ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    سيدة الأعمال رانيا الخضر تجبر بخاطر المعلم الذي تعرض للإهانة من طالبه وتقدم له "عُمرة" هدية شاملة التكاليف (امتناناً لدورك المشهود واعتذارا نيابة عنا جميعا)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البترول والإنفصال و تمزيق فاتورة الوقود
نشر في الراكوبة يوم 12 - 12 - 2010


بقلم : محمد البشرى –بيرمنقهام
[email protected]
لا أريد ان أرسم صوزة قاتمة ومتشائمة عن مستقبل صناعة النفط والغاز في السودان وأحبط المتفائلين، ولكن آمال الإزدهار الإقتصادي في البلاد لا يمكن ان تقوم إلا علي التوازن في التنمية من تنمية زراعية وصناعية وبشرية وإهتمام بالصحة والتعليم وعدم الركون لمصدر دخل واحد قابل للنضوب وترك الدولة في \"الصقيعة\". ولكن مجريات سياسات الدولة حاليا لا تعطي اي ضوء اخضر لإحتمال تغيير سياسية الدولة فيما يتعلق بالنفط ومداخيله وإرتباط ذلك بعدم الشفافية والفساد وإهدار مداخيل النفط علي مؤسسات الدولة المترهلة نتجة للرشاوي والمحسوبية وشراء ذمم المعارضين للنظام وتدجينهم وإهمال ترشيد أوجه صرف الدولة وإيقاف عادة الصرف خارج الميزانية وعدم الرضوخ لمراجعة \"ديوان المراجع العام\". هكذا وجد الناس أنفسهم بعد عشر سنوات من تصدير النفط في نفس \"محطة\" غلاء السلع والخدمات من تعليم وعلاج وعطالة و \"غلاء عايش\" والحكومة التى استلمت ديون خارجية تقدر ب 18 مليار دولار وكان الأمل بعد إستخراج النفط ان يتم تسديد بعضها ولكن للاسف تلك الديون وصلت الان الى 31 مليار دولار،و تسعي حكومتنا للحصول على إعفاء لها في صفقة سياسية مقابل \"الاستفتاء\" لا علاقة لها بالتخطيط السليم لدولة \"راشدة\".
أحلام النميري:
بعد 1972م اتجه نميري نحو إقتصاد السوق الحر واتجه غرباًمعلناً القطيعة العسكرية والاقتصادية مع الشرق الشيوعي، وفي هذا قد إتبع نميري النظام المصري الذي أعلن الاتجاه نحو الغرب وطرد الروس فيما سمى أنذاك بسياسة \"الإنفتاح\". هذا الإنفتاح تزامن مع إستقرار سياسي وأمني بعد توقيع إتفاقية اديس ابابا 1972 م التي أوقفت الحرب في الجنوب وأدت لتوفيرالاموال التي كانت تذهب لشراء الأسلحة والمعدات الجربية لتستثمر تلك الاموال في مجال التنمية وتطوير البنية التحتية للبلاد. كذلك فانه بعد حرب اسرائيل وفي بداية السبعينات فان مشاعر التضامن العربي وروح من المقاومة للهيمنة الغربية إجتاحت المنطقة قبل وبعد حرب 1973م وقد وصلت تلك المشاعر التضمانية قمتها حين إستجابت الدول العربية المصدرة للنفط للدعوى الداعية لاستعمال \"سلاح النفط\" وقطع إمدادات النفط عن الدول الداعمة لاسرائيل وقد قاد الملك فيصل السعودي تلك الحملة والتي أغتيل بعدها بسنين. هذه الروح الجديدة من المقاومة وآثار حرب 1967م مع اسرائيل جعلت الدول العربية الغنية أيضاً تتجه لإستثمار فائض دخلها النفطي في نطاق الدول العربية وكان السودان قبلة لتلك الاستثمارات بينما كان الكويت من اكثر الدول تحمساً للاستثمار في السودان. وهذا قاد لنهضة صناعية وزراعية في السودان وأدى بالتالى زيادة في استهلاك البترول وزيادة فاتورة \" الوقود\".
وجاء اكتشاف النفط والسودان في ذروة النشاط الاقتصادي من زراعة وصناعة وأضفى عليه نميرى نوع من المبالغة الدعائية لحماية نظامه الذي عاني أزمات سياسية كبيرة وغزى هذا الاتجاه ان هذه التوقعات الاقتصادية للسودان القى عليها تقرير منظمة الفاو(المنظمة العالمية للاغذية والزراعة ) المزيد من الأضواء باعتبار ان السودان سيصبح (سلة غذاء العالم) . وكانت الكويت أعلنت ان السودان سيكون \"سلة غذاء العرب\" حيث كان من المتوقع ان يتم إستصلاح وإستزراع اكثر من 60 مليون فدان لإنتاج السكر والقمح والاقطان. السودان بدوره شجع المستثمرين العرب للاستثمار في السودان وفي هذا المنحي فان الكثير من المشاريع قد انشئت مثل مصنع سكر كنانة و مصانع الغزل والنسيج ومصانع تعليب الفاكهة في كريمة وانشاء الطرق كما تم انشاء بعض المصانع في الجنوب و جاءت إكتشافات شيفرون النفطية لترفع سقف احلام حكومة نميري في اقتصاد قوي وتنمية وازدهار في كل النواحي.
ولكن هذه الأحلام إصطدمت بارتفاع أسعار النفط في السبيعينات وعدم القدرة على إيجاد وإنتاج نفط سوداني بكميات تجارية أوعلى أسوأ الفروض بكميات كافية لتغطية الإستهلاك المحلي. هذا الوضع كان له آثار كارثية على الإقتصاد السوداني حيث أن فاتورة الوقود قد إرتفعت نسبة لإنشاء تلك المشاريع الصناعية والزراعية وقد أدي ضعف الاقتصاد وتدني الأجور الي اصابة الاقتصاد السوداني في مقتل بهجرة العقول والأيدي الماهرة الي دول الخليج وليبيا للبحث عن مصدر دخل أعلي (هويدا حسن).
فاتورة الوقود:
وكثير من الإقتصاديين يرون أن فاتورة الوقود \"النفط\" كانت هي قاصمة ظهر الإقتصاد السوداني و\"مغيرة \" الحكومات، لأن تلك الفاتورة لها إنعكاس علي الإزدهار الزراعي والصناعي ورخص الترحيل وبالتالى تؤدي لارتفاع أسعار السلع والخدمات وتبعا لكل ذلك يحدث غلاء \"المعايش\". انه من الثابت ان معظم مداخيل السودان من العملة الصعبة كانت تذهب الي إستيراد الوقود تاركة الميزانية في عجز دائم بالرغم من حصول السودان وخاصة في عهد نميري علي النفط في شكل منح من السعودية والكويت والعراق. وآثار فاتورة النفط على الميزانية قد تتبعتها دكتورة هويدا حسن حيث انه في العام 1981م كانت فاتورة الوقود 187 مليون دولار بينما فاتورة الصادرات كانت 397 مليون اي 47% مقارنة بالصادر ، واستمر الوضع بعد ذلك كذلك الي بداية التسعينات، حيث ان حرب الخليج الاولى وإنحياز حكومة المؤتمر الوطني الي جانب العراق جعل فاتورة الوقود تصل الى 315 مليون دولار بينما الصادر كان 375 مليون دولار اي 84% من الصادر وارتفعت فاتورة الوقود في العام 1991م الى 102.9% من الصادر حيث ان الصادر كان 305 مليون بينما فاتورة استيراد الوقود كانت 313.8 مليون دولار. (أنظر الجدول أدناه).
فاتورة الوقود مقارنة بجملة الصادر والوارد (الارقام بملايين الدولارات) :
السنة فاتورة استيراد البترول فاتورة الاستيراد عامة الدخل من الصادر عجز الميزان التجاري نسبة فاتورة النفط من الوارد نسبة فاتورة النفط من الصادر
1981 187 $ 963 $ 396.7 $ 566.3- $ 19.4% 47.1%
1982 252.9 933.7 371.6 562.1 - 27.1% 68.1%
1983 344.6 1354.1 623.6 730.9- 25.4% 55.3%
1984 314.7 1146.8 628.9 518.1- 27.4% 50.1%
1985 119.5 851.5 337.9 513.6- 14% 35.4%
1986 116.9 960.1 333.3 626.8- 12.2% 35.1%
1987 110.6 580.6 332.7 247.9- 19.1% 33.3%
1988 242.9 1087.3 509.1 578.2 22.3% 47.7%
1989 238.6 1336.4 671.8 664.6- 17.8% 35.5%
1990 314.8 618.5 374.1 244.4- 51% 84.1%
1991 313.8 890.3 305 585.3- 35.2% 102.9%
1992 251 820.9 319.3 501.6- 30.6% 78.6%
1993 215.3 944.9 417.3 527.6 22.8% 51.6%
1994 239 1161.5 523.9 637.6- 20.6% 45.6%
1995 173.3 911.2 526.6 384.6- 19.1% 33%
هكذا وجدت الحكومة الحالية نفسها محاصرة بفاتورة لاتقل عن 250 مليون دولار في السنة في المتوسط ولذا سعت جاهدة ووظفت كل جهودها لإستخراج النفط لمواجهة هذه التكاليف العالية لفاتورة الوقود ولدفع عجلة التنمية المتوقفة و لعجز الميزانية الذي وصل في 1991م الي 102% بسبب إنقطاع الدعم السعودي والكويتي نتجة إنحياز الحكومة الجديدة الي جانب العراق في أزمة إجتياح الكويت وكذلك لدفع الديون الخارجية وفوائدها للحصول على رضاء البنك الدولي ونادي باريس.
ونسبة لانعدام المعلومات عن الفترة من 1996 الى 2001 م فان الوضع لم يكن بافضل نسبة لان الدولة كانت تصرف علي الحرب في الجنوب التي لم تتوقف الا في 2004-2005 عمليا، لتتحول تلك المدخلات لميزانية الدولة. وفي محاولة لتجميع معلومات عن اثر دخل النفط علي الميزانية السودانية خاصة بعد 1995 حيث انتهى الجدول السابق، فنسبة لتواجدي خارج السودان فان صفحة بنك السودان علي الانترنت لا تحتوي علي اي معلومات مالية عن الفترة من 1996 الي 2001م . وبعد بحث وتنقيب استطعت تجميع بعض المعلومات عن مداخيل النفط واثره في الميزانية من 2002 -2009 م الذي تجده في الجدول التالي:
بنك السودان ميزان الصادر والوارد من تقارير بنك السودان المركزي 2002-2009
العام احمالي الصادرات اجمالي الواردات صادر البترول صادرات اخري العجز (-) او الفائض
2002 1.949.11$ 229383$ 1.510.83$ 438$ 344.72- $
2003 2.542.17 2.651.16 2.047.17 494.47 108.99-
2004 3.777.8 4.075.2 3.100.5 677.3 297.5-
2005 4.824.3 6.756.8 4.187.4 636.9 1.932.5-
2006 5.656.6 8.073.5 5.087.2 569.4 2.416.9-
2007 8.879.2 8.775.5 8.052.7 460.7 1.156.8+
2008 11.670.5 8.229.4 11.094.1 576.4 3.441.1+
2009 7.833.7 8.528.0 7.131.2 702.5 694.3-
( الارقام بملايين الدولارات)
وهكذا نلاحظ من الجدول الثاني انه في الاعوام 2007 و2008 م قد حقق السودان فائض في الميزانية لاول مرة في تاريخه القريب وكان ذلك نتيجة لزيادة مداخيل الصادر من النفط حيث ان دخل النفط وصل الى أكثر من 8.8 مليار مليون في 2007م و11.67مليار دولار في 2008م ، وكما ذكرنا في ورقة سابقة هذا الإنتاج \"الزائد\" قد شككت فيه حكومة الجنوب ومنظمات مجتمع مدني غربية باعتبار أنه جاء في إطار \"مؤامرة\" من الحكومة والشركات لإستخراج أكبر قدر من النفط قبل حلول العام 2011م و هو زعم من الصعب نفيه أو تأكيده في ظل السرية \" المفرطة\" المفروضة علي تلك الصناعة ومداخيلها. من وجهة نظري فان ارتفاع المداخيل قد يعزى الى ارتفاع اسعار النفط بالرغم من ان البعض يعزي زيادة هذه المداخيل الي الحفر \"العشوائي\" المتكرر لآبار نفطية جديدة للحفاظ علي سقف الإنتاج عالياً بالرغم مما للحفر من أثار سيئة علي الحقل وجودة الانتاج مستقبلا. وقد أوردت بعض المصادر ان الإنتاج هبط من 540 الف برميل يوميا في 2007م الي 470 الف في اليوم في 2009م منها ما يقارب ال 350 الف من المتوقع ان تذهب مع الجنوب إذا انفصل في 2011م ومثلها 50 الف من منطقة أبيي المتنازع عليها وهذا ما يفسر مجهودات الحكومة في محاولة رفع الانتاج بإيجاد تكنولوجيا متطورة بالتعاقد مع شركات غربية مثل اسبانيا وفنلندا وتعاون نرويجي ، وفي هذا الإطار فقد نجحت الحكومة السودانية في إستغلال الأزمة المالية العالمية وإقناع حكومة المحافظين البريطانية بإعطاء الضوء الأخضر للشركات البريطانية للإستثمار في نفط السودان (بي بي سي) ولكن يظل إستثمار شركات كبرى كشركة البترول البريطانية (بي بي ) في النفط السوداني محل شك نسبة لسيف العقوبات الاميركي المسلط علي الشركات الكبرى التي لها معاملات في وول استريت ولكن هذا لا يمنع شركات صغرى او شركات الخدمات من الدخول للسودان.
إنخفاض الإنتاج :
الضغط الآخر الذي واجهته الحكومة في مداخيل النفط هو أن خام النيل الخفيف قد بدأ انتاجه في التراجع من 235 الف برميل الي 200 الف في الوقت الذي سجل فيه خام دار- الضعيف التسويق، الصعب التكرير والرخيص الاسعارعالمياً لأنه كخام ثقيل يحتوي علي نسبة عالية من الاسيد- إرتفاعاً في الانتاج الي 235 ألف برميل مما ساهم في هبوط مداخيل السودان من النفط عامة (أٌل بزنس). وفي هذا الإطار يجب التنويه ان السودان لديه سبع مربعات \"منتجة\" معظمها في الجنوب مقسمة الي 4 كونستريوم \"تكتلات\" كالآتي:
الاول:تكتل تقوده الشركة الصينية في مربعي 3 و7 في الجنوب حيث ينتج 235 برميل في اليوم من خام دار.
الثاني: تكتل شركة النيل العظيم في مربعات 1و 2 و 4 وهو ينتج 180 الف برميل منها( 50 الف من منظقة أبيي) وهذه المربعات تنتج مزيج النيل الخفيف.
الثالث: تكتل تقوده الشركة الوطنية الصينية في مربع 6 الواقع في الشمال وإنتاجه 45 الف برميل من خام \"الفولة\" المتوسط.
الرابع : تكتل النيل الابيض وتقوده بتروناس الماليزية في مربع 5أ في الحنوب وهو ينتج 20 الف برميل من مزيج النيل الخفيف.
وقد توقعت الحكومة في بداية 2005م أن يتعدى انتاجها من البترول المليون برميل في اليوم في 2011م ويصل لمليون ونصف في 2016م و2 مليون بحلول 2020م. ولكن التوقع الأول قد إصطدم بصخور الواقع وخيب آمال الحكومة ، حيث ان المنتج حتى الان لم يتجاوز في ذرة انتاجه ال 540 الف برميل مع تسجيل تراجع في الانتاج ، مما يستدعي وضع علامات إستفهام حول \"نجاعة\" التكنولوجيا الشرقية المتواضعة المستعملة في البحث والحفر والتنقيب والاستفادة القصوى من الحقول واستعمال الطرق العملية المثلي في الحفر والتنقيب لتمديد حياة الآبارالانتاجية وكذلك في التكرير. وفي أكتوبر 2009م أكد زير النفط السابق الزبير أن الإنتاج في 2008-2009م قد تراجع إلى 470 الف برميل وبالتالي فإن خطة بناء مصفاة جديدة في بورتسودان بسعة 100 الف برميل قد صرف عنها النظر نهائياً وسيتعاض عنها بالتوجه لمضاعفة إنتاجية مصفاة الخرطوم بالرغم مما لذلك من آثار بيئية سيئة ابِنًاها في مقال سابق. وقد عزا الزبير إنخفاض الإنتاج الي تلكوء الشركات وعدم استعمال تقنية متطورة لتقليل كمية المياه المنتجة مع البترول وقد نسى سيادته ان الشركات العاملة في السودان لا تمتلك تلك \"التكنولوجيا\" و \"تتلكأ\" لأنها لا تريد ان تجازف باستثمار ملايين الدولارات في منطقة متنازع عليها سياسياً. تزامنت تلك التصريحات مع إتهامات من قلوبال وتنس بان الجنوب قد فقد حوالي 600 مليون دولار من مداخيل النفط نتجة لإخفاء الحكومة الارقام الحقيقية لإنتاج النفط من الجنوب. وكان رد الوزير علي تلك الاتهامات: أن الصينيين يستعملون أرقام الكميات المستخرجة من الآبار بينما الوزارة تستعمل أرقام الإنتاج وان أرقام الشركة تحتوي المياه والنفط المستهلك في عمليات الانتاج (وكالة الانباء الفرنسية). ورغم ان الزبير في مكان اخر ذكر انهم متأكدون من كميات \"البترول المنتج\" لان الشركات توافيهم بالأرقام والكميات المنتجة.
وفي إطار تأكيد تصريحات الوزير السابق فيما يتعلق بانخفاض الإنتاج فان \"بزنس مينوتر\" في رؤيتها لما بعد 2009م رأت ان انتاج النفط والغاز سيتراجع الي 500 الف برميل في اليوم في 2010 وسيستمر التراجع بعد ذلك بنسبة 2% سنويا.
ومن وجهة نظري لإخراج السودان من عنق زجاجة \"التراجع\" في مداخيل النفط او تفادي أزمة تراجع الأسعار\" الفجائي\" أو رحيل الجنوب بمعظم حقول النفط \"المنتجة\" لابد أن يتبنى السودان رؤية \"شاملة\" في مجال صناعة \"النفط والغاز\" وقد أوردت كلمتي النفط والغاز عن قصد ، لأن الصناعة النفطية في نظر المسؤولين كما في نظر رجل الشارع العادي لا تعني إلا صناعة النفط فقط ، في حين ان صناعة النفط تعنى ايضاً صناعة \"الغاز\" التى هي مظلومة عند \"خبازي\" النفط السوداني ظلم بيًن يضر بالبلد أكثر من الغاز، فالحكومة يجب ان توسع نظرتها \"الاستراتيجية\" للغاز لانه قد يكون هو الأجدى استثماراً كما سنبين تالياً.
فبزنس مونيتور في تقريرها للربع الاول لسنة 2010م توقعت ان إستهلاك السودان من النفط على نطاق افريقيا سيصل الى 3.12 % بينما سيكون نصيبه من الصادر الاقليمي يقدر 6.27% في سنة 2014م ، مع ملاحظة ان هذه التوقعات حسبت إستهلاك السودان كقطر موحد ولم تضع في الحسبان إنفصال الجنوب وإحتمال إصطحاب معظم النفط في معيته، وفي رأي أن هذا الإستهلاك المقدر ب 3.12% (اي 128.856 برميل في 2014م) سيكون هو إستهلاك الشمال لوحده وذلك سيكون توقع شبه حقيقي اذا نظرنا الي عدد المصانع والمشاريع الزراعية والآليات والسيارات في الشمال وخاصة ان الاستهلاك المحلي حاليا يقدر ب 102 الف برميل في اليوم. هذا مع الأخذ في الاعتبار ان الصادر المقدر ب 6.27% (785 الف برميل في اليوم في 2014م) أيضاً حسِب على إعتبار ان السودان سيكون موحداً أنذاك، فاذا وضعنا في الاعتبار ان الجنوب سينفصل في 2011م فان اكثر من 85% من هذا الصادر سيكون من نصيب الجنوب المنفصل انئذِ، مما يعني ان مداخيل الشمال من النفظ ستكون ضعيفة جداً.
الغاز بديلا للزيت:
أما في مجال الغاز فان استهلاك إفريقيا في 2009م قد قدر ب 124 بليون متر مكعب (ب.م.م) مع إحتمال ان الطلب علي الغاز سيرتفع في 2104م الي 191 ب.م.م ، وإنتاج افريقيا من الغاز قدر في 2009م ب 248 ب.م.م وقد يصل الى 385 ب. م.م في 2014م . أما الصادر الافريقي من الغاز في 2009م فقد وصل الى 124 ب.م.م وقد يصل في 2014 الي 193 ب.م.م .
وإذا نظرنا الي نصيب السودان من الغاز سواءً إستهلاكاً أوتصديراً فانه يعادل صفراً كبيراً. فالسودان وخاصة الشمال فيما بعد 2011م فيجب أن يعيد النظر في رؤيته لصناعة البترول والتي كما –ذكرنا- تعني صناعة الغاز ايضاً. فالغاز السوداني قد تم إكتشافه في 1974م بواسطة شيفرون في منطقة البحر الأحمر حيث تم إكتشافه بدلاً من إكتشاف بترول في بئري سواكن (1) وبشاير(1) وشيفرون ونميري لم يكونوا متحمسين للغاز بالرغم من أن شيفرون إختبرت قيمة البئرين إقتصادياً ، حيث ان بشائر أنتجت 6.9 مليون قدم مكعب في اليوم من الغاز الجاف وسواكن أنتجت 1158 برميل من الغاز المكثف، وبالرغم من ان شيفرون تخلت عن المنطقة الا انها قدرت انه اذا اجريت عمليات حفر سليمة فان بئر سواكن وحدها يمكن ان تنتج حوالي 50 مليون قدم مكعب في اليوم من الغاز الجاف والذي يمكن اعادة حقن جزء منه في الأبار لإنتاج غاز مكثف وإستعمال جزء لتشغيل بعض المصانع ومحطة بورتسودان الكهربائية (هويدا حسن). وبالرغم من ان عائق تطوير مشروع الغاز كان المال، فان تطوير حقول الغاز بتلك المنطقة كان يجب ان يكون من أولويات الحكومة الحالية وخاصة ان الحقل 8 بمنطقة النيل الأزرق والمرخص لبتروناس قد أثبتت الإستكشافات أنه غني بالغاز ، فبدلا من التركيز علي البترول فقط، يجب علي الحكومة أن تستفيد من تجربة قطر في مجال تطوير صناعة الغاز والتفكير في تطوير بنيته التحتية من سبل ترحيل ومعالجة والشروع في إيجاد سوق ، كما يجب ووضع الخطط والدراسات لإقامة مشاريع الصناعات البتروكيمياوية المرتبطة بالغاز كصناعة الاسمدة والبلاستيك، خاصة والاخير له سوق رائجة في افريقيا بدلا من التركيز علي البترول فقط.
العملات الأجنية والبترول:
وقد ذكر البنك المركزي في تقريره الأخير أن احتياطي العملة الأجنبية في البنك المركزي السوداني قد تناقص بصورة بصورة حادة في الربع الاول من 2009م وحسب رؤية البنك الدولي فان ذلك ناتج عن عدم التحسب ووضع الاحتياطات للتكييف مع تغييرات أسعار النفط وهذا من وجهة نظري يدل علي إعتماد الحكومة على النفط كمصدر رئيسي بل \"وحيد\" للدخل في البلاد نتجة أهمال القطاعات الأخري كالزراعة والصناعة والصمغ وخلو معظم التقارير من الاشارة لمداخيل الدولة من الذهب. وأرقام البنك المركزي أظهرت تراجعاً كبيراً في احتياطات العملة بالبنك المركزي من 1.58 بليون دولار في 2006م الى 390 مليون دولار في 2009م والتي قيل انها لا تكفي لاسبوعين (سودان تربيون) هذا مما أدي الى ان يأمر البنك المركزي البنوك التجارية لشراء العملة (الدولار) بزيادة 16% عن سعر السوق.
وبالرغم من تطمينات وزير الدولة بوزارة البترول (الرأي العام) ان مستوى الانتاج من النفط الحالي في الشمال كافي للشمال في حالة الانفصال....وقد ذكر ان تكتل النيل العظيم ينتج 50 الف و 60 الف في الفولا مع توقعات باضافة من 5 الي 10 الف من حقل ابوجابرة وهو في المجموع يجعل الانتاج في الشمال يفوق 100 الف برميل، إلا ان ذلك يعني عدم حصول الدولة علي اي نقد أجنبي من نفط \"الشمال\" الذي سيستهلك محلياً. كذلك فان ان التساؤلات تثار حول شفافية الدولة وإنتشار الفساد المالي والرشاوي ورفض مؤسسات الدولة الخضوع لمحاسبة المراجع العام ، حيث أن 106 جهة حكومية لم تعطي حساباتها للمراجع العام ومؤسستان رفضتا مبدأ المراجعة من أساسه مما ينسف مبدأ الشفافية والخضوع لدولة المؤسسات. لذا فان التساءل لن يكون بريئاً حول براءة الحزب من إدخال \"يده\" في جيب \"الدولة\" وعدم توجيه مدخلات النفط لتنمية القطاعات الاخرى من زراعية وصناعية وتوفير فرص عمل في دولة نسبة العطالة فيها تقدر ب 20% والقوى العاملة فيها تعاني من آثار الحرب والفقر وسوء التغذية والامراض وبالتالي ضعف الإنتاج. .
1- www.allbusiness.com
2- www.sudantribune.com
3- www.businessmonitor.com
4- د. فوزية حسن فوزي : رسالة دكتوراه من جامعة دندي – اسكتلندا -1996
)The Evolution of the Legal and Contractual Framework for Exploration and Production of Oil in Sudan and United Kingdom; A Comparative Approach to Developing and Developed Countries.(
5- www.rayaam.info
6- http://www.imf.org
7- www.worldbank.org


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.