بالمنطق العُقدَة والجِنِّية...!!! صلاح عووضة ٭ والعُقدة التي نعنيها في عنوان كلمتنا هذه ليست العقدة تلك ذات الموقع الجغرافي بشمال البلاد ولكنها قدتفيدنا فيما نحن بصدده اليوم.. ٭ ووجه الفائدة التشبيهية هذه هو في المفردة الأخرى التي بعنوان كلمتنا كذلك.. ٭ فمنطقة العقدة المذكورة كان بها لاعب كرة بفريقها ملقب ب(الجِنِّية).. ٭ وسبب اللقب هذا هو اسلوب في اللعب عجيب من تلقاء هذا اللاعب.. ٭ فهو رغم مهارته الدفاعية يضحى أحياناً مثل الثور في مستودع الخزف حينما يهيج.. ٭ أو يضحى (سلاحاً ) ذا حدين.. ٭ فهو - مثلاً - قد يطيح بلاعبٍ خصم إلى خارج الملعب إثر مخاشنة ذات (هياج).. ٭ ولكنه قد يطيح أيضاً بلاعبٍ زميل إثر مخاشنة مماثلة غير مقصودة.. ٭ وهو قد يُحرز هدفاً (استروبياً) في مرمى الخصم بركلة (هائجة) من شاكلة التي توصف بأنها (أي كلام).. ٭ ولكنه قد يحرز كذلك هدفاً مشابهاً في مرمى فريقه نفسه بعد أن (تقلش) إحدى ركلاته الهائجة هذه.. ٭ وعقب كل فعلٍ (عكسيٍّ) من تلقاء (الجنِّية) كان الناس يتهيأون لسماع صيحةٍ لاتقل هياجاً.. ٭ صيحة تعبِّر عن الدهشة الممزوجة بشيء من الأسف والأسى والندم.. ٭ وقد تكون أحياناً جماعيةً الصيحةُ هذه لترتج جنبات الملعب كلها بدويِّ: (إييي طُرُّررررش).. ٭ والعقدة الأخرى التي نعنيها بها أشباه للاعبنا هذا الملقب ب(الجِنِّية).. ٭ إنها العُقدة النفسية التي قد يُصاب بها شخصٌ فيضحى قابلاً لل(هياج) إزاء كلما يرى أنه ينتقص من (كمالٍ) تهفو إليه أشواقه.. ٭ والكمال هذا قد يكون شكلاً، أو جنساً، أو انتماءً، أو هويةً، أومكتسبات اجتماعية.. ٭ و(هياج) منبر السلام العادل في بلادنا الآن هو بدافعٍ من تشوّقٍ إلى الكمال (العروبيِّ) الذي لايتأتى - حسب ظن أنصار هذا المنبر - إلا بإزالة (الشوائب!!) كافة التي تقف في طريق تحقيق الكمال المنشود.. ٭ الشوائب المتمثلة في قوميات سودانية لا تجري في عروق أفرادها الدماء العربية.. ٭ وإذ يبتهج أعضاء هذا المنبر منذ الأمس - إلى حد الجنون - فذلك لأن الاستفتاء الجاري الآن سوف (يخلِّصهم) من أبناء الجنوب ذوي الأصول غير العربية.. ٭ وتماماً مثل (الجِنِّية) يضحى المنبر هذا كالثور في مستودع الخزف.. ٭ فقد سبق أن حذَّرنا كثيراً - ومنذ سنوات عديدة - من خطورة (إنفراط!!) حبات عقد نسيج بلادنا متى ما (فرّطنا!!) في الجنوب.. ٭ متى ما سمحنا لهذا العقد بأن ينقطع.. ٭ متى ما تسببنا في (هتك!!) بعضٍ من هذا النسيج.. ٭ وأشرنا بالاسم إلى دارفور بحسبانها المنطقة (المرشحة) التالية إذا ماذهب الجنوب.. ٭ ونذرٌ من هذا الذي حذَّرنا من وقوعه بدأت تلوح في الأفق الآن، ولمَّا يفرغ أبناء الجنوب بعد من عملية الإستفتاء.. ٭ فقد أشار السيناتورت جون كيري (صراحةً!!) - خلال كلمته بجوبا - إلى أن اهتمام أمريكا التالي سوف ينصب على دارفور.. ٭ وأشار كذلك نفرٌ من قادة حركات دارفور - قبل أيام - إلى رغبةٍ من تلقائهم في اتفاقٍ يتضمن حق تقرير المصير.. ٭ وليس أمام عروبِّيينا ذوي (العُقد) إلا (مباركة) مثل هذه الخطوة الدارفورية أيضاً إنطلاقاً من رغبتهم (الهائجة) في (التنظيف!!) العرقي.. ٭ ثم لايتبقى لهم بعد ذلك إلا الهدندوة والبجا والأمرأر في الشرق.. ٭ والنبويون في الشمال.. ٭ ويبقى السودان عربياً (خالصاً) في مساحة مثلث حمدي.. ٭ وبعد أن (يخلِّص!!) منبر السلام على السودان وموارده وبشره وامكاناته نتخيّله وقد فكر في احتفال (عروبيِّ) بهيج بهذا الإنجاز.. ٭ نتخيَّله يفكر في ذلك بعد أن فعل في بلادنا ما كان يفعله (الجِنِّية) في فريقه.. ٭ ويجنح بنا الخيال (المنطقيِّ!!) نحو دولة عربية (كاملة الدسم) يشد إليها منبر السلام الرحال من أجل الاحتفال المذكور.. ٭ وبعدأن يفرغ أعضاء المنبر من الإحتفال المشبَّع بكلمات الغزل في العرب والعروبة والعربية، يُفاجأون بمن يصيح: (إيش يقولون هادول السوادنة؟!!).. ٭ وحينها يصيح (الجِنِّية): (إييي طُرُّررررش). الصحافة