بشفافية من يحمي «الحضرة» يا حضرات؟ حيدر المكاشفي زارني بمقر الصحيفة قبيل عطلة العيد بيوم من عرّفوا أنفسهم بأنهم من أحباب ومريدي الشيخ حمد النيل بأم درمان، شاكين من المضايقات التي ظلوا يتعرضون لها ممن أسموهم بالظلاميين ووصفوهم بأنهم ذوو لحى كثة وجلابيب قصيرة ووجوه عابسة ومتجهمة وأقوال غليظة وأجسام سمينة، وموضوع الشكوى هو أن هذه الجماعة اعتادت خلال الآونة الأخيرة وعند عصر كل يوم جمعة، الحضور الى مقابر حمد النيل، حيث اعتاد الاحباب والمريدون على تنظيم حلقات ذكر راتبة، ذاع صيتها على المستوى العالمي، حضروا ليس لحضور «الحضرة» وانما للتشويش على الذاكرين وسبهم بأقذع العبارات واستفزازهم ومحاولة جرّهم الى التعارك، وكانت وتيرة هذه التحرشات تتصاعد جمعة بعد جمعة الى أن بلغت مداها في آخر جمعة قبل العيد، حيث زادت جرعة الاستفزاز بزيادة أعداد المستفزين الذين جاؤوا الى موقع الذكر محمولين على ما يزيد عن العشر حافلات على سطوحها مكبرات صوت رابطوا بها قريباً من تجمع الذاكرين ووجهوها ناحيتهم، ثم بدأوا يمارسون الاستفزاز والتشويش بدرجة مزعجة أشاعت التوتر والغضب في أوساط الذاكرين حتى كادت مجموعة منهم تشتبك معهم لولا تدخل بعض العقلاء الذين أطفؤوا نار الفتنة التي أوشك أن يضرمها هؤلاء المهووسون المتطرفون، ولكن الروح الصوفية السمحة والمتسامحة التي كظمت غيظها هذه المرة اقتداءً بمنهج «والكاظمين الغيظ» لن تحتمل أكثر مما احتملت، ولهذا فإن هؤلاء الذاكرين يُحمّلون مغبة ما يمكن أن يحدث لو تمادى هؤلاء المهووسون في استهدافهم واستفزازهم لوزارة الداخلية التي يرفعون لها الأمر حتى تتصدى لمسؤوليتها في لجم وكبح الفالتين والمعتدين قبل أن يقع ما لا تحمد عقباه، ولات ساعة مندم.. هذا باختصار غير مخل تلخيص لهذه الشكوى المزعجة والمقلقة..... والشاهد هو أن هذا «النشاط المتطرف» قد أخذ في التنامي في الآونة الاخيرة، فقبل حملات التشويش على حلقات الذكر بحمد النيل، كانت جماعة مماثلة بل ربما تكون هي نفس هذه الجماعة قد أغارت على قبة الشيخ حسوبة بمنطقة سوبا وأعملت فيها آلات التحطيم، ثم لم يكد يمضي على هذه الحادثة كثير وقت اذا بمدينة الابيض حاضرة شمال كردفان تصحو ذات صباح حزين على حادث اغتيال بشع راح ضحيته على يد جماعة متطرفة ومتخصصة في مهاجمة القباب والمتصوفة، شيخ تسعيني من مريدي الطريقة الاسماعيلية، نذر نفسه للعمل كحارس لضريح الشيخ اسماعيل الولي لما يقارب الاربعين عاما، هو الشيخ المسن ابراهيم البلولة الشهير ب«الكباشي» الذي وجد منحوراًَ ومذبوحاً ذبح الفراخ بطريقة وحشية، لا تمت للدين بأدنى صلة بل هي للحقد والكراهية وعمى البصيرة أقرب وألصق وأليق، وقبل ذلك كان جهاز الأمن قد داهم وطارد بعض الشباب الذين كشفت الاقدار وحدها مخططاتهم التخريبية التطرفية وهي في مهدها، والقى القبض على بعض خلاياهم وأعلن أنه سيجري معهم حوارات فكرية معمقة للتخلي عن الافكار المتطرفة التي عشعشت في عقولهم الصغيرة وأصابتهم بالعشي والغبش الديني، ثم صمت الجهاز ولم ندر ما حدث.... إن الفتنة أشد من القتل، كما قال جلَّ وعلا، والفتنة الدينية أشد من غيرها من الفتن، وهي بحمد الله ورغم هذه الحوادث المؤسفة والمزعجة، ماتزال نائمة نرجو ألا تدعوها تصحو. الصحافة