.. [email protected] في الدول التي تبني فيها الزعامات السياسية مراكزها استنادا الي الرغبة المباشرة لجماهير الوطن وفقا للقناعات التي ترتكز علي الوعي والحس الوطنيين..وأهمية وأولويات البرامج.. قبل الولاء السياسي الأعمي..أو بعيدا عن الانطلاق من وهم القداسة التي يغلف بها ذلك الزعيم نفسه فيصبح كالصنم الجامد الذي لايزحزحه الا الموت ليفسح مجالا لمن يورثه من ابنائه او ال بيته ..وبالنأي عن الارتكاز علي الباعث الطائفي او القبلي او الآثني او حتي الديني..وهي الدول التي تستحق انظمتها ان نطلق عليها ( ديمقراطية ) بحق وحقيقة..تكون فيها الازمات فرصة لتجديد دمائها الجماهيرية ان صح التعبير لانها ترجع الي قواعدها اثناء سجالها لأخذ التفويض مجددا من قواعدها للخروج.. كل من منطلق عقيدته السياسية وحرصه الوطني علي الصالح العام من الازمة ايا كان نوعها وحجمها ..داخلية كانت أم خارجية... في عالمنا الثالث وتحديدا في مساحات واسعة من العالم العربي الذي يملك ناصية الكتابة والخطابة ..فان الأمر يختلف تماما ولنا أمثلة في النموذج اللبناني الذي أحال سياسيوه رغم كل الفرص الديمقراطية التي انبسطت امامهم..أحالوا تلك الرقعة الجغرافية الصغيرة في خارطة الكرة الأرضية الي لعبة ( شطرنج ) امتدت اليها كل ايادي العلن والخفاء لتحريكهم هم ذاتهم وتضيع بينهم وبين تلك الأيادي مصالح الناس البسطاء ومقدرات الوطن.. ولعل النموذج العراقي هو الذي رسم صورة مأساوية في ناظر االأنسان العراقي الذي نام علي وسادة زوال نظام الحزب الواحد والفرد الأوحد عساه يحلم قليلا بما كان محروما منه حتي في غفوته ..ليستيقظ مذعورا علي اصوات التفجيرات والاغتيالات والفوضي السياسية التي اعقبت الاحتلال الامريكي ..فادخلت البلاد في حالة الاستقطاب الأثني والقبلي والطائفي والخارجي معا ..وانتهت الي فراع لانهائي تمثل في عدم مقدرة الكتل المنتخبة من ولادة حكومة رغم مرور ما يقارب التسعة اشهر علي تعثر التوافق.. وبالطبع فان حالنا هنا في السودان يغني عن سؤالنا ولا يحق لنا ان نقذف بيوت الاخرين بالحجارة طالما ان بيتنا من زجاج... الان نحن علي مشارف استحقاق خطير يقف عنده الوطن علي شفا حفرة عميقة مجهولة القرار...معروف من حفرها ومن عمقها وزاد من اطراف شقيها ..والنتيجة المخيفة ..هي معروف ايضا ان من سيدفن فيها هما تاريخ وجغرافيا وطن كان واحدا..ولن يكون كذلك تبعا لما تشير اليه قياسات وتداعيات الأزمة الحالية التي يقستم وزرها طرفا الحكم... بل وليس معفيا منها بقية الاطراف التي تحاول ان تنفض عن عبها الجمر الذي يلقيه عليها المؤتمر الوطني ظنا منها ان ذلك يبرىء ساحتها من سبة اشعال الحريق في اطراف ثوب الوطن.. هذا هو الملاحظ حتي الان من احزاب الشطر الشمالي بكل لونياتها السياسية والطائفية ..فيما انصرف الاخوة الجنوبيون علي غير سلبيتنا في الشمال الي ترتيب الحوش الجديد للاستحقاق القادم وهذا من حقهم ويحسب لصالحهم ويستحقون عليه التهنئة... وتتجلي سلبية ساستنا في الشمال سواء علي مستوي قيادات الحزب الحاكم التي احست بحجم الورطة او قيادات الأحزاب التي باتت تغرد خارج السرب في ارتباك الخطاب السياسي الذي يتقازم امام جبال التحديات التي يقف عندها الوطن الجريح والذي يسير وفقا للشواهد الماثلة معطوبا علي جراحاته الي جراحات جديدة في عدد من انحائه.. فرئيس البلاد وهو الرمز الدستوري الذي احتمي خلف الشعب حينما طاردته يد المحكمة الجنائية من منطلق انه حامي وحدة الوطن المؤمل في وطنيته وزهده...يتحدث عن تسويات في الوقت الضائع وهو يعلم انها لا تقدم ولاتؤخر في شان بات كالحبل الذي يتدلي من أعلي المشنقه متجها الي رقبة المحكوم بعد ان اصر اهل الدم علي خيار القصاص..رافضين مبدأ التسوية بالدية.. وفيما بدأ قادة حزبه لايملكون الا ذرف الدموع ..يعود الرئيس ليطمئنهم قائلا...... في.( ستين داهية ........فانفصال الجنوب ليس نهاية العالم )....وربما فات عليه في غمرة ربكة خطابه ان الذي يهمنا انه ستكون فيه نهاية السودان الواحد منذ قديم الزمان ...فانعكس عنده المنطق مثلما ارتبكت تلك السيدة التي جاءها من يبلغلها بزواج زوجها عليها من اخري رغم انها كانت تعلم سلفا بارهاصات الحدث فخلطت في التعبير عن عدم مبالاتها به ..وهي تقول ...( لاشأن لي بزواجه.فأبنائي في الزريبة والحمد لله وبهايمي في المدارس ) .. وعلي صعيد المعارضة فيتفاوت الخطاب في ربكته مابين تشتت اليسار وحيرته بين ميلاده الشمالي وتجنسه الجنوبي والتجمع الضامر الذي احولت عيناه في الأتجاهين ..فاذا سالت الزعيم نقد مثلا أوالأستاذ ابو عيسي...عن الكبريت التي تملكتها الحركة و التى قد تشعل بها الفتنة في حال تمسكها بخيار الأنفصال كأخر حل ..ففي اعتقادي ان أيا منهما سيجيبك بسؤال..ردا علي سؤالك ويقول لك في تجلي رمادية موقفه ..من الكارثة أن سؤالك ناقص ومن قبيل.لاتقربوا الصلاة فانت لم تسألني عمن يملك من الجانب الأخر عود الثقاب..لان الجانب الاخر من الاتفاقية وهو الحركة ربما كانت كبريته فارغة.. وهو بالطبع جواب المتحامل دون ان يشفي غليل المتسائل.. أما اخواننا في الاتحادي الديمقراطي الأصل والذي انحصرت مؤسسيته في مولانا/ محمد عثمان الميرغني شخصيا فان خطابهم غائب تماما... فمولانا قليل الكلام وكثير الأسفار.. وجماعته في غيابه اثروا الصمت الذي هو من ذهب خوفا من ان يفقدوه ..وينحدر رضا مولانا عليهم الي درجة الفضة أن لم يصل الي مستوي القصدير.. فيما لو اقتربت من الشيخ الترابي لتستشف منه جملة مفيدة فانه يجير تلاعبه بالالفاظ علي ظهر شماتته التي لايخفيها. حيال من باعوه نهارا جهارا...وانت تساله كيف نمنع الثقاب من الوصول الي الكبريت..فيجيبك والضحكات تسبق الكلمات والايادي ترسم اشكالا في الهواء ..هاهاها هذا ما يناله المنافقون اذ يصبح الثقاب نارا ..في افئدتهم وقد جاء في سيرة قوم كذا وقوم كذا أن أكلتهم نار اشعلوها لاحراق اصابع الأخرين ..وان عود الثقاب ما ماهو الا سوط العذاب الذي ارتد الي نحرهم..ويضحك شيخنا ..ويطوح بك في سموات لا تهبط منها الا وانت دائخ دون نتيجة بعد ان يركبك سفن و بسطات ريح في فضاءات التاريخ ..وتعود صفر اليدين..دون ان تحصل منه علي ابيض أو اسود.. و لو انك سالت الامام الصادق عن كيفية ابعاد الثقاب عن طرف الكبريت تفاديا للحريق الكبير ..فعليك بالصبر الجميل اذ انه ..سيجيبك كالتالي .. اولا يا أخي قبل ان نبعد الكبريت عن الثقاب ..لابد ان نضع عشرة محاور للولوج الي الاجابة ..المحور الاول هو تعريفنا للثقاب من الناحية اللغوية والثاني ما أهمية الثقاب والثالث لماذا نستخدم الثقاب وكيف نستخدم الثقاب ومتي نستخدم الثقاب والسابع من يحق له ان يستخدم الثقاب والثامن التأكد من صلاحية الثقاب والتاسع هو جسر يقودنا الي المحور العاشر الذي هو ذروة سنام الأجابة.. يا أخي حيث يكون تلخيصا لكل المحاور وهنا يكمن مربط الفرس ..فتيأس انت كصحفي من جدوي توجيه سؤال اخر خشية ان يقودك فيه الامام في تنظيراته الي عشرين محورا اخري .. فتكتفي بقراءة أفكاره من خلال اقلام بناته الحرائر اللائى اصبحن صوتا له ولحزبه الكبير الذي بات ملكا خالصا لعائلته هو شخصيا في ظل تساقط القيادات المهمة في اروقة الحزب الذي ينتظر فقط شكلية انزال لافتته القديمة لترفع بدلا عنها لافتة جديدة ..تنبي بايلولة الحزب حصريا للامام المبجل وابنائه وبناته كميراث اصيل .. ومافيش طائفة احسن من الأخري .. وتبقي الربكة هي ديدن هذا الوطن المقدر له ان يتقسم تاريخه السياسي والوطني ما بين الأحزاب ..والعسكر .. وجغرافيته ..مابين المؤتمر الوطني الذي يحمل الثقاب ..والحركة التي تمسك بيدها علبة الكبريت الفارغة.. بينما الشعب يمسك بكلتا يديه علي خرطوم الاطفاء في الشمال ..ولكن المعضلة التي تقف أمامه أن الصهريج المعبأ بالماء يظل موجودا في جوبا... فمن يجمعهما ..ذلك هو السؤال الذي يزيد الربكة ... والله من وراء القصد..