أكتوبر الممهور بالدم. صباح الخير أهلاً مساء النور، أو هكذا قال شاعر الشعب المبدع محجوب شريف، وهو نبض للشارع، وقلب فسيح يسع هموم المتعبين حين ضاقت بهم أرض المليون ميل مربع، ولكن اكتوبر مضى، وآخر جاء، وقبله كان نوفمبر ، ثم بعده مايو، وأبريل وحتى يونيو المشؤوم. فتوزعت احباطاتنا بين شهور السنة، وتقسمت آمالنا بين رنات مارشات الانقلابات، والثورات، والجميع يطلق على نفسه \" ثورة\" وحين يصل لكرسي الرئاسة يذبح تاريخ لآخرين، ويقيم مقاصلاً للشنق تاريخ السابقين، ويرسل الوعود \"الجوفاء\" بالتغيير\" \"والثورة التي جاءت من أجل البسطاء والفقراء والبؤساء والجوعى، وما أن تنقطع أصوات \"المارشات\" حتى ينسى \"صاحب الثورة المجيدة \"كلماته، ويفعل ما لم يفعله الآخرون. هو السودان، وهي الثورات، واكتوبر الأخضر الذي باسمه تغنينا ورقصنا، ولم يتبق لنا منه سوى ذكرى الأغنيات، وأصوات العمالقة، وردي وأبو اللمين، وحتى هذه الذكريات تتوارى ، وتصبح مثل طيف بعيد زارنا ورحل، ولا اعتقد أن جيل اليوم يعرف عن ثورة أكتور واحد وعشرين أكثر من انتصار السادس من أكتوبر أو حرب العبور. أكتور مضى ووآخر اتى. و مايو و يونيو ،و نوفمبر ! . هى سلسلة اشهر فى العام الا ان الرابط بينهما كان هو لفظ \" ثورة\"؛ او ربما \" انتفاضة\". كلها ثورات في نظر منظريها ومخططيها ومنفذيها والمستفيدون منها.. بعضها اكلت ابنائها. وبعضها اكلت آبائها. لكن ما هى الثورة؟. ولماذا فشلت ابريل ؟. ولماذا وصلنا الى حد الانهيار فى الدولة رغم كل تلك الثورات والانتفاضات؟. ولماذا فشلت الاحزاب والنظم العسكرية؟. ولماذا مواسم الهجرات تترى من الحزب والدين نحو القبيلة والعرق والجغرافيا؟. لماذا قامت الاحزاب والكيانات والحركات ذات البرامج الجغرافية؟. اهى ظاهرة صحية ام ظاهرة خطيرة؟. وكيف يمكننا الاستفادة من مثل هذه الظواهر؟. هنا سأحاول الوقوف قليلاً عند بعض محطاتنا السياسية بمناسبة ذكرى ابريل ومرور 21 عاماً من ما سمى انتفاضة. لماذا لا زال السودان يدور في دائرة جهنمية؟. ديمقراطية، ثم عسكرية، ثم.... دون نحقيق استقرار.؟.ولماذا لم تساهم العهود الجزبية فى اقامة مشاريع تنموية مثلما شهدنا فى عهود الحكومات العسكرية؟. لكن لماذا اتسمت العهود العسكرية بالقمع ومصادرة الحريات؛ بل ان كل نظام يكون اكثر قسوةً من النظام الذي سبقه؟. وهل الحرية والتنمية نقيضان لا يجتمعان؟. هى اسئلة يجب بحثها حتى نصل الى استقرار. ولا اظن ان احزابنا تمتلك القدرة ، او الصبر او الفاعلية لترتيب اوضاعها، فهى احزاب نمطية، وتقليدية ومحافظة بما في ذلك احزاب اليسار واليمين ومن يدعي التقدم والدعوة الى السودان الجديد. وكتوبر ذكرى وذكريات، أغنية وأغنيات، وباسمك الأخضر الأرض تغني. اجراس الحرية