هناك فرق. صفحة جديدة ..؟! منى أبو زيد خبراء الاقتصاد – يتحدثون بحماسة عن تدوير النفايات - فيقولون إن الثروات التي يمكن تحقيقها من نفايات بعض الدول تعدل ميزانية استثمارات دول أخرى .. فما بالك بالإنسان؟! .. وقد بات معلوماً - اليوم - أن الاغتراب هو الاسم الحركي الذي يطلقه السودانيون العاملون بالخارج على هجرتهم في بلاد الناس .. وأضحى معلوماً – أيضاً - أن أسباب هجرة الكفاءات العقلية في بلادنا تشبه – حد التطابق - أسباب هجرة العمال والفنيين .. فالعامل الاقتصادي هو الذي يتحكم بقرار العمل بالخارج .. والخيارات الجاذبة هناك هي الوجه الآخر لعملة البيئة المحلية الطاردة ..! ناهيك عن أن تأثر المواطن البسيط بالنمو الاقتصادي في السودان ما يزال تغيير تستفيد منه الخرطوم وحدها .. أما انتشار الفساد والمحسوبية بين أروقة القطاع العام فلا حرج من الحديث .. يكفي أنه – وحتى الآن - لا توجد حلول حكومية كافية لحل مشكلات الإسكان .. وقروض السكن المقدمة من بعض البنوك هي فوق إمكانيات الطبقة المتوسطة .. فما بالك بالفقيرة ..؟! كثرة أبناء الوطن العاملين بالخارج هاجس يؤرق كل الدول إلا هذا السودان .. دراسات العرب تقول إن مائتي مليار من الدولارات هي خسائر هجرة العقول العربية .. بينما تقول دراسات إفريقية إن القارة قد فقدت بين منتصف الثمانينيات وبداية التسعينيات حوالي ستين ألفاً من الخبرات المهنية في الإدارات العليا والمتوسطة هاجرت إلى الخارج .. في المكتبة الفرنسية كتاب قيِّم بعنوان (هجرة العقول الإفريقية .. مأساة قارة) .. الكتاب يفند آثار هجرة العقول على التنمية في القارة الإفريقية .. باعتبار أن الطاقات البشرية المحلية هي الشرط الأساسي للتنمية .. إلى درجة أن مؤلف الكتاب (فرنسي/إفريقي من أصل كونغولي) قد نادى بوجوب عمل الحكومات على عودة المغتربين الأفارقة بشكل شبه مجاني ..! دعك من الكفاءات العلمية والأكاديمية .. وتأمل في (بزار) الطاقات الإبداعية المبددة بين ظهراني أقوام آخرين .. طارق المكي مخرج سوداني من أبناء المهاجر نال جائزة اللؤلؤة السوداء ضمن فعاليات مهرجان أبو ظبي السينمائي الذي تجرى فعالياته هذه الأيام بالعاصمة الإماراتية، عن ثاني أفضل فيلم وثائقي .. ما الذي يمكن أن يقدمه أمثال طارق وأبناء جيله إلى الفن السوداني ..؟! الكفاءات الشبابية المهدرة بالخارج خسارة كبيرة لهذا البلد .. أفكار الشباب هي التي تؤسس للآتي وتقيل عثرات الاقتصاد .. بينما ما تزال استفادة السودان من المغتربين – بحسب الحكومة – محصورة في تحويل الأموال..! أصاب المغتربون أم أخطئوا، هم يلتقون جميعاً عند منعطف التأهيل الجيد للأبناء .. أبناء المغتربين هم ثروتهم التي تجشموا من أجلها عناء الغربة .. الاستفادة من هذه الغراس المشتولة بالخارج رهان تنموي لا ينكر فداحته إلا مكابر.. من مذكر ..؟! التيار