هناك فرق. أبجديَّات القَبول ..! منى أبو زيد صناعة السياسيين، اليوم – كما تعلم – هي صناعة (نجوم) في المقام الأول .. يعني، منتهى العناية بالتفاصيل .. ماذا تلبس وكيف تجلس أو تأكل أو تتحدث ؟ .. كيف تتغلب على الحرَج ؟ .. كيف تكون مقنعاً ومتى تصبح مُفحِماً ؟ .. كيف تَتبسَّم على نحو مدروس .. ثم كيف تتظاهر بالقلق.. الخطورة .. أو الحزن – حتى - إذا لزم الأمر ..؟! كمسئول سياسي من بلاد \" القوقاز \" مثلاً .. إذا ما رأيت نظيرك السياسي يهزُّ رجله على نحوٍ قَلِق، وهو يتحدث مُقتطِّباً، سوف تجزم على الفور بأن محدثك هذا أما مريض أو على تخوم العته .. عندها لن يجدي - في حكمك عليه - كونه يفهم في نظرية \"البروسترويكا\" وعظيم تأثيرها على الاقتصاد الروسي أكثر منك ..! وعليه .. ألا تتفقون معي على أن عادة هَزَّ الأرجل - كحركة بشرية - قد تؤتي أُكُلَها مع الخياطين فيصنعون بإيقاع الهز على الماكينات أثواباً أنيقة، ومع النسَّاجين فيخرجون علينا بمنسوجات عالية الجودة .. أما في حال السَّاسة من رؤساء ووزراء و مدراء و سفراء - أولئك الذين اختاروا أن يكونوا \" في الواجهة \" أو على \" الخط الساخن \" جُلَّ أوقاتهم - فإن ذلك الهز يصبح من قبيل ما ذكرنا آنفاً ..؟! قال تعالى (في ظلال على الأرائك متكئون)، أي أن الاتكاء - وقد يدخل في معناه الاضطجاع أو الرقاد كأفعال بشرية مريحة وممتعة - هو مما كافأ الله به عباده المؤمنين في الجنة، ولو كان الاتكاء من الأوضاع العادية التي درج البشر على أتخاذها بمناسبة وبغيرها - في أي محفل، وعلى أي وجه - لما اعتُبِر من نعيم الجنة .. أليس كذلك ..؟! لاحظ معي أن الاضطجاع .. الاتكاء .. شبه الرقاد على الكراسي، عادة سودانية – ملحة – في أعظم المحافل السياسية، ولا يهم إن كان ذلك في قاعة الصداقة .. أو الألبرت هول .. أو حتى البيت الأبيض ..! إذا كنت حريصاً على قبول الآخر لفكرة كونك شخصاً جيداً وجديراً، فينبغي أن تضع في الحسبان أبجدياته التي ينطلق منها في تقييمه إياك، وأعرافه التي يتكئ عليها في الحكم بقبولك أو رفضك .. أنت تحتاج إلى إجتياز إمتحان القبول بنجاح، ولن يحدث هذا ألا وفقاً للمقاييس التي ينظر إليك من خلالها ذلك الآخر ..! هذا هو المفروض يحفظه عن ظهر قلب كل من سولت له نفسه الأمارة بالسوء دخول معترك التمثيل السياسي، إلا السياسي السوداني ذو الحضور النمطي/المحلي المذكور .. ذلك أن الساسة أصحاب الحضور الذي يتوافق مع مقاييس القبول الدولي، يعدون على أصابع اليد الواحدة .. فهل من مزيد ..؟! التيار