بقلم د. أحمد هاشم/لندن ألقت تسريبات ويكيليكس الضوء على أحد أهم لغز فى تهريب الأسلحة لأفريقيا فى العصر الحديث بصورة تدعو للسخرية بل للضحك وذلك عندما يتخلى السياسيون عن أصدقائهم فى العلن ولكنهم يقفعلون نفس الشىء سراً. فى 25 سبتمبر عام 2008 أستولى القراصنة الصوماليين على الباخرة فينا المتجهه فى طريقها من أوكرانيا إلى ميناء ممبسا الكينى، وذهل القراصنة عندما إكتشفوا أن الباخرة تحمل كنزاً من الأسلحة يكفى للفوز بحرب فى إحدى الدول الصغيرة، وإشتملت على 33 دبابة وعدد من الأسلحة والذخيرة. أخلى القراصنة سبيل الباخرة بعد خمسة أشهر وبعد قبض فدية تقدر بأكثر من ثلاثة مليون دولار. وعندما رست الباخرة فى ميناء ممبسا فى 12 فبراير 2009 نفت الحكومة الكينية بشدة أى علاقة لشحنة الباخرة بحكومة جنوب السودان. وبعيداً فى واشنطن إنتهى عهد الرئيس بوش ودخل البيت الأبيض الرئيس أوباما فى الوقت الذى ما زالت فيه الباخرة فينا بأيدى القراصنة. والآن إتضح من ويكيليكس فى رسالة \"سرية\" من واشنطن إلى السفارة الأمريكية بنيروبى بتاريخ 27 نوفمبر تأمرها بالتالى: \"نرجو التوضيح للحكومة الكينية أن الولاياتالمتحدةالأمريكية والمجتمع الدولى قلقون من أن تؤدى شحنة الأسلحة السرية إلى خلق عدم إستقرار فى المنطقة. كما نرجو إخطار الحكومة الكينية أن شحن هذه الأسلحة للسودان سوف يؤدى بالطبع إلى المقاطعة الأمريكية للحكومة الكينية. وفى رسالة بتاريخ 16 ديسمبر 2009 \"أوضح السفير الأمريكى بنيروبى نتائج إجتماعه مع رئيس وزراء كينيا بحضور الملحق العسكرى الأمريكى، على إصرار رئيس الوزراء الكينى بأن حكومته ملتزمة بمساعدة حكومة جنوب السودان وإقترح تسليم الأسلحة إلى يوغندا لتجد بعد ذلك طريقها للسودان. لكن رد السفيرالأمريكى بأن حكومته لن تسمح بدخول الأسلحة للسودان عبر أى دولة وهذا سوف يعرض كينيا للمقاطعة الأمريكية\". اصيبت الحكومة الكينية بالدهشه للموقف الأمريكى المغاير لعهد الرئيس بوش عندما كانت السفارة الأمريكية على كامل العلم بالشحنات العسكرية إلى جنوب السودان بل ساعدت وساهمت فى ذلك. وضمن رسالة أخرى تلخص الحديث الساخن الذى دار بين الملحق العسكرى الأمريكى و القائد العام الكينى: \"ذكر القائد العام وجهة نظر الحكومة الكينية وغضب الرئيس الكينى كيباكى ورايه الصريح أن هذه الشحنة هى ملك لجيش الحركة الشعبية. وعبرالقائد العام الكينى أن حكومته تطلب إيضاح للتغاير فى الموقف الأمريكى الذى لوقت قريب كان يدعم مثل هذا العمل ويستوجب على الحكومة الأمريكية إخطار الحركة الشعبية مباشرة بقرارها بعدم السماح بترحيل الأسلحة للجنوب\". إحتفظ السفير الأمريكى مايكل رانيبيرجرعلى موقعه بعد التغيير الرئاسى بالبيت الأبيض وكتب رسالة إختار كلماتها بدقة شديدة \"أن الحكومة الكينية مرتبكة لأنها ترى أن هذه الأسلحة تتماشى مع السياسة الأمريكية الداعية إلى تحويل مليشيات الحركة الشعبية إلى جيش نظامى قادر على حماية مدينة جوبا. وإقترح إظهار العطف لموقف الحكومة الكينية التى أوضحت على مدى السنين الماضية كل تفاصيل إتصالاتها وتدريبها ودعمها لجيش الحركة الشعبية ويصعب الآن إقناع الحكومة الكينية بأن إرسال هذه الشحنة سوف يعرضها للمقاطعة الأمريكية مع العلم بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية ما زالت ملتزمة فى سياسة تحديث وتاهيل جيش الحركة الشعبية\". لم توضح الوثائق الأمريكية مصير هذه الشحنة لكن فى نظر الخبراء أنها الآن بحوزة جيش الحركة الشعبية فى جنوب السودان. د. أحمد هاشم، باحث فى كلية الملكة ميرى للطب جامعة لندن