمال كردفان بالمشروعات والخدمات والمستثمرين.. عندها تتوفر عشرات الآلاف من فرص العمل لأهالي كردفان. يرتفع مستوى المعيشة، يتحرك الاقتصاد، ترتفع حتى إيرادات أصحاب البقالات في الأحياء.. وحتى أصحاب محلات (البنشر) يزداد عائدهم بزيادة حركة السيارات و(موديلاتها).. شمال كردفان لديها الفرصة الذهبية للانطلاق.. وكلمة السر يا سعادة زميل الدراسة الوالي معتصم ميرغني حسين زاكي الدين.. أن تنسى الخرطوم.. المركز تماماً.. وتفترض أن ولايتك جمهورية قائمة بذاتها.. وتثق أنها قادرة أن تصبح (ماليزيا) السودان.. والله العظيم ممكن!! التيار