بالمنطق القُساة..!! صلاح عووضة ٭ مفردة «كديس» هي أصلا مفردة نوبية انتشرت في مناطق السودان كافة وتعني الهر. ٭ وخلال نقاش دار بيني وبين واحد من «إياهم!!» يوما حول «الرحمة» ضربت مثلا بالكديس دون سواه من الحيوانات التي تتعرض الى «انعدام رحمة!!» تجاهها من تلقاء بعض من الناس. ٭ ويكفي ان تلقي نظرة الى شوارع الاسفلت صباحا لترى كم كلبا او قطا راح ضحية لل«قسوة!!» هذه.. ٭ ولترى كذلك كم حمارا او حصانا واقفا بمحازاة الشارع في انكسار بعد ان رأى صاحبه انها الطريقة الامثل لاحالته الى «الصالح العام!!».. ٭ قلت لمحدثي ذاك، ان من دلائل التمتع بالمعافاة النفسية دينياً ودنيوياً الرحمة تجاه الحيوان ضارباً له مثلاً بالمرأة التي دخلت النار بسبب «كديسة»، والرجل ذاك الذي دخل الجنة بسبب كلب. ٭ ومن باب أولى بالطبع أن تكون الرحمة تجاه الانسان أكثر دلالة على المعافاة النفسية هذه.. ٭ فمن لا يَرحم لا يُرحم.. ٭ والتوجيه الديني هذا يجب أن يكون رافعو شعارات «الدين!!» أكثر حرصاً عليه من غيرهم وإلا عُدّت شعاراتهم هذه نفاقاً سياسياً و«دنيوياً».. ٭ هكذا قلت في سياق جدلي مع ذاك الذي من «إياهم!!».. ٭ ولكن مجادلي كان مصراً طوال فترة النقاش على أن يُبدي امتعاضا اقرب الى الغضب مما عدّها محاججة «دينية» له من تلقاء واحد «مثلي!!».. ٭ أي أن يحاجّه واحد شيوعي، أو علماني، أو على الأقل ليس ب «إسلامي».. ٭ فهكذا نحن في نظر «محتكريِّ» الإسلام.. ٭ ولكن من لا يَرحم من محتكري الإسلام هؤلاء فهو قطعاً لن يُرحم.. ٭ والناس في «الحتة دي» كلها نظر.. ٭ قبل أيام تشاء الاقدار ان تضع كاتب هذه السطور امام اختبار عملي في «مادة» الرحمة التي اراد بدوره ان يمتحن بها مجادله ذاك من «إياهم».. ٭ فمن بين شجيرات سور حديقة اوزون انفلتت قطة صغيرة ليفاجأ بها صاحب هذه الزاوية أمام سيارته تماماً وهي تتعثر مشياً على الاسفلت كما الطفل الذي يخطو خطواته الاولى.. ٭ ودون ان ينتبه لما وراءه من سيارات داس كاتب هذه السطور على الكوابح حتى احدثت اطارات العربة صريرا مع الاسفلت لتفوح في الارجاء رائحة حريق.. ٭ فمن لا يَرحم لا يُرحم.. ٭ هكذا تعلمنا من ديننا وهو لم نرفع له «شعارات!!».. ٭ وهكذا تعلمنا من اخلاق بلادنا ولو لم ندعِّ تجاه انسانها «اعادة صياغات!!».. ٭ وهكذا تعلمنا من خشية ما بعد الموت الذي ولو لم نذقه فقد «شققنا وشقّينا الجبانات».. ٭ ولما بعد الموت خشية أشار إليها القرآن كثيراً في إطار تحذيره للذين غرتهم الحياة الدنيا.. ٭ للذين لا يرحمون وقد كتب هو على نفسه «الرحمة».. ٭ والقسوة إنما هي من دلائل الاغترار بالحياة الدنيا هذه. ٭ انما هي بدافع من احساس كاذب ب «القوة»، و«السطوة»، و«الاستدامة».. ٭ ومن قبل غضب نميري بسبب أغنية اسمها «ما دوّامة» آمرا بوقف بثها فورا بعد ان ظن انها تقدح في «ديمومته!!» ٭ ألم تكن هي ثورة مايو «الخالدة!!» الظافرة «أبداً!!»؟؟ ٭ ومن آيات القرآن التحذيرية هذه في سورة الزمر ٭ «وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون». ٭ «واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون».. ٭ ان تقول نفس يا حسرتاه على ما فَّرطتُ في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين. ٭ ومحدثي او مجادلي ذاك كان «يسخر!!» من محاججتي له ب «الرحمة» دليلا على حسن إسلام المرء وعافيته النفسية.. ٭ او تحرياً للدقة كان يسخر من ان يحاجه كاتب هذه السطور في مثل هذه الأمور ذات الصلة ب «الدين!!» ٭ وما كنا ندري اننا سنختبر في صميم هذا الذي حاججنا به.. ٭ بل وتحديدا تجاه الحيوان الذي جاء اسمه على لساننا.. ٭ وحين رجع كاتب هذه السطور الى سيارته بعد ان وضع القطة في مكان آمن بين الشجيرات كاد ان يلقى المصير نفسه الذي حرص على تجنيب «الكديسة» اياه.. ٭ كاد ان يلقى حتفه بين اطارات سيارة مندفعة كما الصاروخ في المساحة الفاصلة بين سيارته وشجيرات سور حديقة اوزون. ٭ والعناية الالهية وحدها هي التي «كتبت» لصاحب هذه الزاوية عمرا «يكتب» بفضله الآن عن الحادثة هذه. ٭ ولا نزكي نحن انفسنا على الله بكثير تقوى، او عبادة او رفع ل «شعارات الدين!!» ٭ ولكن نجتهد في تجنب «قسوة!!» دخلت امرأة بسببها النار.. ٭ وننشد «رحمة» ادخلت رجلا الجنة.. ٭ علما بأن القسوة والرحمة هاتان كانتا تجاه «الحيوان!!». ٭ وليس «الإنسان!!» الصحافة