زمان مثل هذا لام أكول... ذلك اللُغز الصادق المهدي الشريف في مرحلة ما بكلية الهندسة بجامعة الخرطوم، كان كبارُنا يُحدثوننا عن الطالب النابغ لام أكول الذي كان يتحصلُ عل معدلاتٍ غير مسبوقةٍ في المعدَّل التراكمي (GPA) الذي يميزُ هندسة الخرطوم. والدكتور المهندس لام أكول... هو ذات السياسي القلق، والقيادي الجنوبي الذي لا يملُّ الترحالَ من حزب الى آخرٍ، ومن تحالفٍ الى تحالفٍ آخر مناوئٍ له. وهو ذات الرجل الذي يوقعُ إتفاقية فشودة بعد أن وقعت الحكومة إتفاقية الخرطوم للسلام من الداخل كما كانت تُسمى. وهو نفسهُ الذي ينفضُ يدهُ من إتفاق فشودة فيذهب الى الراحل د.جون قرنق حليفاً في الغابةِ، ثمَّ يرفعُ يدهُ عنه باسرع مِمَّا توقع المراقبون. ثُمَّ يَقدِمُ مرةً اخرى الى المؤتمر الوطني، حتى أنّه استوزر في أكثر من وزارة، ثُمَّ جمع أمرهُ مع مكي بلايل، وأمين بناني نيو... وإنشقوا على المؤتمر ورشقوهُ بالحجارة، واسسوا لهم حزباً جديداً أسموه (حزب العدالة)... وكان حزباً باحثاً عن عدالةٍ من نوعٍ خاصٍ. وركب أكولُ قطار الحركة الشعبية الذي جاء مُسرعاً من كينيا، فاصبح الرجلُ وزيراً للخارجية عن الحركة الشعبيةِ... مع غبنٍ وغضبٍ من قيادات الحركة التي قالت أنّهُ (وزير خارجية المؤتمر الوطني). وفي رحلة القلق السياسي الذي اُصيب بهِ الرجلُ، خرج من الحركةِ مرةً اخري، وناوأها بتكوين حزبٍ سياسيٍّ يحملُ الإسمَ القديمَ والتاريخي للحركة مع إضافة ديمقراطية طفيفة. الذي باعد بين دكتور لام وسلفاكير كان – على عُهدةِ الراوي – مقترحاً بريطانياً قديماً بُعيد توقيع نيفاشا 2005م و منذ رحيل الدكتور جون قرنق، بأن يحمل سلفا مهمةِ النائب الأول للرئيس البشير، بينما يتركُ منصب (رئيس حكومة الجنوب) للدكتور المهندس. الحُجة التي قِيلت وقتها بأنّ مواهب أكول تُمكنهُ من إرساءِ قواعدِ الدولةِ المدنيةِ في الجنوب، بعكس الخلفية العسكرية لسلفاكير. ولانَّ المقترح كان بريطانيا ولم يكن أمريكياً – وبريطانيا غير مُلزمة للحركة الشعبية – فقد تجاهله سلفا، لكنَّهُ وضع في ذهنهِ أنَّ الغرب يُفكِّرُ منذ ذلك الوقت فيمن يخلفهُ. وهكذا تباعدت الشُّقةُ بين الرجلين، وتعاظم التباعدُ في الإنتخابات حين إستهدف لام منصب رئيس حكومة الجنوب مباشرةً... فرشَّح نفسهُ له. حينها تقافزت الشياطينُ في رأس الفريق سلفا، وعرقل الجيش الشعبي بتوجيهاتٍ مُباشرةٍ كلّ الفعاليات السياسية للمرشح لام أكول. الآن يبدأُ عهدٌ جديدٌ بين الرجلين، وكاميراتُ الفضائياتِ تنقلُ في الإسبوعِ الفائتِ المصافحة طويلة الأمدِ بين الرجلين، وبينهما السياسي اللُغز بونا ملوال. وقصةُ المصافحةِ تُفضحُها زيارةُ سوزان رايس الى الجنوب في الإسبوع الفائت، وسلفاكير يشكرُ المرأة الأشدُّ عداوة للخرطوم في الإدارة الأمريكية عند زيارتهِ لنيويورك (أشكر أختي سوزان رايس لما قدمته لجنوب السودان، وسوف تظلُّ تذكرهُ لها الأجيالُ، جيلاً بعد جيلٍ). وسوزان رايس وفي إجتماعٍ واحدٍ مع سلفا تحسِمُ كلَّ القضايا العالقة والعائقة لقيام دولة الجنوب المستقلة... وبعد الإجتماع مُباشرةً يرسلُ سلفاكير مناديباً الى الدكتور لام أكول، واللواء جورج أتور، ويتصل وُدُّ الفريق ميارديت مع إبن جلدتهِ بونا ملوال (أبن دينكا قوقريال). وما يزالُ أكول هو اللغزُ الأكبرُ... بعد بونا. التيار