مناظير : خراب مستعجل ..!! زهير السراج [email protected] * لم نفق بعد من صدمة تخصيص مليون فدان بمشروع الجزيرة للاخوة المصريين واستقدام مزارعين مصريين للعمل بها حتى صدمنا الدكتور محمد على علوبة وزير الدولة بوزارة الزراعة بتصريحات صحفية عن استقدام مزارعين مغاربة وسوريين وعراقيين، مضيفا أن ابواب السودان مفتوحة لجميع المزارعين العرب ..!! * ومبعث صدمتى ليس هو حضور مزارعين مصريين او مغاربة أو أية جنسية أخرى ، ولكن مفهوم الدولة الخاطئ للاستثمار لدرجة ان وزير الدولة للزراعة الذى يفترض ان يكون افضل من يفهم فى الاستثمار، هو أول من يدافع عن الخطأ بل الجريمة التى ترتكب فى حق البلد ويهلل لاستقدام مزارعين من الخارج ويعلن بأن ابواب السودان مفتوحة لكل المزارعين العرب، وهو خلل خطير فى فهم سيادته للاستثمار، بل هى كارثة حقيقية !! * من اهم أبجديات و اهداف الاستثمار، خاصة الأجنبى، فى اى مكان فى العالم، هو إنشاء مشاريع جديدة تزيد القدرة الانتاجية والاقتصادية للبلد وتخلق فرص عمل للمواطنين، وأبسط من لديه إلمام بعلم الاقتصاد او بالاستثمار يفهم ذلك، ولكننا نريد أن نستقدم عمالة من الخارج ونخلق لها فرص عمل فى بلادنا ونحرم مواطنينا من العمل ونرفع نسبة العطالة وكل ما يترتب عليها من مساوئ اقتصادية واجتماعية، ونسمى ذلك بلا أدنى خجل إستثمارا ..!! * قد يكون مفهوما أو مقبولا أو ضروريا أن نستقدم خبراء اجانب أو حتى عمال بمواصفات خاصة لا توجد لدى عمالنا، للعمل ببلادنا بعض الوقت وتأهيل عمال سودانيين للقيام بالعمل فى المستقبل ونكون بذلك قد استفدنا من استقدام العمالة الأجنبية الماهرة، ولكن كيف نسمح باستقدام الاف العمال العاديين من الخارج ليحلوا محل العمال السودانيين، وكأننا متخمون بالثروة مثل دول الخليج تنقصنا العمالة ويرفض مواطنونا الاثرياء العمل كمزارعين ؟! * وليت المسألة اقتصرت على هذا الحد، بل إننا نوافق على استخدام مشاريعنا القائمة منذ عشرات السنين بواسطة أو لصالح أشقاء أو أجانب، مصريين أو مغاربة أو روس أو صينيين ..إلخ، بدون أن يضيفوا مشروعا جديدا أو بنية تحتية جديدة تزيد من قدراتنا الانتاجية والاقتصادية، ثم نسمى ذلك بدون حياء أو خجل إستثمارا ونفرح بالاموال الضئيلة التى يحضرونها معهم ويأخذون فى مقابلها اضعافا مضاعفة ثم عندما يغادرون بلادهم لاى سبب من الأسباب، لا نقبض شيئا سوى الريح ..!! * يفرحنا جدا أن يأتى الاشقاء والأجانب من كل حدب وصوب ليستثمروا أموالهم وخبراتهم ببلادنا التى تحتاج الى الكثير، بشرط أن يضيفوا لنا شيئا، ويخلقوا فرص عمل حقيقية لأبنائنا ويزودوهم بالخبرات، وعندما يعودون الى بلادهم معززين مكرمين يتركون لنا شيئا تستفيد منه أجيالنا القادمة وتضيف اليه .. هذا هو الإستثمار الذى نعرفه، ولكن إستثمار المتعافى وعلوبة والحكومة هو خراب مستعجل وليس استثمارا ..!!