(صواع الملك) تصدع المجتمعات في \"قانون ابن خلدون\" فيصل عبد اللطيف التغييرات المتوقعة بعد الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب عميقة التأثير، فنحن في بدايات (تسونامي) له انعكاساته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وسيبك من \" زبد الوعود وعسل الكلام \".. وما يقال عن \"الخير القادم والاستقرار\" ، و تصريحات بعض المسؤولين عن \"الوحدة التي ستورث للأجيال\" . وإذا كان المجتمع ما يزال يموج بتحولات، ويغالب الضغوط الاقتصادية خاصة، فعلينا أن نبحث عن مصدات للتسونامي القادم . ليس باستطاعة أحد أن يوقف دوران الأرض، ولكن بمقدورنا أن نمعن التفكير في التغيرات التي تحدث في مجتمعنا، ونطالب بوقفة أمامها لنتفادى ما هو أسوأ. إن ما يشهده المجتمع من تغيرات وتبدل أحوال، وانقلاب مفاهيم، واستبدال موضات وصرعات بقيم غرسها الآباء في الأبناء، وكان الظن إلى وقت قريب أنها قيم راسخة ومتجذرة .. ذلك يلح بتساؤلات : هل مجتمعنا هش إلى الدرجة التي تتآكل معها القيم والعادات والتقاليد الفاضلة ؟ هل من واجبات التعايش مع التغييرات الدولية، ومع العولمة ومتطلباتها أن \" نستبدل الذي هو أدني بالذي هو خير\"؟ هل نكتفي بمقولة \" أبحث عن الاقتصاد \" .. أم نضع الوزر على \" مشجب إسرائيل\"، ونركن إلى نظرية المؤامرة؟ حقيقة لا أقطع بكيفية التعامل مع هذا الخطر.. ولكن ربما يكون في استعراض بعض مظاهر الخلل الذي أصابنا، وأعطب منظومة قيمنا ، ما يلفت وينبه إلى عظم الأمر ، وبالتالي استنباط طرائق تمكننا من التعامل مع جديد العالم، وتغييرات الداخل، بفاقد أقل. إن من يرصد تلك التغيرات ويتابعها يلمس بوضوح شديد اختفاء كثير من سمات المجتمع السوداني، وظهور ممارسات غير مقبولة، كأن في الأمر إحلالاً وإبدالاً.... فلننظر إلى بعض ما استجد في واقعنا. ونحن في هذا التناول لا نتجاوز ، ولا نريد تجاوز، المقولة ( الحكمة) المنسوبة إلى الخليفة علي بن أبي طالب: (( لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم )). ولكننا نلفت إلى القوانين التي خلص إليها ابن خلدون في \" المقدمة\" عن تفكك الدول وتصدع المجتمعات، وانهيا الأمم والحضارات.. وكلها قوانين مربوطة بالقيم ، والفلسفة السياسية التي تطبق وتتعامل مع المجتمع. لنتابع الأسرة بوصفها نواة المجتمع ومكونه الأساس.. كانت الأسرة متماسكة متوادة، متراحمة .. والآن تتعرض الأسرة لضربات موجعة إلا من رحم ربي جراء التفكك الذي أصاب بعضها، والتمرد والعصيان والعقوق، والسلوكيات المعوجة ، التي تتعامل بمنطق (( الغاية تبرر الوسيلة)) بدعوى تأمين ( قفة الملاح). والعنف ضد الطفل والمرأة أصبح في حكم الظاهرة، ويخشى أن تتحول إلى نوع من العنف الاجتماعي !! الاستهتار بالأعراض بالاستخدام السيئ وغير المسؤول لتقنيات العصر، وحتى في بعض الصحف التي تعتمد الإثارة الفجة. انشغال بعض الشباب بما هو مسطح من الفكر والرأي الذي لا يقيم وزناً لا للوطن ولا الثقافة الجمعية والرصيد الحضاري، ولا للمستقبل في حال التفكك. تعمق (الفردانية) في التفكير، وضرب المصلحة العامة بعُرض الحائط، والتركيز على المصلحة الشخصية الضيقة، ناهيك عن تقلص وازع الضمير ما أدى إلى انتشار الفساد وخراب ذمم كثير من الناس ، ولا يأبهون. قصص كثيرة وغريبة تروى. هذه بعض مظاهر انحدار مجتمعنا ، وغيرها كثير .. والسؤال : ما نحن فاعلون .. هل سنظل نرضخ للأمر الواقع ؟ أذكر أن ( الانقاذيين ) في بداياتهم أوجدوا وزارة اسمها (التخطيط الاجتماعي) ، وتولاها الأستاذ على عثمان محمد طه.. ما الذي أنجزته تلك الوزارة ؟ إذا كان من أحد يلاحظ غير الانحدار القيمي الذي حدث في المجتمع، جراء الخلخلة، وتشتت الأسر، فليدلني عليه، على سبيل الإنصاف. الأمر يحتاج إلى أساليب مؤسسية لإخضاع هذه المشكلات والظواهر لمعالجات تخصصية. غير أن خطورة الاحتمالات المفتوحة على تطورات غير سارة في مجتمعنا، مع الاحتمالات المؤسفة عن مصير الوطن بعد انتشار ( ثقافة تقرير المصير والانفصال) ، وما ينتظر من نتائج بعد ( المشورة الشعبية ) في النيل الأزرق وجبال النوبة، ومع القادم الجديد كل يوم تقريباً في عالم الاتصالات والإعلام الإلكتروني والفضائي،والظواهر الغريبة التي لكثرتها وانتشارها ودخولها في مفاصل المجتمع، بدت عادية ولا تستفز كثيرين!! ليس سوى مبادرات قوية لتدارك مجتمعنا وقيمه ، ووضع الحلول.. ولكن أيهما يأخذ الأولوية .. تصدع الوطن أم تصدع القيم.. ؟ [email protected]