إليكم ........ الطاهر ساتي [email protected] لهذا ...كان التلاحم سودانياً...!! ** ومن لطائف الحرب، يحكى أن قائد قوة ما اتصل بالقائد الأعلى مبلغاً ( يا سعادتك العدو على بعد مية كيلومتر، تعليماتك شنو؟)، ولم يأمره القائد الأعلى بشئ ..ثم اتصل متوجساً: ( يا سعادتك العدو على بعد خمسين كيلومتر، تعليماتك شنو؟)، ولم يأمره القائد الأعلى بأي شئ .. ثم اتصل منزعجاً : ( يا سعادتك العدو على بعد عشرة كيلومترات، تعليماتك شنو؟)، ولم يأمر القائد الأعلى بشئ ..وأخيراً اتصل مطمئناً: ( يا سعادتك ، هاك كلم العدو)..وهكذا حال سلفاكير وقائد قواته بهجليج منذ الخميس الفائت..لقد ظل الأمين العام للأمم المتحدة يتصل به طوال الأسبوع الفائت، ويطلب منه سحب قواته من هجليج السودانية، ويتلقى منه رداً من شاكلة: ( لا ما بنسحب، هجليج جنوبية، وانا ما شغال معاك)..ولكن البارحة، بعد أن سحقت قوات دولة السودان بقايا قوات دولة الجنوب في هجليج قبيل صلاة الظهر بساعة ، خاطب سلفا الأمين العام للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بعد العصر بساعة قائلا ( جداً، ح ننسحب خلال ثلاثة أيام)..ولو إتصل سلفا كير بقائد قواته صباح البارحة أو ضحى اليوم ليأمره بالانسحاب، لوجد منه رداً من شاكلة ( يا ريس سلفا ياخ انت وين من يوم الخميس الفات؟، هاك كلم الجيش السوداني)..وعليه، لحفظ ماء وجه سلفا - وكذلك لإحياء روح العمالة في الفئة السودانية التي ناصرت قوات دولة الجنوب بالصمت والتبرير- نقدم لجيش السودان بمقترح اخلاء سبيل أسرى دولة الجنوب، بحيث يكون مشهد مسارهم نحو جوبا انسحاباً إرادياً وليس إنكساراً لاإرادياً..أما قتلى دولة الجنوب، فيبدوا أنهم ماتوا حزناً على فراق (هجليج الجنوبية)..أوهكذا يجب أن تخدع حكومة الجنوب رعيتها، لتصدق بانها سحبت قواتها طوعاً وإختياراً..!! ** على كل حال..شكراً لكل أسرة قدمت شهيداً توسد ثرى الوطن بهجليج وهو يقاتل في سبيل حماية الحدود من الغزو الأجنبي، نسأل الله لهم الرحمة ومقاعد الصادقين..وشكراً لكل جريح نزف دماً في سبيل إسترداد أرض الوطن بهجليج، نسأل الله لهم الشفاء.. وشكراً لكل السواعد التي قاتلت العدو الأجنبي بشرف ودحرت الغزاة ببسالة وأعادت هجليج للوطن الحبيب، فالتحيات لها وكل الوفاء.. وشكراً لشوارع الخرطوم التي احتشدت بتلقائتها أمام القيادة العامة للقوات المسلحة رغم أنف عطلة الجمعة، وهتفت بوطنيتها الأصيلة ( جيش واحد، شعب واحد)..نعم، فالعدو كان أجنبياً، لأول مرة في تاريخ القوات المسلحة منذ استقلال السودان،ولذلك كان تلاحم الجيش والشعب (سودانياً صادقاً)..وهذا التلاحم ضد العدوان الأجنبي أبلغ درس يتلقاه جنرالات حكومة دولة الجنوب..ربما ظنت حكومة دولة الجنوب بأن الملايين التي استقبلت قرنق بالساحة الخضراء، ستخرج مرة أخرى لاستقبال قواتها الغازية..هذا ظن جاهل، فالشعب الذي يعشق السلام ويحتشد لاستقبال أبطاله وصناعه ، هو ذات الشعب الذي يخرج للغزاة الأجانب عارياً حين يحتلوا أرضه وهم (مشمرين).. لقد أخطأت حكومة دولة الجنوب التقدير في قراءة الشارع السوداني، إذ ليس هو الشارع الذي يوالي القوات الأجنبية ويقصم ظهر قوات بلاده، خاصة في المعارك التي تكون القضية فيها هي (أرض الوطن )..لم يكن سلفا كير يتوقع دعم زعماء المعارضة لقواتهم المسلحة بمواساة الجرحى في السلاح الطبي رغم خلافهم الراسخ مع الحزب الحاكم..سودانيتهم التي تجلت في قضية هجليج بمثابة درس لحكومة سلفا كير، بحيث تعلم بأن أرض الوطن كانت ولاتزال - عند كل سوداني - شئ و أن المؤتمر الوطني شئ آخر..أي قوى المعارضة الوطنية لم تعد حصان طروادة الذي ظلت تمطيه الحركة الشعبية - عندما كانت سودانية - لتنفيذ أجندتها..!! ** وكذلك من دروس قضية هجليج لحكومة الجنوب، عدم نجاحها في خداع المجتمع الدولي بأنها الضحية في كل أزمة وقضية ..لقد مثلت الحركة الشعبية وحكومتها كثيراً (دور الضحية)، وظل المجتمع الدولي يصدق هذا التمثيل..ولكن قضية هجليج أزاحت القناع بشكل واضح، و تلقت جوبا وحكومتها إدانة تلو الأخرى من الحلفاء الدوليين، حتى بلغ الأمر بالأمين العام للمتحدة بأن يقول : (حكومة الجنوب تنتهك سيادة السودان)، أي من حق السودان أن يدافع عن سيادته..وللأسف، تلك السيادة التي حفظها بان كي مون للسودان- شعباً ووطناً وحكومة ومعارضة - هي ذات السيادة التى بخل بعض أبناء السودان الدفاع عنها، وأعني - بشكل صريح - كل الذين ناصروا قوات دولة الجنوب بتبريرات من شاكلة ( الحكومة فاسدة، الحكومة شمولية، ما يحرروا حلايب )، أو ناصروها ب(الصمت الحائر)..لقد وثق التاريخ موقفهم المسمى - زوراً وبهتاناً - بالنضال الوطني ..بئس النضال نضال من لايفرق فكره بين (أرض البلد) و (نهج الحكومة)..على كل حال، شكراً لجيش البلد وهو يدحر - لأول مرة منذ الاستقلال - عدواً أجنبياً..و نأمل أن تكون معركة تحرير أرض هجليج آخر المعارك بين الدولتين، السودان وجنوب السودان.. !!