عمر موسي عمر عبدالله [email protected] لم يسترع إنتباهي تسارع المسئولين في الدولة وعبر أجهزة الإعلام الحكومي للدفاع عن موقف أجهزتهم العدلية بمحكمة الكبجاب بمدينة أمدرمان في شهر فبراير من هذا العام وهو الموقف المهين الذي تناقلته أجهزة الإعلام العالمية ونشر طولاً وعرضاً علي صفحات الشبكة العالمية وصار يعرف بفتاة الفيديو فالموقف الحكومي كان محاولة يائسة وبائسة لتجميل الصورة البشعة التي هزت وزعزعت الضمير الإنساني وهم يرون فتاة مسلمة تجلد علي رؤوس الأشهاد جلداً لارحمة فيه ولا هوادة كأنما هي الفتاة الوحيدة التي ترتكب الفواحش ما ظهر منها وما بطن .. وكأن في جلدها بلا رحمة صلاح لهذه الأمة . ولكن الذي آثار إنتباهي ودهشتي في آن واحد اللقاء المباشر الذي تم مع والي ولاية الخرطوم بقناة النيل الأزرق ومما يؤسف أن محور اللقاء كان عن الفتاة التي جلدت وقد ذكر الأخ الوالي بالحرف في محاولة منه لتبرير ماحدث :\" أن الفتاة المذكورة إرتكبت حداً وطبقت المحكمة عليها عقوبة تعذيرية هي الجلد ؟؟!!!\" وهذا التفسير لما حدث يعني أن الأخ الوالي لايفهم أن الحدود عقوبة واجبة من الشارع وأن التعازير عقوبة مقدرة من السلطان وبهذا الفهم فإن ممارسة الدعارة وإدارة منزل لممارستها هي من جرائم التعازير وليست حدوداً.وهذا في تقدير خلطاً مشيناً ماكان ليصدر من أحد ولاة المسلمين وفي قناة فضائية يشاهدها العالم الإسلامي كله . علي أن ما رسخ في أذهاننا جهل أئمتنا وولاة أمورنا بمباديء الشريعة الإسلامية هو خطاب الأخ رئيس الجمهورية في ولاية القضارف إحتفالاً بأعياد الحصاد وحينما نظر الناس في رجاء وإشرأبت رؤوسهم في أمل وإلي خطاب يزرع في قلوبهم الأمل ويتسق وجلال المناسبة ومعناها بعد أن غلب الشعب علي أمره بعد أن إجتاحهم طوفان الأسعار والفقر المدقع حتي تبدد ذلك الأمل وأصبح هشيماً تذروه الرياح عندما تخللت الخطبة فتاة الفيديو وصرح رئيس الجمهورية عبر الفضاء العريض أن تلك الفتاة المغلوب علي أمرها إرتكبت حداً يوجب العقوبة وإستنكر لجان التحقيق التي قام بتشكيلها رئيس القضاة ووزير الداخلية في تلك الحادثة ولماذا تشكل لجان في حادثة الفتاة طالما أنها قد تم القبض عليها بواسطة الشرطة وتمت محاكمتها أمام المحكمة .مضيفاً أن الشريعة الإسلامية سيتم تطبيقها في الشمال إذا وقع الإنفصال وسيتم القطع من خلاف ومن مفصل الكف وكأنما سنت الشريعة والحدود للتهديد والتنكيل وما دري الأخ الرئيس أن العقوبة الحدية هي للتطهير من الذنب :\" ياعمر إنها تابت توبة لو وزعت علي أهل الأرض لوسعتهم جميعاً\". ومرة أخري تصيبنا الدهشة ومعنا العالم الإسلامي وكأن لسان حالهم يقول :\" أنظروا هذه هي الدولة التي تطبق الشريعة الإسلامية ورئيس دولتها لايفرق بين العقوبة التعذيرية والعقوبة الحدية ..ولا يدري الأخ رئيس الجمهورية أن الشريعة الإسلامية هو القانون المطبق الآن وليس هنالك من حوجة لإعادة تطبيقه. كان من الأوفق للأخ رئيس الجمهورية والأخ والي ولاية الخرطوم وهم رعاة للمسلمين ومسئولين عن رعيتهم يوم الحساب يوم لا ينفع مال ولا بنون الترفع عن الخوض في عرض هذه الفتاة المسكينة وهتك سترها وإتهامها بإرتكاب حد من حدود الله وهي بريئة منه والإلتفات إلي أمر الرعية كيف ينامون ملْ جفونهم وتصم آذانهم عن صرخات الجياع والمعوزين من أبناء هذا الشعب الذين حرموا من خيرات هذا الوطن العزيز وإستأثر به الحكام وحاشيتهم ؟؟؟ خاتمة القول علي الأخ رئيس الجمهورية والأخ والي ولاية الخرطوم مراجعة الجيش الجرار من المستشارين القانونيين الذين تثقل جيوبهم وأرصدتهم المخصصات المالية التي تخصص لهم من أموال هذا الشعب المسكين وعجزوا بجهل أو قصد عن تبصيرهما بالفرق بين العقوبات الحدود والقصاص والتعازير وأن يتوبا إلي الله توبة نصوحة جراء ما إقترفا من الإثم عندما رميا إمرأة مسلمة وخاضا في عرضها بإرتكابها حداً وأذكرهما بحديث هلال بن أمية الذي رمي شريك بن شحماء بالزنا بإمرأته فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم :\" البينة أو حد في ظهرك\". وأذكرهما بقول الله تعالي :َالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور ) وربما كان هذا المقال مدعاة لإلغاء كل القوانين التعسفية التي تسمي عرضاً ((قوانين النظام العام والتي تحط من قدر الإنسان الذي كرمه الله تعالي وإختصه بامانة التكليف وعلينا الإرتقاء فوق الفهم الخاطيء الذي يعد المرأة في مجتمعنا هي أس الإنحلال والتفسخ الأخلاقي لأن المراة التي تتبع أسهل الطرق للإنحراف تجد دائماً رجلاً بشجعها علي سلوك ذلك الطريق المعوج. وعلي ولاة الأمور ومن إتخذوا من حادثة ووقائع فتاة الفيديو مادة للتكيل بمن يخالفه الرأي أن يسموا بعقولهم فوق سب هذه الفتاة وأنها فعلت ما فعلت وتستحق ماحدث لها أو إنها إرتكبت حداً وجلدت تعذيراً أو إنها ظلمت وأن النظام الإإنقاذي يمارس القهر والتسلط علي نساءنا فما حدث عظيماً ويسموا فوق التفكير الضعيف والفج نحو العمل علي تحسين صورة النظام أو إتخاذ الحادثة وسيلة لإنتقاد النظام فما حدث هو أن فتاة من أسرة محافظة إنزلقت إلي طريق وضعها في مواطن الشبهات ولنعد بذاكرتنا إلي السنة الثامنة من الهجرة النبوية يوم فتح مكة وبيعة هند بنت عتبة للرسول الكريم بيعة النساء أن لايسرقن ولا يزنين فقالت هند: ((أو تزني الحرة يا رسول الله؟؟)) ....الحرة سادتي تجوع ولا تأكل بثديها..ولا يخفي علي الجميع أن الفقر المدقع والغلاء الطاحن هو ما يدفع بناتنا للإنحراف. ياولاة الأمور أنظروا لرعاياكم وتخلوا عن صولجان السلطة والنفوذ ومحاباة أنفسكم والمحاسيب وضعوا المال العام الذي هو مال المسلمين في مصارفه الشرعية ودعونا من مقولة : (( هذا مالكم وهذا أهدي إلي )) ..فإنكم مقبلون مقبلون علي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم ..وحينها لن يجد شرطة النظام العام فتاة ليجلدوها. ألا هل بلغت اللهم فاشهد. عمر موسي عمر عبدالله المحامي الخرطوم