تراسيم.. الدبابون.. مهمة جديدة!! عبد الباقي الظافر يحكي الراوي في يوم كريهة بجنوب السودان أصاب جند الدفاع الشعبي ظمأ شديد .. الماء يجري أمامهم سلسبيلا.. ولكنّ العدو يترصّدهم من أعلى التلة.. بعد ترقب طويل يصيح الذي بأعلى الجبل\" اشربوا فقد رُفع القتال حتى ترتووا\".. ويندفع مجاهد واحد لزوم اختبار نوايا العدو.. ثم آخر وآخر.. والبنادق في صمت عجيب.. المستمع الحصيف يقول للراوي ولكن هذه إحدى كرامات العدو . في العام 1997م يصرّح الأستاذ الطيب مصطفى من مقعده كمدير للتلفزيون القومي أنّه لن يذرف دمعة إن انفصل الجنوب.. المجاهدون يكتبون عريضة احتجاج شديدة اللهجة.. ثمّ يبحثون عن رجل رشيد يبلغ غضبهم للخرطوم ولا يجدون إلا المجاهد بحر ابو قردة.. وبحر اليوم مطلوب من الخرطوم باعتباره متمرداً يحمل السلاح في دارفور. وبشريات من الدوحة تؤكد أن السلام في دارفور صار قاب قوسين أو أدنى ..التسوية تمنح دارفور سلطة إقليمية ذات صلاحيات واسعة بالإضافة لمنصب نائب الرئيس.. وذات المصادر تقول إن السيّد عبد الواحد محمد نور الذي أطلق أول رصاصة في دارفور في طريقه للدوحة للالتحاق بركب السلام القادم . في هذا التوقيت تخرج الزميلة السوداني بمانشيت \"الدبابون يتوجّهون إلى دارفور\".. ومتن الخبر يفيد بمهمة عسكرية جديدة لمتطوعي الدفاع الشعبي في أرض القرآن.. ويوم السبت الماضي تجمع قوات الدفاع الشعبي بالخرطوم وترفع التمام إلى القيادة السياسية.. بمعنى أنّ الحكومة حددت بوضوح جبهة القتال القادمة. المهمة الجديدة لقوات الدفاع الشعبي ستكون صعبة، وذات خسائر سياسية فادحة.. دارفور تشهد نزاعاً قبلياً بين مكوناتها المختلفة.. في مثل هذه الأجواء استنفار مدنيين لأي أعمال عسكرية.. قد يجعل المهمة تضل طريقها.. وتصبح الحكومة كمن يوزع السلاح على قوات قبلية متناحرة. ذات الاستراتيجية قد تمّ تجريبها من قبل في دارفور.. بل بآليات أفضل من التجييش الشعبي.. فقد اعتبرت الحكومة الذين قدموا لها النصرة قوات عسكرية رسمية.. لها مخصصات مالية وملفات خدمة مستديمة.. رغم توفيق الأوضاع فقد اعتبرتها أطراف عديدة في دارفور مليشيا لها أجندة قبلية. دارفور هذه أرض سكانها مسلمون.. بل إنّ التدين الشعبي في دارفور أعمق بكثير من أنحاء أخرى في السودان.. جل الذين كانوا يستجيبون للنفرات الطوعية العسكرية هم من أهل دافور.. عليه ليس من اليسير استقطاب عدد كبير من المتطوعين لهذه المهمة الجديدة.. الذين سيلبون النداء ستكون لهم أجندة في دارفور. التوقيت مختلف جدا.. دارفور الآن محل اهتمام دولي كبير.. بها قوات أممية ومنظمات إنسانية.. أي اشتعال جديد للعنف يمكن أن يرتد لنحر الحكومة ذاتها.. ويتكرر سيناريو تدويل العدالة.. ويجد السيد أوكامبو أمامه سيناريو جاهز لا يضع عليه إلا خاتمه الشخصي. صحيح أن من أوجب واجبات الحكومة تحقيق الأمن والسلام.. ولكن بعد عشرين عاما من الحكم يجب أن تُناط هذه المهمة الصعبة لقوات قومية محترفة نالت قسطاً كبيراً من التدريب.. ولا يكون الأمر مهمة طوعية بدوام جزئي . على الحكومة أن تشتري السلام مهما كان غالياً فالحرب ثمنها أغلى التيار