زمان مثل هذا وراثة الرماد الصادق المهدي الشريف صرح السيد سلفاكير ميارديت بأنّ حكومته (قد) تقيم علاقات دبلوماسية مع دولة إسرائيل إذا اختار الجنوبيون الانفصال.. حسب ما أوردت قناة الجزيرة. ولم يكن هذا أول تصريحٍ (او تهديدٍ) من مسؤولي حكومة الجنوب بأنّ دولة مثل إسرائيل سيرفرفُ علمها في جنوب السودان بعد ايامٍ قليلة من الآن. وكلمة تهديد بين القوسين تشير الى تهديد الجنوب للشمال بخلق علاقة مع تل أبيب، وأنّ ما كان يحيد عنه الشمالُ طوال السنوات الماضية في سبيله الى التحقيق. والسؤال: ما الذي يمنع دولة جنوب السودان من تمتين علاقتها مع إسرائيل؟؟؟. من الناحية النظرية فإنّ مشكلة إسرائيل تطابق مشكلة دولة جنوب أفريقيا (سابقاً).. فهي دولة محتلة ولا تحفل بقرارات مجلس الأمن، بل تضرب بتلك القرارات عرض الحائط. ولم يؤثر عناد إسرائيل للمجتمع الدولي عليها.. بل على العكس تماماً، فقد أظهرها بمظهر الدولة القوية التي (لا) تأبه لمن جاء.. ومن ذهب. ومن الناحية العملية فإنّ المخططات الإسرائيلية هي التي تمر وتمضي على كل العالم، بدعم الدول الغربية وبعض الدول العربية. ويذكر القراء كيف انّ دولاً عربية فرحت بحرب غزة.. بل وطالبت إسرائيل سراً بالقضاء على حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) حتى لا تقوم لها قائمة. ولولا وضوح القيادة الإسرائيلية مع شعبها لما عرف أحدٌ بالمطالب العربية.. والتي ذكرها رئيس الوزراء الإسرائيلي في الكنيست كجزء من دفاعاته عن حربه على القطاع. وموقف العرب الرسمي من تل ابيب هو :(إسرائيل دولة محتلة لجزء من الاراضي العربية مثل فلسطين والجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية، وإقامة علاقات دبلوماسية مع تل أبيب يقتضي أولاً حل هذه المشكلات.. ثُمَّ تأتي النتيجة، وهي التطبيع معها). ورغم أنّ اياً من هذه القضايا لم يجد طريقه الى الحل، إلا أنّ هناك دولاً عربية وطدت علاقتها مع الكيان، رُبَّما بحجة (كُن قريباً من اصدقائك.. ومن عدوك أقرب). فإذا كانت القضايا الاساسية مع دولة الكيان الصهيوني هي قضايا عربية، والعربُ لا يكترثون لهذه القضايا.. فما الذي يمنع دولة جديدة مثل دولة جنوب السودان من إقامة علاقات دبلوماسية معها؟؟؟. سيَّما وأنّ هناك أكثر من سبب. أولاً: الدولة الجديدة تحتاجُ الى سند دولي للإعتراف بها.. وإسرائيل تستطيع تحريك العالم نحو الإعتراف بالدولة الجديدة. ثانياً: قيادة الحركة الشعبية تعتقد أنّ إسرائيل ليست دولة عدوة، وأنّ قضايا العرب ليست قضاياهم، وبالتالي لا يوجد ما يدعوهم الى مجاملة بني يعرب. ثالثاً: تل ابيب ساعدت الحركة الشعبية منذ ايام حربها كحركة متمردة.. وساندتها وهي حكومة كونفدرالية (حكومة الجنوب)، ومن باب رد الجميل ان تقيم معها علاقات دبلوماسية حال تكوين دولتها الجديدة. اعتقد أنّ أهلنا بالشمال يضخمون هذه القضية أكثر مما تستحق، ويصبونها في خانة (الحقد الجنوبي على الشمال)، رغم أنَّ هناك مبررات موضوعية تخص الحركة الشعبية لإقامة علاقات مع إسرائيل. والأفضل أن تنصرف مشاعر اهل الشمال وجهودهم الى تمتين دولتهم وتقويتها بدلاً من تغذية مشاعر لن تفيدهم كثيراً تجاه قوم اختاروا – وبكامل إرادتهم - الابتعاد عنهم. وسوف يحكم التاريخ في هذا الأمر.. لأنّ التاريخ يؤكد أنّه لم تستفد ايِّ جهة من إقامة علاقات مع إسرائيل!!!!!!!!!!!!!!!. وإلا فما الذي استفادتهُ مصر من تطبيعها مع تل ابيب، وما الذي استفادهُ السودان من ترحيل اليهود الفلاشا سوى.. وراثة الرماد؟؟؟. التيار