إليكم الطاهر ساتي وما هم إلا... (هواة أزمة)...!! ** تستهويني اللطائف التي تحكيها فرقة تيراب وغيرها عن ذوي الخيال الواسع.. فهي لطائف رغم عدم واقعيتها، تعكس ملامح بعض واقعنا بكل صدق..المهم، منها أن صديقين جلسا على شاطئ نيلنا العظيم، وبعد أن انتشيا حتى الثمالة، نام أحدهما تاركاً الآخر سارحاً بخياله نحو أفق بعيد.. ثم فجأة استيقظ من كان نائماً، فوجد صديقه الذي كان سارحاً يبكي وينتحب، فسأله بإشفاق: مالك بتبكي يا زول، الحاصل شنو؟.. فرد بعينين دامعتين: كيفن ما أبكي ياخ، هسة موية النيل دي لو اتقلبت أم رقيقة نلقى ليها كسرة من وين.؟ ** هكذا، افتعلت مخيلته الخصبة حدثاً غير معقول، ثم بكت عيناه أزمة لا وجود لها إلا في تلك المخيلة.. تذكرت الطرفة قبل شهرين ونيف تقريباً، حيث قصدت صحيفة (الانتباهة) متفقداً أحوال بعض زملائي، فوجدت منبر الانفصال العاجل يقيم ندوة حاشدة هناك تحت عنوان: \"وضع المسلمين في الجنوب\".. بعض مرافيت الجيش وأرباب المعاش يجلسون على منصة الندوة ويكيلون السب واللعن لحكومة الجنوب وحركتها الشعبية، لأنها ستنتهك حقوق المسلمين في الجنوب بعد الانفصال.. سمعت أحدهم - في الركن الشمالي الشرقي - يكبر ويهلل ثم يبكي، فاقتربت منه، لا لأسأله عن سر التكبير والتهليل، فهذا وذاك صارا روتينا في العمل السياسي، ولكن لأسأله عن سر الدموع.. فأجاب: والله خائف على أحوال المسلمين هناك بعد الانفصال.. فغادرت موقع الندوة إلى حيث مكتب الأخ الأستاذ الصادق الرزيقي..!! ** قبل التحية، اقترحت للرزيقي بأن يخرج ويخاطب الندوة بخطاب فحواه: يا جماعة الخير اصبروا شوية، كدي خلو الجنوب ينفصل، وبعد ده راقبوا حقوق المسلمين، لو لقيتوها منتهكة تعالوا نبكي كلنا.. هكذا اقترحت، وضحكنا وافترقنا، وتناسيت أن أسأل القائمين بأمر الندوة: إن كنتم حريصين على أوضاع المسلمين في الجنوب لدرجة التوجس والبكاء، فلماذا تطالبون بفصل الجنوب..؟.. أي، لماذا لا يكون حرصكم على حقوق المسلمين هناك دافعاً للوحدة..؟.. علماً بأن حماية تلك الحقوق أسهل في إطار الوحدة، أكثر منها في حال الانفصال.. لم أسألهم هذا السؤال، ربما لأن لديهم إجابة من شاكلة: نفصل الجنوب، ولو الحركة انتهكت حقوق المسلمين نعمل غزوتين تلاتة ونحرر المسلمين.. أوكما فعل الخليفة المعتصم إثر صيحة تلك الصائحة بال (واااااا معتصماه)..!! ** نعم، ربما هكذا نهجهم.. يجب فصل الجنوب بغض النظر عن حقوق المسلمين، حتى تستنجد حليمة لاحقاً ب (وااااا طيبااااه).. وهنا سيلبي الفريق إبراهيم الرشيد والعميد عبدالرحمن فرح - من أركان المنبر - نداء حليمة، ربما تحت شعار: يا خيل الله أركبي.. أوهكذا كان الشعار الذي قاتل تحته الرشيد وفرح منذ يوم تخريجهما في الكلية الحربية، من أجل وحدة السودان.. وعفواً، ما جاء ذكرى لأسماء عساكر المنبر- كنموذج - إلا ليقيني بأن الجندي يتمنى بأن يكون موته بديلاً عن انسحابه من قطعة أرض قاتل من أجلها ساعة من الزمن.. أي، يدهشني أن يكون هناك بعض من جنود قواتنا المسلحة أعضاء بمنبر الانفصال العاجل.. وكأن قتالهم في الجنوب يوماً ما كان لفصل يوغندا..!! ** على كل حال.. كما ينتحب منبر الانفصال العاجل على أوضاع المسلمين بالجنوب بعد الانفصال، كذلك أيضاً تنتحب قادة المؤتمر الوطني ونخب المعارضة أوضاع القبائل الجنوبية (بعد الانفصال طبعاً).. القبائل ح تحارب بعض، ح تاكل بعض، ح تطحن بعض، ح ح ح... هكذا تفتعل مخيلتهم أزمة ثم تنتحب أعينهم تلك الأزمة.. (إنتو مالكم؟)، أوهكذا يجب أن تسألهم حكومة الجنوب.. ثم بالله عليهم، هل قبائل الشمال مستقرة ومتجانسة - بدارفور مثلاً - بحيث يكون مبلغ همهم قبائل الجنوب المتناحرة..؟.. وعليه، يا سادة يا كرام: أعقلوا - يعني خليكم عاقلين - ثم توكلوا على الله ثم على استفتاء يجب أن يقرر مصير الجنوب بكل نزاهة وشفافية.. غاية المواطن - شمالاً وجنوباً - صارت هي السلام فقط لاغير، وليست متابعة الأزمات التي تفتعلها.. (مخيلتكم الخصبة)...!! ............... نقلا عن السودانى