عبدالقادر [email protected] لا احد من رعايا دولة السودان يعرف على وجه التحديد مهام واختصاصات منصب ( وزير الدولة برئاسة الجمهورية ) الذي جلس عليه مؤخرا الاستاذ امين حسن عمر ، بعد رحلة طويلة قضاها في تقوى الله وعمل الخير بالمناصب الدستورية التي تنقل فيها ، والقصر الجمهوري الذي ضاقت غرفه ب ( الدستوريين ) خيراته باسطه و وفيره ، وتكفي ميزانيته حاجة وزرائه ومستشاريه وعوائلهم دون مشقة الا تلك الواقعة على كاهل من يتحملها من الرعايا ، ولا يشترط القصر على منسوبيه من الدستوريين – في المقابل - قيامهم بأعباء معينة ، فهم وحدهم الذين يحددون اعباءهم واختصاصاتهم بحسب هواياتهم وامزجتهم ، فالبروفسيراحمد علي الامام يحتل احدى غرف القصر لسنوات طويلة بمنصب مستشارالرئيس لشئون التأصيل ، دون ان يؤصل لشيئ سوى ما قال به بعدم جواز لعب مباريات دوري كرة القدم اثناء اقامة آذان صلاة المغرب ، ثم طفق يمارس هوايته في ابرام عقود النكاح لمريدي مؤتمره الوطني من اعيان الخرطوم وريفي دنقلا . في الحوار الذي اجرته معه جريدة ( الصحافة ) مؤخرا ، اختار وزير الدولة برئاسة الجمهورية امين حسن عمر ان يمارس صلاحيات وكيل نيابة من موقعه كوزير دولة رئاسي ، فقد اعلن في الحوار المنشور عن نيته بتقديم كل المتهمين في قضية ( راديو دبنقا ) الى المحاكمة ، ثم اضاف ان الادعاء سيوجه ضد من ادخلوا اجهزة غير مرخص بها ساعدت على الفتنة او من ارسل معلومات للخارج ، وتأتي هذه التهم على خلفية الادعاء بقيام بعض العاملين باذاعة ( دبنقا ) بتسريب معلومات الى محكمة الجنايات الدولية بشأن الجرائم المنسوبة الى الرئيس عمر البشير . لا اعرف موقف النائب العام ووكيله الدائم ( مولانا زمراوي ) من هذه ( النوايا ) ، واذا ما كانا سيأخذانها كتعليمات وزير رئاسي بفتح بلاغات وتوجيه تهم جنائية ، ام اعتبارها مجرد مجاملة وردت في سياق حماس الوزير في تبرئة ( رمز الكرامة ) ضمن تصريحات التهريج التي تنتظم البلاد هذه الايام . حتى مجيئ نظام الانقاذ الى سدة الحكم ، كان للقضاء ولاية واختصاص كاملين بشأن الدعاوى الجنائية ، فالقاضي هو الذي يأمر بفتح البلاغ الجنائي حين يصل لعلمه ، بناء على شكوى او بموجب علمه الشخصي او اطلاعه على تقرير الشرطة أن جريمة قد ارتكبت ، ثم يتولى القاضي الاشراف على سير التحريات التي تجريها الشرطة ، ان لم ير سببا لاجرائها بنفسه او احد زملائه ، ثم يقوم - متبعا المعايير القضائية السليمة – باصدار الاوامر اللازمة لسير التحري من قبض وتفتيش وحبس للمتهمين قيد التحري وتحديد الاقامة .... الخ . ومنذ صدور قانون الاجراءات الجنائية الحالي بعيد قيام الانقاذ ، اصبحت الدعوى الجنائية من اختصاص النيابة العامة وحدها ، ولا سلطان على القضاء عليها من قريب او بعيد ، فالنائب العام ووكلائه هم الجهة التي تقرر فتح البلاغ وتوجيه التهم او حفظها ، ولا يتصل علم المحكمة او القضاء بالدعوى الجنائية الا اذا قررت النيابة عرضه عليه بتقديمها للمحاكمة . تعتبر النيابة العامة – في السودان - مهنة ( لقيط ) بلا تاريخ ولا تقاليد ، ولا اجد حرجا في وصفها بالشرطة في زي ملكي ، فهي جزء من الجهاز التنفيذي للدولة يأتمر فيها وكيل النيابة باوامر رؤسائه ، ومن واجباتها الدفاع عن ( الدولة ) وموظفيها وتقنين افعالهم لا اختصامهم ، وقد اصاب النيابة العامة ما اصاب الجهاز التنفيذي من امراض في هذا العهد ، وعلى رأسها استغلال النفوذ ومحاباة الاطراف ، والمحسوبية ، وليس ببعيد عن الاذهان ما اثبتته مضابط المحاكم مؤخرا من قيام النائب العام السابق الاستاذ عبدالباسط سبدرات باصدار توجيهات عبر الهاتف لوكيل النيابة المختص باطلاق سراح متهم بالمخالفة لاجراءات القانون ، ولعل هذا الوضع هو الذي يفسر سكوت النيابة عن جرائم الفساد الاداري والمالي لموظفي الدولة ، و سكوتها عن انتهاكات حقوق الانسان وجرائم التعذيب التي وقعت في هذا العهد ، فيما تنشط في تقديم قضايا شرطة النظام العام الخاصة باقامة الحفلات بدون ترخيص او ارتداء الازياء الفاضحة . ان تسريب معلومات او مستندات ، لا يحتاج لعمل تآمري تشترك فيه مجموعات ، ولا يحتاج لرصد اجهزة ومعدات اتصالات ، و لا يحتاج لمقر اذاعة دبنقا ، ويعلم – حتى صغار السن – انه ومن اي مقهى للانترنت بديوم الخرطوم يمكن ارسال ما زنته طن من الاوراق عند طباعتها في ذات الثانية في اي موقع في هذا الكون الفسيح بما في ذلك مقر المحكمة الجنائية . فليلتفت وزير الدولة الرئاسي الاستاذ امين حسن عمر الى مهام منصبه ( ان وجدت ) او فليبحث له عن مهام لا تكون خصما على حريات ابناء الوطن من الابرياء . سيف الدولة حمدناالله عبدالقادر [email protected]