(صواع الملك) ذكرى الاستقلال .. بقايا وطن ! بنعيم الجنوب جود لينا ومن فيض كردفان أغنينا! فيصل عبد اللطيف [email protected] استغرب الترتيبات الجارية للاحتفال بذكرى الاستقلال .. كأن السودان الذي ملك زمام أمره قبل أكثر من نصف قرن، وأقسم حكامه المتتابعون على صون وحدته ، هو سودان اليوم .. أو السودان الذي سيكون بعد التاسع من يناير 2011 . الحديث عن الاحتفال بذكرى الاستقلال هذا العام أوجد غصة في الحلوق.. ولذلك لم أجد إلا أن أخاطب اللجنة العليا للاحتفالات بالعيد ال (55) للاستقلال ، أخر عيد للوطن الموسوم ( السودان)، وأهدي اللجنة الأغنية الوطنية التي أبدع كلماتها، في ما أظن، احمد عمر الرباطابى .. أغنية طرب لها كل سوداني، منذ أن كانت شارة برنامج ( ربوع السودان ) في الستينيات ومطلع السبعينيات.. ذلك البرنامج الذي اشتهر به الإذاعي علي الحسن مالك. فلتنظر اللجنة وهي تعد لاحتفال يبذل فيه المال، بذخ لا فائدة منه .. كما الأموال التي أهدرت في لجان الوحدة ، وما تزال تهدر .. .. إلي اللجنة العليا للاحتفال أقول : بالله عليكم تمعنوا كلمات هذه الأغنية .. صورها البلاغية .. التي تجعلك تستحضر السودان بكل تفاصيله .. تنوع الوطن وغناه بالموارد وبالإنسان وبالثقافات.. الرسم المبدع لجغرافية السودان .. الروابط الكثيرة للوحدة التي فرطنا فيها، أو عملنا لئلا تحدث. أغنية تغذي المشاعر الوطنية، ما الذي تبقى من ما حوتها هذه الأغنية، لنحتفل بالاستقلال؟ ****** من أم در يا ربوع سودانا نحييك وإنت كل آمالنا في غربك عروس الرمال وفى شرقك أية جمال وجنوبك واسع مجال يا حلاة رطبك في الشمال من أم در يا ربوع سودانا نحييك وإنت كل آمالنا نحييك في القرى والبادية وفى كل النواحي الهادية في الخرطوم زهورك نادية وتهواك النفوس ليك راضية من أم در يا ربوع سودانا نحييك وإنت كل آمالنا بنعيم الجنوب جود لينا ومن فيض كردفان أغنينا في شرقك نصيد وادينا شمالك فيهو بركاوينا تطرب بيك جميع أجيالك وفى كل البقع ترضالك طوالي الفرح في بالك يا ربوع شوقنا في استقبالك من أم در يا ربوع سودانا نحييك وإنت كل آمالنا ********** مسؤولون في اللجنة العليا يتحدثون عن \" استخراج معان\" من الذكرى 55 للاستقلال.. أي معنى غير حقيقة الضياع .. فليكن هذا الاحتفال مناسبة للبكاء .. للنحيب .. للعن المتسببين في ما حدث ويحدث وسيحدث للوطن .. هذه المرة لن يكون الأول من يناير احتفالاً، بل هو عين الوقوف على الأطلال .. ونظرة على الأشلاء .. مأتم ، يعزي بعضنا بعضاً . فأي استقلال ذلك الذي نحتفل به والوطن يضيع .. يتفكك .. والممسكون بالمفاصل يصرون على توجهات يرى القريب والبعيد أنها لن تزيدنا إلا تمزقاً .. ويضعنا في صدام مع العالم .. لأن كل ما طرح حتى الآن من تصورات أو قرارات عن إدارة ما يتبقى من الوطن يدخلنا في دورات من الشقاق لا تنتهي إلا بنهاية البقية الباقية.. هل يستقيم أن ندعي الحرص على الوحدة ونرفض التنوع الذي هو جسر الوحدة ، ونتبع سياسة جبرية. إن رب العزة والجلال الذي خلق الكون، يعلم ما يصلح لإدارته شؤون عباده، ولذلك جعل الاختلاف أساساً لإعمار الأرض .. وحتى في مسألة الكفر والإيمان لم يضع قانوناً جبرياً قامعاً .. \" إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين \" .. لم يفعل ذلك وهو القادر . كيف تريد اللجنة العليا لاحتفالات الاستقلال أن نستقبل هذه الذكرى بالفرح وكل ما نسمعه عن المستقبل لا يفرح.. تهديد ، ووعيد ، وتوعد، وإصرار على فرض الوصاية، والعقوبات؟ [email protected]